في إطار جهود وزارة الأوقاف في خدمة القرآن الكريم وأهله افتتح معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وسيادة اللواء أ.ح/ عادل الغضبان محافظ بور سعيد فعاليات مسابقة بور سعيد الدولية للقرآن الكريم والابتهال الديني في دورتها السابعة، برعاية معالي الدكتور المهندس/ مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، التي تأتي تحت اسم القارئ الشيخ/ الشحات محمد أنور، وذلك بحضور معالي الدكتور/ أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، ومعالي المستشار/ علاء الدين فؤاد وزير المجالس النيابية، والأستاذ الدكتور/ أيمن محمد إبراهيم رئيس جامعة بور سعيد، والمهندس/ عمرو عثمان نائب محافظ بورسعيد، ومنسقي ومحكمي ومتسابقي مسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم والابتهال الديني.
وفي كلمته أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن التحدي البياني والكوني في القرآن الكريم غاية في الإعجاز، فالقرآن الكريم هو الكتاب الخالد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فاقتضت حكمة الله (عز وجل) أن تكون معجزة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) الكبرى هي عين منهجه، فإذا سألت عن منهج نبينا (صلى الله عليه وسلم) ومعجزته قلت هما في القرآن الكريم وفي سنة نبينا (صلى الله عليه وسلم)، فارتبطت المعجزة بالمنهج لبقاء المنهج إلى يوم الدين، ولتظل المعجزة باقية وشاهدة على عظمة المنهج إلى يوم الدين.
كما أكد وزير الأوقاف أن التحدي البياني أو الكوني لم يكن لمن عاصروا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقط، وإنما هذا التحدي باقٍ إلى يوم القيامة، سواء أكان تحديًا بيانيًّا أم تحديًا علميًّا، مصداقًا لقول الحق سبحانه: “قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا”، أو أن يأتوا بعشر سور من مثله، قال (عز وجل): “أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ”، أو أن يأتوا بسورة من مثله، قال سبحانه: “وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ”، فعجزوا عن ذلك كله، والتحدي قائم إلى يوم الدين للبشرية جمعاء.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن وجوه الإعجاز البياني في القرآن الكريم لا يستطيع أن يحيط بها عالم ولا أن يحتويها كتاب، ومن وجوه الإعجاز العلمي عندما ناظر النمرود سيدنا إبراهيم (عليه السلام) صدعه سيدنا إبراهيم (عليه السلام) بالحجة القاطعة وهي سنة الله (عز وجل) في هذا النظام الكوني الدقيق، كما قال تعالى: “قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”، فآيات الله (تبارك وتعالى) لا تتخلف ولا تتبدل، والكون كله يسير بنظام دقيق لم يتخلف منذ أن خلقه الله (عز وجل)، و لن تتخلف سنن الله (عز وجل) وآياته الكونية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، حيث يقول الحق سبحانه: “وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ”، فالكون كله يسير بسنة الله التي لن تتخلف ولن تتبدل ولن تتغير في نظام دقيق وعجيب، ويقول القائل:
قل للطبيب تخطفته يد الردى
يا شافي الأمراض من أرداك
قل للمريض نجا وعوفي بعدما
عجزت فنون الطب من عافاك
قل للجنين يعيش معزولًا بلا زاد
ولا مرعى من ذا الذي يرعاك
قل للوليد بكا وأجهش بالبكا
عند الولادة من ذا الذي أبكاك
قل للصحيح يموت لا من علة
من يا صحيح بالمنايا دهاك
قل للبصير وكان يحذر حفرة
فهوى بها من ذا الذي أهواك
بل سائل الأعمى خطا بين
الزحام بلا اصطدام من يقود خطاك
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه
فاسأله من ذا بالسموم دهاك
واسأله كيف تعيش يا ثعبان
أو تحيا وهذا السم يملأ فاك
واسأل بطون النحل كيف
تقاطرت شهدًا وقل للشهد من حلاك
إنه الله ولا أحد سواه.
ومن وجوه الإعجاز العلمي قول الله (تبارك وتعالى): “وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ”، فلم يخطر ببال إنسان وقت نزول القرآن الكريم أن الجبال تتحرك إلى أن أدرك العلم الحديث حركة الأرض وحركة الجبال، ويقول سبحانه: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”، ضعف الطالِب من الخلق مهما تقدم بهم العلم، وضعف المطلوب، ويقول سبحانه: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”، فها هي السماوات أمامكم: “اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا”، وهذا خلق الله: “فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”، هذا كتاب ربنا شامخ بالتحدي لكل الخلق إلى أن تقوم الساعة أن يأتوا بسورة من مثله أو يتحدوا ما جاء به، هذا قرآننا شاهد على صدق نبوة نبينا وعلى عظمة رسالته، فعلينا أن نستمسك به تلاوة وحفظًا وأخلاقًا وقيمًا يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا بعدي أَبَدًا, كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتي”، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: “إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ” قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: “هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ”، مبيناً أن رحمة الله تتسع في هذا المجال لحفظة القرآن الكريم ولكل من يقوم على خدمة القرآن، وطباعة القرآن، وإكرام أهل القرآن، فإكرام أهل القرآن من تعظيم شعائر الله، وحسن طباعة المصحف من تعظيم شعائر الله، نسأل الله أن يوفقنا لكل خير.