يشهد شهر رمضان الكريم قوة إستهلاكية كبيرة تعادل إستهلاك ثلاثة أشهر أخرى، وتَفوق الإحتياج الطبيعي للأسرة المصرية. فى ظل إرتفاع الأسعار، وتلاعب بعض التجار بأسعار السلع، وسيادة الممارسات الإحتكارية. تدل هذه الحركة الإستهلاكية الغاشمه غير الملائمة للإستهلاك الطبيعى على الفهم الخاطئ لفريضة الصيام وعدم إستنباط حكمة الخالق سبحانه وتعالى من فريضة الصيام وهو التضامن الشعورى بين الأغنياء والفقراء والتكاتف من أجل الإنسانية الحقيقية التى أرادها الله، وإعلاء القيم الروحية وطمس الصراعات المادية التى طغت على القيم والمبادئ والأخلاق. وضع الله شرطاً للأكل والشراب وهو عدم الإسراف لقوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) للإسراف أضرار كثيرة على المجتمع منها زيادة الإستهلاك، نقص المتاح من السلع، إرتفاع الأسعار، شعور الأسر غير القادرة بالحرمان والجوع، طعن المسرف للإنسانية. ويبين الخالق أن من صفات المؤمنين عدم الإسراف وعدم التقتير فى الإنفاق وإنما القصد فى الإنفاق بقدر الحاجة لقوله تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) كيف بعدت بعض الأُسر المسلمة عن الإلتزام بأدب القرآن فى إحترام مشاعر المساكين والفقراء أم السيطرة لشهوة المأكولات والبذخ الناتج عن الأنانية. أمرنا الله بالإنفاق فى حدود الحاجة ووضع ضوابط عديدة للإسراف حتى لا يسقط المجتمع فى بئر إللا إنسانية وتسود فيه الأنانية والكراهية والحقد وتتحول إلى جرائم نعجز عن السيطرة عليها. فعلينا أن ندرك الحكمة الحقيقية للصيام ونلتزم بها ونعمل على نشر ثقافة الإنضباط والإقتصاد فى الإنفاق وبناء مجتمع متكاتف يشعر كل إنسان فيه بمسئوليته فى المجتمع. ونستطيع بذلك تجاوز الأزمات الفكرية والغذائية والإقتصادية.