كثر الجدل في الفترة الأخيرة ما بين مؤيد ومعارض حول مشروع “رأس الحكمة” الواقعة على الساحل الشمالي شرق مدينة مرسى مطروح بنحو 70 كم، وترجع شهرتها بالاستراحة التي أنشأها الملك فاروق بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 تحولت إلى استراحة رئاسية، وكان الرئيسان السادات ومبارك يذهبا إليها للاستجمام.
سبق أن صدر قرار جمهوري عام 1975 بإخلائها لأنها ملك للدولة والمقيمون فيها ليس لهم عقود ملكية بل وضع اليد، لم يتم تنفيذ القرار حتى عاد المشروع من جديد للظهور حيث تقع أراضي رأس الحكمة تحت وزارة السياحة.
أعلنت الحكومة أن المخطط إقامة مدينة على مساحة 55 ألف فدان مكان القرية على أمل أن تصبح المدينة «شرم شيخ» جديدة على البحر المتوسط.
منذ أيام وقعت مصر، عقدا لتطوير مشروع رأس الحكمة بشراكة إماراتية، على أن يستقطب المشروع استثمارات تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن 35 مليار دولار استثمارا أجنبيا مباشرا للدولة المصرية خلال شهرين مما يضع مصر على خارطة الاستثمار الإقليمية كوجهة رئيسية، مع إبرام صفقة استثمارية ضخمة تُعد الأكبر في تاريخ البلاد حيث سيتم ضخ 24 مليار دولار كاستثمار مباشر خلال الشهرين المقبلين، إلى جانب تحويل 11 مليار دولار إلى العملة المحلية مما سيسهم في تقليص الدين الخارجي للبلاد بنفس القيمة، مع ضمان 35% من الأرباح لصالح مصر، والتزمت الحكومة بتعويضات مادية وعينية ووظيفية لأهالي المنطقة مما يبطل مزاعم من يرددون أنه سيتم تهجير وطرد أهلها بلا مقابل.
الجانب الآخر من الصفقة يتعلق بالتطوير العقاري، خاصة في منطقة الساحل الشمالي التي كانت في السابق تعتبر كنزاً غير مُستغل بشكل كامل بل إنها كانت “خرابة” ليس لها أي قيمة استثمارية، واجبنا مساندة جهود الدولة في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها بسبب المتغيرات الدولية والاقليمية.
نحن نتساءل: أليس تحويلها إلى مناطق معمورة خير من تركها صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، وإذا كان رأس مال المشروع إماراتي فإن مصر ضامنة لحقوقها فيها وليس بيع تام كما يروج البعض، كما أن العمال والتعمير والعوائد ستعود على مصر بالخير إن شاء الله.
وإذا كان النبي ﷺ يقول: “من أحيا أرضًا ميتة؛ فهي له” فما بالنا إذا كنا شركاء ومستفيدين منها في تعمير بلادنا بدلا من تركها خاوية على عروشها، واجبنا الوعي والبحث عن الحقيقة بدلا من تصديق الشائعات المغرضة المدمرة التي يروج لها أعداء الوطن في الداخل والخارج.
كلمات باقية:
يقول الله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ“.