شبهاتهم جميعها تجسد حقدهم على الإسلام وجهلهم العلمى الفاضح
القرآن يقف كالطود الشامخ فى وجه افتراءات كاذبة وأقاويل واهية بلا دليل
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
حوار : مروة غانم
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أكد الدكتور عبد الفتاح العوارى العميد السابق لكلية أصول الدين، وعضو مجمع البحوث الاسلامية، وعضو المجلس الأعلى للشئون الاسلامية، أن الشبهات التى يثيرها المستشرقون ضد القرآن الكريم قديما وحديثا مأخوذة من روايات واهية اشتملت عليها بعض كتب المسلمين، ذكروها فى كتبهم بحسن نية، فأخذوها وزادوا عليها فضلا عن تركيزهم على الروايات الضعيفة ونقلهم المشكوك فيه وتركهم للروايات القوية، وسكوتهم عن الصحيح الصريح.
وشدد العوارى على أن السهام التى صوبها أعداء الاسلام إلى القرآن الكريم سهام غير صائبة وتلفيقات مزورة بدليل بقاء القرآن كالطود الشامخ الذى لا تزحزحه عن مكانه الرياح والأعاصير، فضلا عن تهيئة الله عزوجل له الأسباب الداعية إلى حفظه وصيانته من التحريف والتبديل، مالم يتهيأ لكتاب غيره.
فى هذا الحوار نعرض أبرز الشبهات التى يروجها المستشرقون قديما وحديثا حول القرآن الكريم، ويرد عليها الدكتور العوارى بالدليل العلمى والبرهان القاطع، فإلى نص الحوار:
جمع القرآن
- تعد قضية جمع القرآن وكتابته من أشهر الشبهات التى يطعن بها المستشرقون فى كتاب الله ويستدلون فى ذلك بقول الله تعالى: “سنقرؤك فلا تنسى إلا ما شاء الله”، وكذلك قولهم: نسيان النبى لبعض الآيات وموت حفظة القرآن فى بعض الغزوات، فهذه الشبهة تعنى أن القرآن قد سقطتت منه بعض أياته، فما ردكم؟.
** هذه الشبهات مردود عليها بفضل الله وهى باطلة تمام البطلان، فقول الله عزوجل: “سنقرؤك فلا تنسى إلا ما شاء الله” تعنى أن عدم نسيان النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما هو محض فضل من الله وإحسان إلى نبيه ولو شاء الله لأنساه، ولا تعنى أن النبى قد نسى بعض الآيات فهذا تفسيرهم المريض والخاطىء، وفى ذلك أيضا بيان للناس أن نبيهم فيما خصه الله به من العطايا والخصائص لم يخرج عن دائرة العبودية، فلا يفتنون به كما فتن النصارى فى المسيح بن مريم.
أما القول بأنه ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال عندما سمع أحد الصحابة يقرأ القرأن فقال: “رحمه الله فقد أذكرنى كذا وكذا” فهذا النوع من النسيان لا يزعزع الثقة بالنبى ولا يشكك فى دقة جمع القرآن ونسخه، فالنبى كان قد حفظ هذه الآيات من قبل أن يحفظها ذلك الرجل ثم استكتبها كتاب الوحى وبلغها الناس فحفظوها.
وبالنسبة لشبهة موت الكثير من حفظة القرآن فى الغزوات، فهذا صحيح لكن كان هناك أحياء يحفظون كتاب الله عن ظهر قلب فكما استشهد بعض الحفظة ظل البعض الآخر على قيد الحياة يحفظون كلا م الله كما أخذوه عن نبيهم، ويحفظونه غيرهم، ومعلوم أن أبا بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم كانوا من حفظة كتاب الله وقد عاش هؤلاء حتى جمع القرآن فى الصحف ومنهم من عاش حتى نسخ فى المصاحف.
إنكار المعوذتين
- هناك شبهة أخرى يدعيها هؤلاء وهى أن القرآن كما حصل فيه نقص عند الجمع، حصلت فيه زيادة ويستدلون بإنكار ابن مسعود للمعوذتين وعدم كتابته للفاتحة فى مصحفه، وقوله بأن فى القرآن ما هو كلام أبى بكر وعمر فما ردك؟
** هذا الكلام لم يصح عن ابن مسعود بل هو كذب عليه وموضوع، بل صح عن ابن مسعود نفسه قراءة عاصم وفيها المعوذتان والفاتحة، أما القول بإسقاطه الفاتحة فى مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن ـ معاذ الله ـ ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان.
غاب عنهم الصواب
- بما ترد على زعم بعض غلاة الشيعة أن عثمان ومن قبله أبو بكر وعمر حرفوا القرآن الكريم وأسقطوا كثيرا من أياته وسوره؟.
** هذه اتهامات مجردة عن السند والدليل وكانت لا تستحق الذكر، لولا أن رددها بعض الملاحدة وربما يخدع بها بعض المفتونين، ويكفى فى بطلانها أنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يقيموا عليها برهانا، كما يكفى أن بعض علماء الشيعة تبرأ من هذا السخف ولم يطق أن يكون منسوبا إليهم أو هو منهم، فعزوه إلى بعض من جمح بهم التفكير، وغاب عنهم الصواب.
من الأوهام
- معلوم أن الصحابة كانوا يكتبون القرآن على الحجارة وسعف النخل والعظام خوفا عليه من الضياع، ولهذا شكك الحاقدون فيه وادعوا أن به زيادة ونقصان، فما قولك فى هذا الافتراء؟
** كتابة القرآن على الحجارة والسعف والعظام وبقاء جانب كبير منه محفوظا فى صدور الرجال لا يلزم فيه مشكلة واحدة، فضلا عن عدة مشاكل، إنما هو وهم من الأوهام تخيلوه فخالوه، بدليل أنهم لم يذكروا سندهم فيما ذهبوا إليه من هذا الشطط، كما أن العرب كانت تصطفى من أنواع الحجارة الموفورة عندهم نوعا رقيقا يكون كالصحيفة يصلح للكتابة والبقاء أشبه بما نراه اليوم بالكتابة المنقوشة على الجبس، كذلك سعف النخل فقد كانوا يكشطون الخوص ويكتبون فى الجزء العريض منه بعد أن يصقلوه ويهذبوه.
غرائب ومناكير
- هناك بعض الروايات التى يروج لها هؤلاء المستشرقون تنسب لكبار الصحابة كعمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبو موسى الأشعرى، يوحى ظاهرها بسقوط شيء من القرآن، فما حقيقة هذه الروايات؟.
** فى حقيقة الأمر أن أغلب هذه الروايات باطلة ولم يصح منها شيء، وانما هى غرائب ومناكير رواها الذين أولعوا بها، وليس أدل على بطلانها من رواية: “أكاد أخفيها من نفسي” فهل يعقل أن يخفى الله شيئا من نفسه، وكذلك رواية عن علي رضى الله عنه وهى قوله فى سورة العصر: “والعصر ونوائب الدهر” فهل يعقل أن يدعى علي ـ رضى الله عنه ـ شيئا يرى أنه من القرآن ثم لا يثبته؟، ولا سيما أنه قد آلت إليه الخلافة وصار صاحب الكلمة النافذة بين المسلمين، فهذا بهتان.
مصحف بنى أمية
- وبما ترد على ادعائهم بقيام الحجاج بن يوسف أنه لم يبق مصحفا إلا جمعه وأسقط منه أشياء كثيرة وزاد أشياء أخرى نصرة لبنى أمية، كما ادعوا أنه كتب ستة مصاحف جديدة بتأليف ما أراده ووجه بها الى مصر والشام ومكة والمدينة والبصرة والكوفة وهى القرآن المتداول اليوم؟.
** هذا محض افتراء وكذب نسبوه للحجاج لا برهان لهم ولا دليل على كلامهم هذا، وها هو التاريخ فليأتوا لنا منه بسلطان مبين، فلو صح وفعل الحجاج ذلك لنقل إلينا متواترا لأن هذا مما تتوافر الدواعى إلى نقله، وكيف يفعل ذلك الحجاج والأمة كلها تقره وأئمة الدين الموجدون فى عهده يسكتون ولا ينكرون ذلك ولا يدافعون عن كتاب ربهم: “إن هذا إلا اختلاق” فكل ادعاءات المستشرقين حول كتاب الله للطعن فيه وعدم الأخذ به وتفريق المسلمين وإبعادهم عن دين ربهم، لكن هيهات أن يتحقق لهم هذا، فالله حافظ كتابه وناصر دينه إلى أن تقوم الساعة.