أيام قليلة ونستقبل الشهر الكريم الذى ننتظره جميعا من العام إلى العام، ولى عندكم سؤال ثم سأقدم لكم بُشرى جميلة، وسؤالى: بماذا تستقبلون شهر الخير والرحمات، شهر اليمن والبركات، شهر الغفران والعتق من النيران؟ وأقول ذلك لأنى سمعت من إحداهن أنها أعدَّت جدولا لتنسيق عزومات الشهر كاملا، وتساءلت: وهل سيبقى بعد كل هذا الجهد والوقت الذى يذهب بلا رجعة أى وقت للعبادة والتقرب إلى الله؟! فكان الرد غريبا فقد قالت: وهعمل إيه؟ مش هو ده الوقت اللى بشوف فيه أهلى وأصحابى وبتجمع معاهم؟! واعجبا يا الله، أليس طوال العام متسع كاف لذلك، لماذا نتفنن فى تضييع الشهر الكريم فيما لا يجدى؟ من الممكن جعل يوم أو يومين لهؤلاء جميعا ثم نغتنم كل دقيقة فى ذكر لله تعالى أو قرآن نتلوه بتدبّر لينوّر لنا قبورنا أو صدقة نتصدّق بها تكون لنا ظِلا يوم القيامة نتقى بها من حرِّ الشمس، أو صلاة تراويح نتقرب بها إلى الله ونتمتع بالدعاء فيها وتخشع جوارحنا فتسيل الدموع لتنقّى قلوبنا من القسوة ومن المعاصى، فنتقرب عندئذ إلى الرحمن ليرحمنا فنشعر بحلاوة الإيمان والقرب من نور يتلألأ ومشاعر فياضة تتجه نحو السماء فنشعر بمعية الله وبركاته علينا، ونتقرب إلى الله بعمل صالح مخلص صادق مستتر لله وحده قد يكون سببا فى دخول الجنة، ولا أخفيكم سرًّا أن الصلاة على الحبيب المصطفى فى كل يوم ألف مرة سببا فى الفوز بجنة الرحمن فقد قال النبى (من صلَّى عليَّ فى كل يوم ألف مرة لم يمت حتى يُبَشَّر بالجنة)، لذا أدعوكم من اليوم بتقديم عهد مع الله بالمحافظة على شهر الخير الوفير والفوز بالجائزة من رب العالمين، نعم جائزة ففى نهاية الشهر بعد التعب والعبادة الخالصة نفوز بالعتق من الرحمن بل قولوا نفوز بجنة عرضها السموات والأرض لمن صلح عمله وفعله وأخلص لله وحده كل ذلك، أما البُشرى الجميلة فقد علمت أن الله تعالى أخبرنا فقال: (فما ظنّكم بربّ العالمين) وأنا ظنّى فيك يا رب جميلا، ظننا جميعا أنك سترحمنا وستغفر لنا لأنك أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وقد أكرمتنا فهديتنا، وعصيناك فسترتنا، وقدمنا إليك فقبلتنا، وندعوك الآن فاستجب لنا كما وعدتنا، وبلّغنا ليلة القدر واجعلنا فيها من عتقائك من النار واجعلنا من المقبولين الفائزين واجعلنا من ورثة جنة النعيم، واغفر لنا ما قدمنا من الذنوب والخطايا واعصمنا فيما هو آت، اللهم اكتبنا من الشاكرين الحامدين المخلصين لك يا رب العالمين.
وإليكم البُشرى الأخرى لقد وعدنا الله تعالى ألا يعذبنا إذا كنا من المؤمنين الشاكرين لنعمائه فقال: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما)، ولكن أذكّركم بأن شكر النعمة يحتاج إلى عمل، فمثلا شكر نعمة الصحة يكون بالصلاة والعمل التطوعى لله ومساعدة الغير وقضاء حوائج الناس، لذا أبشروا فالله أصدق القائلين وإذا وعد فإنه لا يخلف وعده أبدا، فاللهم إنا نشكرك ونحمدك حمدا يليق بعظمتك وقدرك، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا إلى أن ترث الأرض ومن عليها، وسامحنا يا مولانا إن كنا مقصّرين أو كنا عنك غافلين، فإنا الآن نادمين تائبين وإلى رحابك عائدين، سامحنا يا رب العرش العظيم فإنك غفور رحيم، سامحنا يا الله.