مشكلة جشع التجار ولهيب الأسعار من المشكلات التي يئن منها المواطن في حين نجد الملايين التي تنفق على الحفلات والتعاقد مع لاعبي كرة الهواء وهى كرة القدم وقد حذرنا الإسلام تحذيراً شديداً من الترف لأنه سبب فساد الأمم قال تعالى في سورة سبأ: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا بَعَثَ بِهِ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: (إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ ) ولقد أدرك الصحابة رضى الله عنهم خطورة التنعم والترفه خصوصا بعد أن اتسعت موارد الدولة وكثر المال بسبب الفتوحات فكانوا يتعاهدون بعضهم بالنصح فعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّك وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيك وَلَا كَدِّ أُمِّك فَأَشْبِعْ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِك وَإِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلُبُوسَ الْحَرِيرِ وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ الْإسْفَرايِينِيّ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْفُرُوعِ : أَمَّا بَعْدُ فَاتَّزِرُوا وَارْتَدُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إسْمَاعِيلَ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ وَتَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا وَاخْلَوْلِقُوا وَاقْطَعُوا الرَّكَبَ وَانْزُوا وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ .
وقد دخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه على ابنته حفصة رضى الله عنها فقدمت إليه مرقا باردا وصبت عليه زيتا فقال: أدمان في إناء واحد ؟ لا آكله حتى ألقى الله٠
مشكلة غلاء الأسعار لها حلول في شريعة الله عز وجل منها: تربية الضمير على التقوى والمراقبة وكثرة الاستغفار والدعاء والتكافل الاجتماعي وأداء الزكاة والصدقات والتربية على الرضا والقناعة بما قسم الله تعالى التربية على الاعتدال ونبذ الترف والإسراف ومقاومة الاحتكار والاستغلال قال النبي: (لا يحتكر إلا خاطئ) وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ؛مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى ) .
يجب منع الاحتكار بكافة صوره وأشكاله وحيله ويجب على ولاة الأمر اتخاذ التدابير لحماية المستهلك من التجار الجشعين الذين لا يهمهم إلا انتفاخ جيوبهم.
قال الشاعر :
سيفتح باب إذا سد باب
نعم وتهون الأمور الصعاب
ويتسع العيش من بعد ما
تضيق المذاهب فيها الرحاب
مع الهم يسران هون عليك
فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب
أيضا وجب نشر ثقافة التعامل مع الغلاء ففي زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه جاؤوا إليه وقالوا : نشتكي إليك غلاء اللحم فسعّره لنا فقال : أرخصوه أنتم ؟فقالوا: نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة فتقول: أرخصوه أنتم ؟ فقالوا: وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟ فقال قولته الرائعة: اتركوه لهم .
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والشقاء وقنعنا بما رزقتنا وارزقنا الحلال وبارك لنا فيه.