زيارة مهمة قام بها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، لمصر في توقيت يأتي في غاية من الأهمية، حيث استقبله فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قصر الاتحادية بحفاوة وكرم واستقبال رسمي، وعقد معه مباحثات ثنائية مهمة، ومؤتمر صحفي.
تأتي أهمية توقيت هذه الزيارة بعد الاتفاق المشبوه ومذكرة التفاهم التي أبرمتها إثيوبيا مع ما يسمى بإقليم أرض الصومال- غير المعترف به دولياً- للاستحواذ على مساحة 20 كم، على البحر الأحمر، كمنفذ بحري لإثيوبيا التي تعاني من عدم وجود شواطئ لها.
بالتأكيد تقف مصر دائماً مع الحق ومع الأشقاء العرب في كل مكان ضد الاعتداءات التي تنال من أمن واستقرار الدول، وخاصة التي تربطنا بها علاقات أخوية ودينية، وهذا ما أكد عليه الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع شقيقه حسن شيخ محمود، باعتبار أن هذا الأمر لا يمثل فقط انتهاكاً لسيادة الصومال ووحدة أراضيها، ولكنه يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي أيضاً.
كما أن الموقف العربي من هذه المذكرة المشبوهة معلوم، بالتضامن مع جمهورية الصومال للحفاظ على سيادتها، وهذا ما أكد عليه مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، والذي أعلن التضامن الكامل مع دولة الصومال للحفاظ على أراضيه، وتأييد موقفها باعتبار هذه المذكرة باطلة ولاغية وغير مقبولة، ورفض أية آثار مترتبة عليها سواء قانونية أو سياسية أو تجارية أو عسكرية.
كذلك حرص الرئيس الصومالي خلال زيارته لمصر على لقاء فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، للتأكيد على أهمية حاجة الصومال لمنهج الأزهر الوسطي المعتدل، في حربه على الإرهاب والفكر المتشدد والمتطرف، والاستعانة بعلماء ودعاة الأزهر.
ومعلوم أنَّ الصومال يخوض منذ سنوات طويلة حربًا ضارية ضد الجماعات المتطرفة المدعومة خارجيًّا، التي تحاول تقسيم الصومال والعبث باستقراره، وأنهكت موارد وخيرات دولة الصومال، وأثرت بصورة كبيرة على عمليات التنمية هناك، خاصة بعد العمليات الإرهابية التي تقوم بها حركة الشباب الإرهابية التابعة لتنظيم “القاعدة“.
وخلال الأعوام الماضية سيطرت هذه الجماعات على بعض المناطق في الصومال، ولكن منذ أن تولى حسن شيخ محمود مقاليد الحكم أخذ على عاتقه محاربة التنظيمات الإرهابية، وخاض ضدهم معارك كثيرة عسكرية، وكذلك معارك فكرية للقضاء على محاولات نشر الفكر المتطرف وبث سموم هذه الجماعات في عقول الأطفال والشباب الصومالي لاعتناق هذا الفكر الدموي المتطرف.
ومع العهد الجديد للرئيس حسن شيخ محمود، بدأنا الآن نرى “صومال جديد” خاصة بعد نجاحه في الحرب على الإرهاب، وانسحاب حركة الشباب من مناطق كثيرة كانت تسيطر عليها لسنوات عديدة.
ونتيجة لثقل ووزن مصر الكبير في المنطقة العربية والعالم، جاءت زيارة الرئيس الصومالي للقاهرة معبرا عن شكره وامتنانه لمصر التي كانت من أوائل الدول التي وقفت ضد هذه الانتهاكات الأثيوبية.
واعتقد أن رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الصومالي، وصلت أديس أبابا، “أن أي تهديد لأمن واستقرار الصومال، هو تهديد مباشر لأمن مصر”، فلتحذر أثيوبيا من العبث بأمن مصر والمنطقة.
أحمد شعبان