د. منير القادرى: نشر المحبة والتسامح.. خير دعوة للإسلام
كتب مصطفى ياسين
رفع المشاركون فى الملتقى العالمي للتصوف، برقية شكر وولاء إلى جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على رعايته للملتقى العالمي للتصوف في نسخته ال 18، تحت شعار “اﻟﺘﺼﻮف واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ من أجل تأسيس مواطنة شاملة”، ودعمه لجهود الدعوة الإسلامية والمنهج الصوفى، داخلياً وخارجيا، ونشر الإسلام الوسطي فى ربوع العالم أجمع، والقارة الأفريقية خاصة.
تلا البرقية د. منير القادري بودشيش، مدير الملتقى، داعين لوضع ميثاق قيمي عالمي حول المواطنة الشاملة بصيغتها الكونية التي تراعي خصوصيات المجتمعات المعاصرة، وفق ما تقتضيه أحوال التنوع التي تنبني عليها، ضمن سياق قيمي إنساني تشاركي يضمن التعايش للجميع وفق أساس من الاحترام المتبادل.
جاء ذلك فى ختام فعاليات أسبوع كامل من المناقشات والمداخلات فى جلسات الملتقى العالمي للتصوف، من خلال تنظيم جلسته الختامية، والتي شهدت حضور، مولاي د. جمال الدين القادري، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، وعدد من المسؤولين والعلماء والأكاديميين والضيوف من داخل المغرب وخارجه، وألقيت التوصيات باللغة العربية بواسطة د. أسماء المصمودى، وباللغة الفرنسية بواسطة د. سمير الحلوى.
وطالبوا بضرورة تطوير قطاع الإعلام بكل أنواعه وأقسامه للانخراط في نشر القيم الدينية والوطنية البانية للتنوع والتعايش، مع ضرورة استثمار منصات التواصل الاجتماعي من أجل خلق حالة من الوعي لدى الشباب وتحليتهم بهذه القيم.
وأكدوا على ضرورة إفساح المجال أكثر للقيم الدينية والوطنية في بناء شخصية المتعلمين في مجال التعليم وفق رؤية متجددة ومستشرفة للآفاق، لما لذلك من آثار على التنمية وانخراط الشباب الإيجابي في بناء المجتمع.
داعين لتعزيز أواصر التعاون بين الطرق الصوفية لتمتين جهودها في توجيه المجتمع وتحليه بالقيم الدينية المؤسسة للتدين الوسطي المعتدل الذي يجمع بين القيم الدينية والوطنية. وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني على الانخراط الجاد والفاعل في ترسيخ القيم الوطنية عبر مشاريع عملية وواقعية تراعي البعد الوطني والتنموي.
وأكدوا على وجوب الإسهام في ألا تصير الأديان أدوات للفرقة وسببا للتمييز بين خلق الله ومبررا لبث خطاب الكراهية في المجتمعات التي باتت متعددة الثقافات والأديان أكثر من أي وقت مضى.
كلام العلماء
وعرفت هذه الجلسة إلقاء كلمات ممثلي الوفود المشاركة للعلماء والباحثين من مختلف القارات، بإدارة د. عبدالرزاق التورابى، فقال د. عبدالفتاح العوارى، عضو مجمع البحوث الإسلامية: حبذا لو أن كل شخص ترجم هذه التوصيات او احدها فى حياته؟ فما احوجنا لها لتغيير حياتنا إلى الأفضل سلوكاً ومنهجا؟!
وأكد د. محمد عمر باعلوى، عميد برنامج الدراسات الشرعية بالصومال، أننا نحتاج لمثل هذه المؤتمرات والندوات نتعلم ونتدارس
واشار د. فوزى الصقلى، رئيس ملتقى فاس، إلى أن الله خلق الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا وأن أكرمهم عند الله اتقاهم، وأنه لولا دفع الله الناس بعضهم لبعض لهدمت صوامع وبيع يذكر فيها اسمه، وأنه سبحانه جعل لكل منا شرعة ومنهاجا، فعلينا أن نستبق الخيرات، وهذا ما تفعله الصوفية اليوم ويتطلب أن بدعمها الجميع.
وتمنى د. ارشد محمد، مفتى جنوب أفريقيا، تطبيق هذه التوصيات والتنسيق بين جميع الطرق الصوفية في العالم أجمع.
وقالت د. ثريا عيوش، استاذة علم النفس بفرنسا: نحتاج لمثل هذه المؤتمرات والتوصيات لإقرار السلام النفسي والاجتماعي فيما بين الإنسانية جمعاء
واستعرض د. بسمار أنطونى، بلجيكا، مدى احتياج الغرب لمثل هذه المؤتمرات والقيم الأخلاقية والإنسانية التي يزخر بها الإسلام ويستطيع التصوف أن يقدمها، مطالباً بضرورة تكاتف كل الطرق الصوفية للقيام بدورها وواجبها الدينى قبل الإنسانى فى إخراج البشرية من ظلامها إلى نور الحق واليقين.
أشار د. عبد اللطيف أديمولا مغاجي، ممثل صوفية نيجيريا وخريج جامعة القرويين، ومؤسسة دار الحديث الحسنية، إلى أن العالم بحاجة ماسة لتوحيد الجهود الصوفية والدعوية لإقرار السلام ونبذ العنف والكراهية وإنهاء الحروب والصراعات.
تخللت الجلسة الختامية وصلات من السماع والمديح الصوفي لمسمعين من داخل المغرب وخارجه، وعرض عدة أشرطة متنوعة منها شريط يوثق لأنشطة الملتقى لهذه السنة.
على الطريقة البودشيشية
كانت “القادرية البودشيشية” قد أحيت ذكرى ليلة ميلاد خير البرية، سيدنا رسول الله، صل الله عليه وآله وصحبه وسلم، ب”طريقتها” الخاصة والمميزة لها، بتلاوة آيات الذكر الحكيم وإنشاد المدائح النبوية والمواجيد البودشيشية طوال ليلة الخميس حتى صلاة فجر الجمعة، بمقرها بمنطقة مداغ، بركان، الجهة الشرقية من المملكة المغربية، وسط حضور كثيف تجاوز الثلاثة آلاف من المسئولين والبرلمانيين والمريدين والمحبين لرسول الله وآل بيته، من مختلف دول العالم، يتقدمهم العارف بالله مولاى جمال الدين البودشيشى، ونجله د. منير القادرى، مدير عام الملتقى، بمشاركة مؤسسة الجمال للإنشاد الدينى بقيادة مولاى معاذ القادرى.
سبق ليلة الذكر والحضرة، توزيع جوائز المسابقات المتنوعة في حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية والشعر والأدب والفنون المختلفة، حيث تم تكريم الفائزين بجوائز مالية وعينية قيمة، وهم، فى حفظ القرآن الكريم: الطفل زياد الفهدى، بركان، سلمها له د. منير القادري. الطفل عمار حجوبى، سلمها له مندوب الشرطة النسائية ببركان، سيدى محمد. الطفل ازار بن شانوف، ولديه ٥ ختمات قرآن، سلمها له د. عبداللطيف الفيلالى، نيابة عن مولاى فؤاد القادرى.
اما الفائزات فهن: اسماء غيدان، الناضور، سلمتها د. رشيدة عزام. آية معطى، سلمها البرلمانى رفيق مشعط. رغداء حميد، بركان، سلمها البرلمانى عبدالقادر الكيحة.
وفي المسابقة الشعرية: ميمون أعراص، ياسر مدهاني، مروان حفضي.
أما المسابقة العلمية: رشيد الاشقر، عبد الحق بوتشيش، عبدالوهاب بوشنتوف.
براعم الأسرة
وفى لفتة إنسانية مجتمعية قدم براعم الأسرة البودشيشية رسالة لأقرانهم من الأطفال بضرورة الحفاظ على البيئة النظيفة والمستدامة، ترشيد الاستهلاك والإنفاق، مساعدة المحتاجين والفقراء وحفظ القران الكريم والسنة النبوية، حتى يكون الصوفى، كبيراً وصغيرا، قدوة حسنة لغيره.
ودعا د. منير القادرى، إلى أهمية نشر قيم المحبة والسلام والتسامح فيما بين الجميع، مسلمين وغير مسلمين، وتنقية القلوب من أى حقد أو كره أو ضغينة، امتثالا لأمر الله ومخاطبته لنبيه بقوله “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، مشيراً إلى أن رسول الله بعث رحمة مهداة للعالمين، ولم يبعث جبارا ولا عابسا، وإنما رؤوف رحيم، محب للخير وإسعاد الجميع، بالكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة فهى صدقة، والصوفى أكثر من غيره مطالب بالاقتداء والتأسى بسيدنا رسول الله وتطبيق هديه وسنته.
وعرض المنظمون فيلما تسجيليا لإسلام أحد عمد المدن الفرنسية بعد استشعاره لهذه القيم السامية والأخلاق الإنسانية الحميدة فى سلوك المسلمين الذين تعامل معهم، حينما كان شيوعيا، وبعد زيارته لمقر الزاوية البودشيشة بالمغرب، تأكد من صدق دعوة رسول الله فآمن بها.