د. حسن القصبي: سفك الدماء البريئة جريمة لا تُغتفر.. والحياة في ديننا مقدسة
د. محمود ربيع: الطغاة ضربوا بالقوانين الدولية المحرَّمة للقتل عرض الحائط
أدار الندوة: جمال سالم
تابعها: محمد الساعاتى
تصوير: أحمد ناجح
أكد العلماء المشاركون فى الندوة التى أقيمت بمسجد نورى خطاب بمدينة نصر بالقاهرة بالتعاون بين عقيدتي والأوقاف، برعاية د. مختار جمعة- وزير الأوقاف- بعنوان:” الحق فى الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية”، أن المحافظة على الحياة من المقاصد الرئيسية للشريعة الإسلامية، ولهذا جاءت النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية التي تؤكد أهمية المحافظة على حياة البشر أيا كانت ديانتهم أو لونهم أو عِرقهم.
أشاروا إلى أن الإسلام سبق التشريعات الدولية بقرون كثيرة في إقرار حق المحافظة على حياة الأبرياء وقت السلم والحرب.
أدانوا حرب الإبادة الإسرائيلية ضد المدنيين الأبرياء في فلسطين المحتلة مما يجعل المواثيق الدولية حبر على ورق ولا قيمة حقيقية لها. حضر الندوة من علماء ودعاة الأوقاف د. السيد حمودة، مدير إدارة أوقاف شرق مدينة نصر، د. عبدالله عبدالفتاح، والشيخ فتحي الجوهري المفتشين بالإدارة.
أكد الزميل جمال سالم، مدير تحرير عقيدتى، أن الله واهب الحياة هو وحده الذي يسلبها بالوفاة وليس من حق أي انسان التفريط فيها، سواء كانت حياته أو حياة غيره، فالإسلام دين ساوى بين أرواح كل البشر المسالمين، وحتى وقت الحرب فرّق الإسلام بين أوراح المحاربين وبين الأبرياء غير المحاربين، وشتان بين ما جاء في النصوص الدينية ومنها ما جاء في القرآن والسنة، وجاء في الوصايا العشر على سيدنا موسى “لا تقتل”، ولكن المواثيق الدولية وهي حديثة مقارنة بالنصوص الدينية لم تنجح في وقف سفك الدماء، وما يجري في فلسطين غير شاهد.
الحياة مقدسة
أوضح د. حسن كمال القصبى، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة- جامعة الأزهر، إن مسالة النفس والمحافظة عليها هو موضوع الساعة لأن النفس خلقها الله جل وعلا، ومن أهم هذه المخلوقات النفس البشرية، ولذلك حفظها وصانها وجعل لها ضوابط قبل أن توجد على قيد الحياة، وبعد أن توجد على قيد الحياة، بل قبل أن يكون جنينا في بطن أمه، فأمر الأم ووليها أن يحسنا اختيار الأب الذي ينسب إليه هذا الجنين ويرعاه مستقبل بحيث يصلح أن يكون أبا له، فقال صلى الله عليه وسلم:” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”. وكذلك أمر الرجل المقبل على الزواج أن يحسن اختيار من تصلح زوجة له أما تصلح لأن تربي هذا الولد، فقال النبي:” تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك”. بل أنه حفظ للجنين حقه وجعل له ديّة، فإذا أراد أحد أن يفسد على الأم جنينها يلزم بديّة، كذلك فإن الشريعة الإسلامية الغراء أوقفت الميراث في حالة وجود جنين، حتى ولو جاءت هذه النفس من وسيلة محرمة كالزنا، فعندما ذهبت المرأة إلى النبي، وقالت له: يا رسول الله، طهِّرني من الزنا. وأخبرته أنها حامل. قال لها: “اذهبي حتى تضعي”. فذهبت ووضعت وجاء المولود إلى الدنيا، وعادت للرسول، فقال لها: “اذهبي حتى تفطميه”، لأن المولود له حق على الأم أن ترضعه، ثم جاءت بعد ذلك فأقام عليها الحد.
حرمة الدماء
أوضح د. القصبي أن عظم حرمة قتل النفس في القرآن، وأمر بالمحافظة عليها فقال سبحانه:” مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ” ولم يكتف بذلك وإنما حدد لذلك حد الحرابة لمعاقبة من يفسدون في الأرض، فقال:” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” وهذا يؤكد أن النفس أعظم مخلوقات الله، وهذا الميثاق لا يرتبط بأبناء دين أو لون أو عرق لأن كل النفوس في الإسلام محفوظة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، وأمر الله بحفظ الأنفس على الإطلاق، فلا يجوز لأحد أن يقربها أو أن يمسها، ولذلك قال رسول الله:” مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا” وفي رواية:” ألا من قتل معاهدا أو من أخذ حقا منه أو أرغمه شيئا، فأنا خصيمه يوم القيامة”. ولهذا فإنه حفاظا على النفس على الإطلاق جاءت الشريعة الإسلامية وكذلك جاءت الشرائع من قبلها بحفظ النفس، بل إن أول جريمة وقعت على بساط الأرض، وحذر منها الشرع على لسان هابيل عندما قال لأخيه قابيل:” لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ”. وهذا يؤكد أن مسألة تحريم قتل النفس أمر مقدس منذ بداية الخليفة، ولذلك فإن ما يحدث على أرض الواقع من قتل الأبرياء الآمنين المطمئنين لا يرتبط بأي شريعة على الإطلاق، بل إنه لا يرتبط بالإنسانية على الإطلاق، ولا يرتبط بمواثيق دولية، ولا بالأعراف. ولا إلى شئ على الإطلاق، ونحن للأسف الشديد نتعجب مما ذكره الله لنا في القرآن في سورة المائدة عما حدث بين قابيل وهابيل أول خلق الله، هل بنو إسرائيل كانوا في الوجود عند هذا الأمر؟ الإجابة: لا، ثم تسرد الآيات وتتوالى ثم تأتي آية: “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ…” (سبحان الله!!) ما علاقة بني إسرائيل بما يحدث بين هابيل وقابيل؟ الله يخبرنا عنهم بأنهم أهل الفجور لا يراعون حرمة النفس، ولا يؤتمنون، ليس لهم عهود أو مواثيق، فلقد قتلوا الأنبياء، ألم يأت في القرآن:” فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا”. ولم يكتفوا بهذه الجرائم بل تطاولوا على الله جل وعلا عندما أخبرنا الحق عن قولهم:” لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ” .ولذلك النفس أعظم مخلوقات الله، ولا يحل دم امرئ برئ، لذلك جعل الله حفظ النفس مصان حتى لا يقربها أحد حتى ولو كانت نفس غير مؤمنة، فقد مرت جنازة أمام رسول الله وكان يجلس معه الصحابة الكرام، فوقف لها النبي، فأخبروه أنها جنازة يهودي، فردَّ: أليست نفسا؟! فهنا عظَّم النبي أمر النفس.
وأنهى د. القصبي قائلا: شرع الله القصاص في الإسلام لأنه حياة، لأن القاتل إذا عرف أنه سيقتل سيفكر مليون مرة قبل أن يشرع في القتل، قال تعالى:” وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” ولكن من الذي يقول بالقصاص ويأمر به؟ انه القاضي الذي يرفع الأمر إلى ولي الأمر، وهذا الذي نراه على أرض واقعنا كشف لنا ميادين كنا نعيش فيها، أما ما يسمى بالمواثيق والعهود والكلمات كشفها ما يحدث على أرض الواقع ضد الأبرياء المسملين في كل مكان وخاصة في فلسطين، ولابد أن نعلم أن النفس مصانة ومحرمة في المواثيق الدولية، وفي الشرائع السماوية، وعلى لسان الأنبياء جميعا.
إحياء لا قتل
واشار د. محمود ربيع، المدرس بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة إلى أن الحياة هبة الله للإنسان، أكرمه بها، وجعل الحفاظ عليها من أهم المقاصد والكليات التي جاءت الشرائع السماوية بحفظها، وحرمت الاعتداء عليها، بل اعتبرت أي تهديد لحياة إنسان اعتداء على الجنس البشري كله، حيث يقول تعالى:” وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” ولهذا فإن العمل على إبقاء حياة النفس الإنسانية، سواء بدفعِ الهلاك عنها أو بتوفير ما تحتاج إليه من طعام وغذاء، أو علاج ودواء، وإقامة العمران، ولابد من المحافظة على حياة كل البشر، وقد وصف الحق سبحانه عباده المقربين بأنهم أهل المحافظة على حياة الناس، حيث يقول تعالى في وصف عباد الرحمن فقال:” وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا”، ويقول نبينا في تعظيم الدماء فقال:” أوَّلُ ما يُقْضَى بيْنَ النَّاسِ في الدِّماءِ”، كما قال:” اجتَنِبوا السَّبْعَ المُوبِقات: الشِّركُ باللهِ، والسِّحرُ، وقَتْلُ النَّفسِ التي حرَّم اللهُ إلَّا بالحَقِّ، وأكْلُ الرِّبا، وأكْلُ مالِ اليَتيمِ، والتوَلِّي يومَ الزَّحفِ، وقَذْفُ المُحْ صَناتِ الغافِلاتِ المُؤمِناتِ”، وأكد النبي حرمة الدماء فقال: “لا يَزَالُ العبدُ في فَسْحَةٍ من دِينِه ما لم يُصِبْ دَمًا حرامًا”.
حماية شاملة
أوضح د. ربيع أن الإسلام لم يحرم الاعتداء على حياة الغير فحسب، بل حرم الاعتداء على النفس، وجعل ذلك من أكبر الكبائر، حيث تعالى:” ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكم إنَّ اللَّهَ كانَ بِكم رَحِيمًا. ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوانًا وظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نارًا وكانَ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ يَسِيرًا”، ويقول:” مَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهو في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فيه خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأُ بِهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا”. يؤكد الإسلام أن الحياة ملك لله تعالى وحده، وليست ملكًا لأحد سواه، فقد كفل الإسلام للإنسان حياة طيبةً كريمة، وحرم التفريط فيها، فيقول سبحانه:” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”.
أوضح أن المواثيق الدولية تنص على حق الإنسان في الحياة، وتؤكد على أن لكل شخص الحق في الحياة والحرية والأمن، وأن على القانون أن يحمي الحق، ولا يجوز حرمان أحد من الحق في الحياةِ تعسفًا، ولكل إنسان الحق في التمتع بجميعِ الحقوق والحرياتِ دون تمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي، أو العرق، بل إنها تجرم كل أشكال التعدي على حياة الإنسان.
وأشار إلى أن الشرائعِ السماوية، خصوصًا شريعة الإسلام تدعو إلى الحياة والإحياء والبناء والتعمير، حيث يقول تعالى: “هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا”، وقال:” وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ”، وهذا يؤكد أن الإسلام هو دين الإحياء، وصناعة الحياة، لا صناعة الموت، ولا الدمار ولا الهدم ولا التخريب، وتتفق نصوصِ الشرائعِ السماوية والمواثيق الدوليه في أهمية المحافظة على حق الحياة الكريمة الآمنة لكل البشر، فقال رسول الله:” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ فعِنْدَ اللهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا” وجاءت بعض نصوص الكتاب المقدس في عهديه القديم والحديث، بالمحافظة على حق الحياة، فقد جاء في العهد القديمِ: “لاَ تَقْتُلْ” (سفر الخروج20: 13). ولم يكتف العهد القديم بتحريم القتل، وإنما فرض عقوبة مكافئة له وهي القتل حدًّا، فمن قتل يُقتل. ففي العهد القديم:” مَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا فَمَاتَ يُقْتَلُ قَتْلاً”. وفي العهد الجديد، فقد نُقل عن السيد المسيح تأكيده لحرمة القتل ففي العهد الجديد: “قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ”. (إنجيل متى 21:5). وتتفق المواثيق الدولية مع النصوص الدينية في تأكيد حقوق الإنسان وخاصة حقه في الحياة، وجاء في قانون الأمم المتحدة، ج 3: مادة 6:” الحقُّ في الحياةِ حقٌّ ملازمٌ لكلِّ إنسانٍ، وعلى القانونِ أنْ يحمِى هذا الحق، ولا يجوزُ حرمانُ أحدٍ مِن حياتِه تعسفًا، وحين يكونُ الحرمانُ مِن الحياةِ جريمةً مِن جرائمِ الإبادةِ الجماعيةِ، يكونُ مِن المفهومِ بداهةً أنّه ليس في هذه المادةِ أيّ نصٍّ يجيزُ لأيةِ دولةٍ تكونُ طرفًا في هذا العهدِ أنْ تعفِى نفسَهَا على أيةٍ صورةٍ مِن أيِّ التزامٍ يكونُ مترتبًا عليهَا، بمقتضَى أحكامِ اتفاقيةِ منعِ جريمةِ الإبادةِ الجماعيةِ والمعاقبةِ عليهَا”.
وأنهى د. ربيع قائلا: الإسلام حرم قتل الإنسان لنفسه سواء كان ذلك بطريق الانتحار المباشر، أو بطريق الانتحار التدريجي بتعاطي ما يؤدي إلى قتل النفس أو الإضرار بها كالمخدرات والتدخين وغير ذلك، لأن حياة البشر ليست ملكًا لهم، إنما هي هبة من الله، وأمانة يجب عليهم الحفاظ وعدم الاعتداء عليها، وفي ذلك يقول ﷺ:” مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ شَرِبَ سَمّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً” وحرم الإسلام الخمر حفاظًا على حياة الإنسان وعقله الذي كرمه الله به دون بقية المخلوقات، بل إن الخمر مفتاح كل شر، كما أن هناك نهي عن ترويع المسلم سدًّا لذريعة الوصول إلأى القتل ولو بطريق الخطأ إلى فيقول:” مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا” وفي رواية:” مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ”، كما قال:” إِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ – أَوْ قَالَ: بِشِمَالِهِ – آخِذًا صَاحِبَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فَيَقُولُ: رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟”.