أسئلة عديدة وصلت لبريد عقيدتى، عرضناها على الشيخ د. مسعد أحمد الشايب- مدير إدارة أوقاف الشروق وبدر سابقا- وكانت هذه بعض ردوده:
كثرة المشيعين ليست دليلا علي كرامة الميت
*يسأل حمدى على من السويس :هل للميت كرامات عند موته، وما دلالة الإسراع بالنعش، وكثرة المُشيعين؟
**الكرامة: هي أحد الخوارق الستة للعادات يظهرها الله (عزّ وجلّ) على يد عبد صالح غير مدع للنبوة والرسالة، وقد تكون الكرامة إجابة لدعوة، أو إظهار لطعام في زمان مجاعة من غير سبب ظاهر، أو حصول لماء في زمان عطش، أو تسهيل قطع مسافة في مدة قريبة، أو تخليصًا من عدو، أو سماع خطاب من هاتف، أو غير ذلك من الأفعال المناقضة للعادة.
والكرامة من الأمور الجائزة عقلًا والواقعة شرعًا وفعلًا، نطقت بها آيات القرآن وأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) الصحيحة، كما جاءت بها الأخبار الكثيرة المستفيضة عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يومنا هذا.
ومن الثابت شرعًا وقوع بعض الكرامات لبعض الصالحين عند موتهم، يشهد لذلك قصة خبيب بن عدي حمي الدبرة (حرست جماعة من النحل والزنابير جثته من وصول المشركين إليها واحتزاز رأسه)، وكذلك قصة غسيل الملائكة (حنظلة بن عامر الراهب) الذي مات في الغزو مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جُنُبًا من جماع زوجته، فرأه النبي والملائكة تغسِّله بين السماء والأرض.
وكثرة المُشيّعين للجنازة ليست بالضرورة دليلًا على كرامة الميت، فقد رأينا من مات على غير الإسلام وكان مشيّعوه بالملايين، وكذلك قلة المشيعين ليست بالضرورة دليلا على غضب الله على الميت، ولا يعكر على ذلك قول الإمام أحمد (رحمه الله) لو صحّ: ((بيننا وبينكم الجنائز)).
وكذلك الإسراع بالجنازة ليس بالضرورة دليلًا على كرامة الميت، فقد يكون الإسراع بالجنازة لخفة الميت وقوة المشيعين، وكذلك عدم الإسراع بها ليس بالضرورة دليلا على هوان الميت على الله، ولا يعكر على ذلك قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ) (رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه).
حلال للراشي.. حرام علي المرتشي!!
* يسأل خ.ج من المنيا :ما حكم دفع شئ من الأموال لقضاء المصالح أو دفع المظالم؟
**دفع شئ من الأموال أو الأعيان لقضاء المصالح والحصول على حقوقي التي لا أتحصل عليها إلا بذلك جائز ولا شئ فيه، وكذلك دفع المال والأعيان لإبعاد ظلم عني وعن أهل بيتي لا شئ فيه، والإثم والوزر على من قَبِل تلك الأموال، يروى أن ابن مسعود (رضي الله عنه) أُخذ بأرض الحبشة في شئ، فأعْطَى دينارين حتى خلى سبيله، وقيل لوهب بن منبه: الرشوة حرام في كل شئ؟ قال: لا إنما يكره من الرشوة أن ترشى لتُعطى ما ليس لك، أو تدفع حقًا قد لزمك، فأما أن ترشى لتدفع عن دينك ومالك ودمك فليس بحرام. (تفسير السمرقندي، والقرطبي)، وعن الحسن: (لا بأس أن يدفع الرجل من ماله ما يصون به عرضه). (التفسير المنير)، وروى عن جابر بن زيد والشعبي أنهما قالا: (لا بأس بأن يصانع الرجل عن نفسه وما له إذا خاف الظلم). (التفسير الوسيط)
وقد حذر النبي كل من كان تحت يده مصلحة من مصالح المسلمين ويعسرها عليهم، فعن عائشة (رضي الله عنها)، أنها سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ). (رواه مسلم)
أما دفع الأموال للحصول على حقوق الغير أو تأخير حقه أو تقديمي عليه فتلك، أو لإبطال حق، وإحقاق باطل (كما يعبر الفقهاء) فهي الرشوة المحرمة الملعون دافعها وآخذها، سواء أكان ذلك بين الأفراد وبعضهم البعض، أم كان بين الأفراد ومن بيدهم سلطان قضائي أو تنفيذي، قال تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). (البقرة:188)، وقد لعن رسول الله، الراشي والمرتشي والرائش (الواسطة بينهما)، وأخبر أن الحق تبارك وتعالى لعنهم.
أما الهدية بعد قضاء المصلحة، ومن غير طلب من الشخص الذي قام بأدائها؛ فلا حرج فيها وخصوصًا إذا كانت من باب التشجيع على القيام بالأعمال المنوطة بالشخص