احتفل العالم منذ أيام قليلة باليوم العالمي للأخوة الإنسانية التي أعلنت عنه الأمم المتحدة 4 فبراير من كل عام تخليداً لذكرى توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي والتي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة بابا الفاتيكان فرنسيس.
والاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية يؤكد على أهمية الإخاء والرابط الإنساني ومدى أهميته في ظل هذه الظروف التي يعيشها العالم هذه الأيام، وهي أيام عصيبة لم نعشها من قبل بعد اندلاع الصرعات والحروب وخاصة الحرب على قطاع غزة والتي خلفت حتى الآن أكثر من 28 ألف شهيد وأكثر من 70 ألف مصاب وجريح معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى هدم البنية التحتية.
هذه الحرب جعلتنا نعيش أيام حزن وكرب على أحباء وأقارب وأهل فقدناهم بسبب الحروب التي استشرت في جسد الإنسانية جمعاء، وجعلتنا نؤكد على أهمية تطبيق بنود وثيقة الأخوة الإنسانية التي تدعو إلى التعايش والإخاء الإنساني والسلام ونشر قيم التسامح والمحبة والوئام بين شعوب العالم أجمع.
هذه النزاعات والحروب التي أصابت جسد الأمة العربية، تجعلنا كبشر في حاجة ماسة إلى بعضنا البعض، في التعاون والتكاتف والتقارب أكثر من أي وقت مضى، بغض النظر عن معتقداتنا وجنسياتنا وأعراقنا، كل يمد يده إلى أخيه في الإنسانية لنعبر معاً هذه الأزمات.
ويجب أيضاً أن نتعاون مع بعضنا لمواجهة الأزمات العالمية الأخرى التي مازلنا نعاني منها حتى كتابة هذه الكلمات، ومنها الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي ضربت العالم بعد انتشار “كوفيد -19″ في العام 2019، وبعد ذلك أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا والتي أثرت على سلاسل إمداد الغذاء في العالم.
وبالنظر إلى الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية والوثيقة التاريخية، نجد أن أصلها يعود إلى الشريعة الإسلامية، التي اعتبرت البشرية جميعاً أخوة في الإنسانية، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من وضع دستور ووثيقة المدينة التي أسست إلى المواطنة بين جميع أصحاب الديانات السماوية.
كما أن وثيقة الأخوة الإنسانية دعت إلى التسامح والمحبة وفعل الخير، ونبذ الفرقة والكراهية والتطرف، وهذا ما دعت إليه جميع الأديان السماوية، وخاصة الإسلام دين السلام، حيث دعت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلى التعايش المشترك بين الإنسانية، وحثت أيضاً على عدم الاعتداء على النفس البشرية، حيث قال تعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا”.
فإذا أردنا أن ينعم الله تعالى علينا بالصحة والأمن والأمان والسلامة؛ فيجب علينا أن نسعى لعمل الخير ونشر المحبة والسلام بيننا، ونبذ الكراهية والحروب والصراعات الدموية الدنيوية والعمل للآخرة، حتى ينجينا الله مما نحن فيه.