د. سلطان القاسمي: أتمنى أن تصبح “العربية” الأولي عالميا
الشارقة: جمال فتحي
أكد صاحب السمو الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي- عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة- على مواصلة جهود الشارقة للارتقاء باللغة العربية وحفظ مكانتها العالمية عبر الاهتمام بإنشاء عدد من المشروعات الهامة على مستوى الوطن العربي مثل المجامع اللغوية والقاموس التاريخي للغة العربية، إلى جانب أهمية تفعيل أدوات ووسائل التواصل والتعاون في المجالات الثقافية.
جاء ذلك خلال مداخلة لسموه في جلسة حوارية أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ 37 من معرض الشارقة الدولي للكتاب استضافت د. عزالدين ميهوبي، وزير الثقافة الجزائري، شخصية العام الثقافية للمعرض هذا العام، وأدارها د. محمد صابر عرب، وزير الثقافة المصري الأسبق، استعرض فيها “ميهوبي” تاريخ وحاضر ومستقبل اللغة العربية.
وأشار سموه إلى أنه كان من الملاحظ في الفترات الماضية أن هناك قصور وإهمالٌ من أصحاب اللغة العربية، لافتاً إلى بعض المشروعات التي تهتم بها الشارقة، قائلاً: خلال الأعوام الماضية استطعنا أن نبدأ أولى الخطوات وأن نرتقي بالمجامع اللغوية على مستوى الوطن العربي، وهناك مشروع القاموس اللغوي الذي نحن بصدد إنجازه وهو عمل كبير وشاق، وقد قدر القائمون على أمره ما بين 8-10 أعوام لإنجازه، ونحن نختصرها بزيادة أعداد القائمين على هذا المشروع، حتى يرى النور في أسرع وقت ممكن.
خطوات المجد
وأشار سموه إلى عدة خطوات على مستوى الوطن العربي تحتاجها اللغة العربية لاستعادة مكانتها عبر برامج مدروسة، قائلاً: يتم العمل خلال المرحلة المقبلة على تفعيل الاتصال بوزارات الثقافة والتربية والتعليم في كل دولنا العربية، والوقوف بجانب برامجهم لبذل مزيد من الجهود للارتقاء باللغة العربية من خلال المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، وكذلك من خلال صناع الثقافة، والتي تعقبها خطوة ثالثة تتمثل في السعي إلى المحافظة على اللغة العربية في أدوات الاتصال الجماهيري سواء كانت اذاعة أو صحافة أو تليفزيون، وتصحيح المفاهيم التي تصل إلى الناس عبرها بشكل مباشر.
مواصلة الدعم
وأكد سموه على مواصلته في تقديم الدعم والمساندة لجميع المؤسسات والأفراد المعنيين والمهتمين بشأن لغتنا العربية، لافتاً إلى أن التحذيرات التي وردت خلال الجلسة الحوارية حول التهديدات التي تواجه اللغة العربية ليست سوى تحذير وتنبيه من العاشقين للغة العربية، وموضحاً سموه أنه من العاشقين للعربية لأنها لغة القرآن، ومن الداعمين لتاريخها وتراثها، متمنياً أن يأتي يوم ويجد العرب لغتهم في المركز الأول بين لغات العالم، وليس الرابع، ولفت إلى أن التواصل والتعاون بين البلدان العربية ساهم في ذوبان الفروقات في المعاني بين المتحدثين، وهو الأمر الذي يرجع إلى أن اللغة العربية لها مترادفاتٌ كثيرةٌ، وكل متحدث يختار اللفظ المعين الذي يميل إليه، مشيراً إلى تلاشي الدعوات السابقة إلى إقامة اللهجات واتخاذها كلغات.
واختتم سموه مداخلته بضرورة زيادة الجهود لحماية اللغة العربية، ومؤكداً أن التحرك الثقافي هو الأهم.
التحرك الثقافي
وكان محمد صابر عرب قد افتتح الجلسة بالإشادة بالنجاحات التي ظل يحققها معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يأتي في إطار مشروع الشارقة الثقافي الذي يحظى برعاية وعناية كبيرتين من صاحب السمو الشيخ د. القاسمي، لافتاً إلى أن هذا المشروع بات محط أنظار واهتمام كل المؤسسات الثقافية على نطاق العالم العربي.
من جانبه قال د. عزالدين ميهوبي: تطوّر اللغة يرتبط بشكل أساسي بالمنتوج الفكري والمعرفي المرتبط بها، وإذا ما أردنا للغتنا العربية الازدهار والنمو لابد من العمل على تطوير نتاجنا الفكري والمعرفي، كما نشاهده اليوم في حالة اللغة الصينية التي تتطور بشكل كبير ومتسارع.
وأكد “د. ميهوبى” أن الأمن اللغوي يعتبر جزءًا من الأمن الثقافي الذي دائماً ما يشكّل هاجساً للقوميات، مشيراً إلى أن العالم يعيش غلياناً في مسألة اللغة، ما جعل البعض يتنبأ بأننا سنشهد في العام 2100 عالماً بلا لغة.
وأضاف ميهوبي: الكثير من المفكرين العرب ينظرون إلى اللغة العربية بنظرة سوداوية وكأنها ستموت غداً، ومن جانبي أرى أنه لابد من النظر إلى قضية لغتنا العربية بشكل أوسع يتجاوز السياق المحلي ويذهب إلى فضاءات أبعد وأرحب، ويكاد يجمع علماء اللسانيات أنه يوجد في الوقت الحاضر ما بين 5000 و6000 لغة، وأن ما بين 250 و300 لغة تنقرض سنوياً بفعل سرعة التواصل والميل إلى استعمال اللغات العالمية الأكثر فاعلية، وهذا ما يسميه بعضهم بالغزو الثقافي أو اللّغوي، وبعملية حسابية بسيطة، يتبيّن لنا أن القرن الحادي والعشرين سيشهد اندثار حوالي ثلاثة آلاف لغة، أي نصف لغات العالم.
وتابع ميهوبي: كما تشير بعض الدّراسات إلى أن المعدل حالياً هو انقراض لغة إنسانية كل أسبوعين، كما يتوقّعون اختفاء 90% من اللّغات بحلول 2100.
وأكد “د. ميهوبى” أن تطوّر اللغة يرتبط بشكل أساسي بالمنتوج الفكري والمعرفي المرتبط بها، وإذا ما أردنا للغتنا العربية الازدهار والنمو لابد من العمل على تطوير منتوجنا المعرفي، كما نشاهده اليوم في حالة اللغة الصينية التي تتطور بشكل كبير ومتسارع.
وكان صاحب السمو حاكم الشارقة قد تسلم هدية تذكارية من وزير الثقافة الجزائري، عبارة عن ألبوم صور يؤرخ للزيارة التاريخية لصاحب السمو حاكم الشارقة لجمهورية الجزائر في عام 1986.
حضر الجلسة كل من الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي- رئيس مجلس الشارقة للإعلام- واللواء سيف الزري الشامسي- قائد عام شرطة الشارقة- وعبدالله محمد العويس- رئيس دائرة الثقافة- وأحمد بن ركاض العامري- رئيس هيئة الشارقة للكتاب، ومحمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة- ومحمد حسن خلف- مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام- وحبيب الصايغ- رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات- إلى جانب عدد كبير من المسؤولين والمفكرين والأدباء وحضور المعرض.