كثيرا ما يصيبُ غيرُك مكروه لتُخْتَبَر أنت. ونحن أمام مِحنِ الآخرين كألوان الطيف، منا من يسارع بالمواساة، ومنا من يحصر نفسه داخل نفسه، ومنهم من يلوم وقد نجد من يسيء الظن بحجة أن “سوء الظن عِصْمة”، وهذا قول لا ينطبق على إطلاقه بل فقط عند وجود دليل الإدانة ،لا يحق لك أن تلقي أحكامًا دون دليل. أما اللائم فيزيد المُصاب على وجعه وجعا فيصبح وكأن لسان حاله يقول: قِفْ معي على نفس الصفيح الساخن ثم عِظني وسأسمعك، والحقيقة إنك حتى لو وقفت معه على نفس الأرض وتعرّضت لنفس المحنة فأنت لست هو، ليس لكما نفس الظروف أو نفس المشاعر، ولا تهتمان لنفس الأولويات، ولستا بنفس قوة التحمّل، فهنا يجب فقط أن نحترم الوجع وما لنا في حضرته إلا المواساة. يكفينا أن الأمر هام لصاحبه فنتحرك ونبادر ونعين. وللمواساة صور عديدة حسب حاجة كل شخص، قد تعينهم بمالك، بجهدك، بالنصيحة والإرشاد، بالدعاء والاستغفار أو حتى بالتوجّع لهم فأحيانا يكفيهم تفاعلك معهم إن لم يكن بيدك أن ترفع ظلما أو تغير موقفا ((من أقال عاثراً من عثرته, أقال الله عثرته))، فإن لم تستطع أن تعينه فلا تؤلمه بل عليك بجبر خاطره ولو بكلماتك. المواساة أحد أبواب العمل الصالح والتي يثمِّنها ربّ العزّة في الدنيا والآخرة فهي تقوّي العلاقات وتدعم أواصر الأخوة فهي تجمع بين محبة الله ومحبة الخلق “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.