كتبت- مروة غانم:
أكد د. أحمد عيد الشواف- مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر- أنه لا ينبغى للمجتهد أن ينظر فى المسائل الفقهية نظرة تقليدية، ولكن عليه أن يواكب التطورات المتلاحقة، جامعا بين الأصالة والمعاصرة فى الفقه الاسلامى، مؤكدا أنه يجب على الفقهاء والمجتهدين ألا يستقلوا بالفتوى عن أهل الاختصاص، خاصة فى مجالات الطب والتجارة والصناعة والزراعة لقوله تعالى: “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” موضحا أن أهل الذكر هم أهل الاختصاص فى كل فن. جاء ذلك فى البحث الذى ساهم به فى المؤتمر الدولى الذى نظمته كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بالاسكندرية، اليومين الماضيين وقد حصل على استحسان وقبول اللجنة العلمية التى ناقشته فى المؤتمر واعتبرته بمثابة نقلة فى الاجتهاد المعاصر, والبحث يحمل عنوان “أثر التطورات الطبية على المجتهد فى معرفة علل الفروق الفقهية”.
وسرد الباحث بعض الآراء الفقهية التى أخذت بالرأى الطبى فى كثير من المسائل منها ما يتعلق بعملية إجهاض الجنين، حيث ذكر قول الإمام السرخسى: (كل سقط لم يستبين شئ من خلقه لا تنقضى به العدة لأنه ليس له حكم الولد بل هو كالدم المتجمد), وألقى الضوء على رأى الإمام الشافعى- رحمه الله- حيث قال: (يمتحن بالماء الحار فإذا ذاب فيه فهو دم وإن لم يذب فهو ولد، ولكن من باب الطب لا من باب الفقه)
كما تعرض الباحث لقضايا طبية كانت الشريعة الاسلامية قد أدلت فيها بدلوها منذ آلاف السنين ورغم ذلك نالها من التشكيك الكثير، وجاء العلم الحديث وانحاز لما قالته الشريعة الاسلامية، مثل: الطهارة من بول الطفل الرضيع والرضيعة الأنثى، حيث أثبت العلم الحديث أن بول الطفلة الرضيعة يحتوى على ميكروبات تزيد عشرات المرات على ميكروبات الذكر الرضيع، لذا وجب الطهارة منه، وكذلك الحال بالنسبة للعاب الكلب وتطهير الإناء منه حيث أثبتت التجارب العلمية أن لعاب الكلب يحتوى على نوع من الدودة لا يزول أثرها إلا بالتراب، وهذا ما قال به النبى صلى الله عليه وسلم وأمر بغسل الإناء سبع مرات إحداهن بالتراب لتطهيره من لعاب الكلب، وتلك المادة الوجودة فى التراب لا توجد فى أى من المنظفات الحالية ولو تم غسله عشرات المرات بأفضل أنواع المنظفات.
وأوضح الباحث أنه لا تناقض فى الفقه الاسلامى كما يتهمه البعض، وان الشريعة جاءت على وفق العقول السليمة والفطر المستقيمة، كما شدد على ضرورة أن يجمع المجتهد فى المسائل الفقهية بين فهم النص من كتاب أو سُنة أو كلام الأئمة وبين فهم الواقع الذى يتنزل عليه النص.
وأوصى الباحث جميع الباحثين بضرورة العناية بالتطورات الطبية التى توضح الفروق بين الآراء الفقهية لما لها من أثر كبير على الفقه الاسلامى.