الشهيد له منزلة عظيمة عند ربه عزَّ وجلَّ، وذلك لأن مقام الشهادة من أعلي المقامات لأنها اصطفاء واجتباء واختيار، قال تعالي: “ولما يعلم الله الذين آمنوا منكم ويتخذ منكم شهداء” وقال تعالي: “ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون” سورة البقرة، ويقول: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون”.
ولقد أكرم الله الشهيد بمنح عظيمة وبشفاعة مخصوصة له في أهل بيته، ولقد بشَّر رسول الله الشهيد فقال: “للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع علي رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوَّج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُشَفَّع في سبعين من أهله في الآخرة” رواه الترمذي. والشهيد صفقته مع الله مضمونة الربح بمجرد الوفاء منه ببذل النفس والوعد الحق من الله جزاء ذلك هو الجنة، يقول سبحانه: “إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن”.
ويوم الشهيد هو يوم الوفاء والعرفان ورد الجميل لهم واجب في اعناقناجميعا لأن الله تعالي قال في حقهم: “والشهداء عند ربهم لهم أجرهم” سورة الحديد، وقال: “ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا” سورة النساء.
والشهيد هو من اعتنق الحق وضحي في سبيله وبذل دمه ليروي شجرة الحق به، والشهيد الذي يأبي الدنيَّة ويرفض المذلة والهوان ويقاوم من يحاول أن يستولي علي ماله أو متاعه، والشهيد هو الذي يذود عن أرضه وعِرضه ووطنه، فليس الوطن والعِرض أقل خطرا ومكانة عند المسلم من نفسه ودينه ومتاعه، فقال- صلى الله عليه وسلم- من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عِرضه فهو شهيد، أو دون دمه أو دون دينه أو دون وطنه فهو شهيد، وقال أيضا: “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله”.
فوفاء بحق شهدائنا الأبرار من رجال قواتنا المسلحة الباسلة ورجال شرطتنا الوطنية البواسل، أقول لأرواحهم الزكية الطاهرة: يوم الشهيد تحية وسلام، بك والنضال تحرر الأيام.