إسرائيل لا تعرف سوى لغة العنف والإرهاب.. بهذه اللغة بدأت الحركة الصهيونية توجد مكاناً لليهود على أرض فلسطين منذ بداية القرن العشرين واستخدمت أسلوب الاغراء لشراء الأراضى الفلسطينية ولما عجزت عن تحقيق الهدف المراد كانت أساليب القتل والتشريد تمهيداً لقيام الدولة.
وبجانب كون القوة والعنف للإرهاب هى فلسفة للصهيونية فإن حالة الضعف والتشرذم واختلاف المواقف فى الصف العربى مكنت إسرائيل من أن تقوم كدولة وأن تتمدد على حساب الدول العربية بسلاسل متتابعة من العمليات الإرهابية المنظمة والاعتداءات المتكررة تحت مرأى ومسمع وتأييد من السيد الأمريكي.
وفى كل التجارب التى حدثت على مدى 75 عاماً تأكدت إسرائيل من صحة نظريتها ونجاح سياستها.. ففى كل المرات كانت المقاومة العربية محدودة، وكان حجم الضجيج والانفعال أضعاف حجم الفعل المؤثر وقد تعلمت إسرائيل من تجاربها مع العرب انه فى ظل تردى الأوضاع العربية فإن ردود الفعل لما تقوم به من اعتداءات لا يتجاوز البيانات الانشائية التى تدين وتندد وتشجب فى مواجهة فلسفة القوة والعنف والإرهاب الإسرائيلية، كانت فلسفة الرفض والتنديد والشجب والادانة من الجانب العربى وهذه صيغة مريحة مكنت إسرائيل ليس فقط من فرض إرادتها وتنفيذ سياستها العدوانية دون خوف من عقاب أو حساب أو حتى مجرد عقاب.
والذى تفعله إسرائيل الآن فى غزة هو تطبيق جديد للعبة قديمة مارستها إسرائيل طوال الفترة الماضية.. لكن التصعيد الأخير والعدوان على غزة فاق كل حد، وتجاوز قدرة العرب على الصبر والصمت واطلاق الشعارات وهذه فرصة قد تكون الأخيرة لكى يثبت العرب أنهم ليسوا كما يشاع عنهم مجرد ظاهرة صوتية.
وأكدت الأحداث الدامية التى تشهدها غزة عقب ما يسمى بطوفان الأقصى عدة حقائق أهمها.. ان فرض الحصار المحكم على غزة وشعبها واستمرار عمليات القصف الجوى والقتل والتجويع هدفه وضع الفلسطينيين أمام خيارين لا ثالث لهما: أما الانتحار والتعرض للدمار والقتل فى غزة، وأما الاتجاه إلى الحدود المصرية.. وهذا هو هدف إسرائيل لتصفية القضية تماماً على حساب مصر، وفرض أمر واقع وتعريض الأمن القومى المصرى للخطر وتنفيذ مخطط إسرائيل الكبري.. فالهدف فى المقام الأول سيناء وتوطين الفلسطينيين فيها وهو مشروع شيطانى رفضه كل رؤساء مصر السابقين وهو مخطط مشبوه لتهجير الفلسطينيين وحل القضية.. وهذا أمر بعيد المنال.
الحقيقة الثانية وهو ان إسرائيل عصابة بحجم دولة، وأنها نموذج للعنصرية ورمزا للإرهاب وأن حكوماتها المتعاقبة لم تسع للسلام مع الفلسطينيين بل كان سببها الاستيلاء على مزيد من الأرض وامتلاك عناصر القوة لفرض الهيمنة والسيطرة.
الحقيقة الثالثة: ان الراعى الأمريكى ليس شريكاً نزيهاً أو موضوعياً بل هو شريك منحاز، فلو أن ما يجرى فى الأرض المحتلة من استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين وفى مواجهة شعب أعزل قد وقع فى مكان آخر لهاجت أمريكا حامية الحريات والمدافعة عن حقوق الإنسان.
الحقيقة الرابعة: ان الشعب الفلسطينى صبر طويلاً على أمل أن تتحقق أحلامه أو بعضها فى دولة مستقلة وفى تقرير مصيره، وتحمل الكثير والكثير من القمع والظلم ولم يبال بأن يدفع ثمناً لذلك أرواح المئات بل الآلاف من الشهداء والمصابين من الشباب والشيوخ والنساء والأطفال.. وسيبقى يوم 7 أكتوبر 2023 يوماً مجيداً يسجل فى تاريخ النضال الفلسطينى ضد العنصرية اليهودية.
الحقيقة الخامسة.. ان أى حديث عن الشرعية الدولية والمنظمات العالمية هو نوع من العبث وتضييع الوقت، فالشرعية الدولية عرجاء عوراء حولاء والموازين مزدوجة بل مختلفة تماماً ويتم تفصيلها حسب إرادة القوة العظمي.
وفى ضوء هذه الحقائق المؤلمة تبقى نقطة ضوء وحيدة وهى كفاح الشعب الفلسطيني.. وأن يجتمع القادة العرب ويتقفوا على قرار واحد يخرج عن الجامعة العربية لنصرة الشعب الفلسطينى وأنهم لن يسكتوا أبداً على قتل الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء.. فهل أنتم فاعلون؟!
>>>
وختاماً :
قال تعالى : «قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ»
صدق الله العظيم.. التوبة آية (14)