أسقط “طوفانُ الأقصى” كلّ الأقنعة الزائفة، وكَشَفَ زَيْفَ الادّعاءات الكاذِبة والشعارات الخادِعة التى رَوَّجَها أصحابُ ما تُسَمَّى الحضارة الغربية، عن إنسانيّة ورُقِىِّ وتَحَضُّر ما يدّعون الانتساب إليه!
وإنْ كنّا نُوقِنُ بذلك تمام اليقين، فدائمًا ما تتغيّر وتتبَدَّل المعايير والمفاهيم إذا ما تعلَّق الأمر بالمسلمين والعرب، لكن البعض كان يوهِمُ نفسه ويضغط عليها لتَقَبُّل تلك الادّعاءات والشعارات! من باب التعايش والإعجاب بـ”شَكْلِ” الحضارة الغربية، أو قُلْ: الانخداع ببريقها ورونَقِها “المِزَوَّق!”، وكلماتها وألفاظها الفضفاضة والتى تلعب على وَتَرِ العدالة والمساواة والإنسانيّة!
حتّى جاء “طوفان الأقصى” ليزيح فى طريقه كل هذه الأقنعة الكاذبة والمُزوَّرة، ليشهد العالَم أجمع “محرقة غزّة” التى ارتكبتها- وما تزال- كلّ الدول التى تدَّعى التحضُّر والديمقراطية، وهى تنتهك كل القوانين السماوية والوضعية، بل تسفك دماء الإنسانية والفطرة السليمة، بل من الظلم وصفها بالسقوط فى وحل الوحشية والبهيمية، لأن الحيوانات لا تصل لما وصل إليه أولئك الأدعياء من دَرَكَات البهيمية!
إن ما يرتكبه الاحتلال الصهيونى من جرائم بحقِّ الشعب الفلسطينى عامّة- طوال الخمسة وسبعين عاما الماضية- وبحقِّ سكان قطاع غزّة الذين يعيشون منذ “معجزة السابع من أكتوبر” محرَقَة بكل معنى الكلمة، فاقت محرقة النازية التى يتباكون على أطلالها الواهنة، و”يَحْلِبون” الدول الغربية مادّيا ومعنويا مُسْتَغِلِّين “عُقْدَة الذَنْب” حتى وصلت البجاحة بوضع قانون يُعاقِب من يُنكر تلك المحرقة المزعومة، ودائما ما يُرفع فى وجه أى شخص عاقل يرفض هذا الاستسلام والخنوع لما يدَّعونه من أكاذيب!
طيّب! إذا قارَنَّا بين المحرَقة النازية المزعومة، وبين ما يرتكبه الاحتلال الصهيونى، وبدعم لا مُتناهى، أو كما يقولون “بضوءٍ أخضر وشِيك على بياض” من رؤوس الشياطين الكبار فى الدول مُدَّعِيَة التحضُّر، فى عدوانهم على أبناء غزّة، وممارسة كل أشكال وصنوف القتل والتدمير، وإنهاء أى مظهر للحياة بالأسلحة المحرَّمة دوليا، التى لم تتوقف طوال شهر كامل، فهل يمكننا- كعرب ومسلمين وإذا كان هناك بعض العقلاء والمُنْصِفين- أن نُصْدِر قانون “مُعاداة الإنسانيّة” والذى يُعاقَب بموجِبِه كلُّ شركاء الحرب؟!
إن “طوفان الأقصى” فرصة لكل العرب والمسلمين، لإعادة ترتيب الأوراق ووضع خريطة ونظام واستراتيجية جديدة، تحقق مصالحنا، شريطة التحرُّك الإيجابى والفعَّال وبشكل جماعى، نُنَحِّى الخلافات البينيّة، ونُعْلِى من المصلحة العامّة للأُمَّة العربية والإسلامية بل للإنسانيّة جمعاء، حماية لها من الهَمَجِيَّة الصهيونيّة.
خاصة وأن هذا “الطوفان المقدس” قد كشف لنا مدى “هَشَاشَة ووَهَن” ذلك الكيان السرطانى، وأسقط أسطورته الخرافية، كما أسقطها الجيش المصرى العظيم فى حروبه المجيدة طوال العقود السبعة الماضية، وبات واضحا للعيان قرب نهايته وسقوطه الأخير، فما يظهره من استقواء وغطرسة إنما هو بداية النهاية، وبمجرّد قَطْعِ “الحبل السُّرِّى الأوروبى” الذى يمُدَّه بأسباب الحياة، ستتوقَّف أوْرِدَتُه.
وهذا ما رواه أبو هريرة- رضي الله عنه- من أن سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجرُ وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله))، وزاد مسلم: ((إلا الغَرْقَد؛ فإنه من شجر اليهود))؛ متفق عليه.