كلنا يتذكر المقولة الشهيرة للإمام محمد عبده عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881 ثم عاد من هناك إلى مصر، وقال قولته الشهيرة: «ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا !!»، وكنا نعتقد أن الإسلام الذى شاهده الإمام محمد عبده هناك هو أخلاق ومبادئ وسلوكيات الشعوب الغربية والتى فى مجملها تعبر عن أخلاق الإسلام وسماحته ودعوته للسلام مع جميع بنى البشر.
ولكن للأسف الشديد تيقن لنا بكل تأكيد أن الإمام محمد عبده لم يجانبه الصواب فى مقولته هذه، وأنه قد يكون فتن فى هذا الوقت بالحضارة والرقى الغربى فى التعامل بينهما، ولكن الواقع الذى أكدته الحرب الظالمة من الكيان الصهيونى على قطاع غزة واستهداف النساء والأطفال والشيوخ فى المستشفيات والمدارس وعربات الإسعاف، وبدعم الدول الغربية؛ كشف زيف وحقيقة هذه الدول التى صدعتنا كل يوم بحقوق الإنسان بل والحيوان.
وللأسف الشديد أصبح لدينا يقين أن هؤلاء بحق أبعد ما يكونوا عن أى حقوق وإنسانية، وهم يرون أشلاء الأطفال وخاصة الرضع فى كل مكان فى غزة، ويرون الدماء تغطى جدران المدارس والمستشفيات التى قصفوها، وتعطى أرغفة الخبز الذى لم يأكله هؤلاء المحاصرون فى المدارس، ويشاهدون تعمد الكيان الصهيونى قصف المدنيين المسالمين بكل وحشية ودموية بدون أن يحركوا ساكناً.
كما يشاهدون تعنت الكيان الصهيونى فى إدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية لإغاثة الشعب المحاصر تحت النيران، ويدركون أن معظم المستشفيات هناك توقفت عن العمل لعدم وجود مستلزمات طبية وأدوية وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل المعدات والأجهزة الطبية ومنها حضانات الأطفال، بل يدعمون هذه الجرائم الكبيرة فى حق الإنسانية!
وللأسف العالم يشاهد هذه المجازر التى ترتكب كل لحظة فى حق الشعب الفلسطينى المحاصر ولا يحرك ساكناً، مجازر لا تستطيع أن تتمالك نفسك ولا دموعك عندما تراها لهؤلاء الأطفال الرضع الذين استشهدوا تحت الأنقاض، وغيرهم الكثير مازالوا تحت الأنقاض حتى هذه اللحظة يصعب الوصول إليهم لدفن جثامينهم الطاهرة.
وبالتالى عار كبير على هذه الدول التى ساندت وساعدت فى قتل الأطفال والنساء فى غزة، لأنهم عرب ومسلمون، وهم فى نظرهم ليست لهم حقوق إنسانية، وهؤلاء أياديهم ملطخة بالدماء ومشاركين مع الصهاينة الملاعين فى قتل وإبادة شعب غزة، ولذلك يجب أن تكون لنا وقفات مع هؤلاء فالمشارك فى الجريمة مثل الذى قصف وقتل بدون رحمة، وهؤلاء انعدمت أيضاً الرحمة فى قلوبهم.
لا نملك إلا أن نتوجه إلى الله تعالى بالدعاء للشعب الفلسطينى فى غزة أن يقويهم ويصبرهم وينصرهم ويثبتهم، وأن ينتقم من الصهاينة قتلة الأطفال شر انتقام، وأن نرى فيهم يوماً ويذلهم الله تعالى: “يوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ”، وحسبنا الله ونعم الوكيل.