أيام قليلة ويحل علينا شهر رمضان المعظم، شهر القرآن والخير والبركات، الشهر الذي قال الله عز وجل عنه في كتابه العزيز: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.
ومن الأعمال المفضلة في هذا الشهر الكريم الصدقة، وتعادل في رمضان سبعين ضعفاً من غيرها، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، والأعمال الصالحة في الجملة تتضاعف في رمضان عند الله، وهي من أبواب الخير العظيمة التي رغبت فيها الشريعة الإسلامية وحثت عليها.
والصدقة تدفع المصائب والكروب والشدائد، وترفع البلايا والآفات والأمراض، ويُرْبي الله الصدقات، ويضاعف لأصحابها المثوبات، ويُعلي الدرجات، ولذلك جاء الأمر الإلهي لرسول الله بأخذ الصدقات والحث عليها، قال تعالى: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا”.
والأعمال الصالحة تتضاعف في رمضان، كما جاء في حديث رسول الله: “من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، ومن فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة”.
فإذا كان هذا الفضل الإلهي على هذه الأعمال السهلة؛ فما بالكم بالصدقات العظيمة في هذه الأيام المباركة، من رعاية الأيتام والمحرومين، وإدخال السرور على المسلمين والمساهمة في أعمال الخير، فليبادر من يرغب في ثواب الله إلى الإكثار من الصدقات، وخاصة في ظل الغلاء الذي يعيشه الناس هذه الأيام، وزيادة أسعار السلع الغذائية.
وإذا كانت أعمال البر والعبادات تُعظَّم ويعظم ثوابها في رمضان؛ فإن الصدقات لا تقل عن ذلك بإخلاص النية، وفيها طاعة عظيمة وثوابها يزيد في رمضان بما لهذا الشهر الكريم من مكانة عظيمة عند الله عز وجل.
وكان رسول الله ينفق في رمضان ما لا ينفق في غيره، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فالرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة”.
والصدقة تقي المسلم كثيراً من الشرور والمصائب، ومن أفضل أنواعها الصدقة الجارية التي تستمر للعبد بعد وفاته، مثل حفر الآبار وبناء المساجد وطباعة الكتب، وانشاء مكاتب تحفيظ القرآن والأوقاف الخيرية على الفقراء والمساكين، وغير ذلك من أفعال الخير مثل التصدق والتبرع للمستشفيات التي تعالج الأمراض المستعصية مثل أمراض القلب والسرطان، تقبل الله منكم ومنا صالح الأعمال والصدقات.