من أفضل الأعمال والعبادات في شهر رمضان قراءة القرآن الكريم فهو شهر القرآن، أنزل فيه بداية وجملة وكان جبريل- عليه السلام- يدارس النبي بالقرآن ويراجعه معه في شهر رمضان مرة واحدة، فلما كان العام الذي انتقل فيه راجعه معه مرتين، والقراءة للقرآن لها آداب إسلامية تشمل الزمان والمكان والقارئ جسدا وروحا. فمن آداب الزمان: أن تتخيّر أحسن الأوقات، وأفضل الأوقات للقراءة في الصلاة، ثم النصف الآخر من الليل، ثم النصف الأول من الليل، ثم ما بين المغرب والعشاء، ثم أول النهار، ثم في أي وقت تشاء.
ومن آداب المكان: أن تتخيّر مكانًا هادئًا تشعر فيه بالسكينة وتسمع فيه صوتك ويكون طاهرا نظيفا وكلما كان مكانا خاصا بالصلاة كان أفضل.
آداب القارئ: للقارئ أن يراعي في جسده آدابا منها أن يكون على طهارة، ويحرص على النظافة للبدن والمكان، فتتوضأ وتغسل فمك وتنظّف أسنانك، وتلبس ملابس نظيفة، والمرأة تلبس ملابس محتشمة ساترة، وتجلس في مكان نظيف، وتستقبل القِبلة وتتطيّب بالعطور. وكل ما تفعل من ذلك يُضاعَف أجرك على القراءة.
ثم للنفس والروح آداب في القراءة، أولًا: إخلاص النيّة لله، فتقصد بقراءتك للقرآن وجه الله، ورضاه، والقُرب منه، وتعظيم كلامه، وإحياء الأوقات بذكر الله وكلامه، وتنوير بيتك وقلبك بالقرآن.
ثانيًا: تبدأ القراءة بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وعند بداية كل سورة تقل بسم الله الرحمن الرحيم، ماعدا براءة، وتقرأ بالترتيل وتجهر بالقراءة وترفع الصوت خاصة لمن حسن صوته وأجاد القراءة، بلا إزعاج ولا مُراءاة، بنيّة إيقاظ الهِمم وتنبيه الغافلين.
ثالثًا: القراءة من المصحف أفضل من القراءة غيبًا لأن النظر في المصحف عبادة، وتضع المصحف على مكان مرتفع عن الأرض، احتراما وتعظيما لكتاب الله.
رابعًا: يُستحب لك القراءة مع غيرك، فتجتمعون للقراءة والذكر وتدارس كلام الله لتحفّكم الملائكة ويمكنكم إدارة القراءة بينكم، وهي أن يقرأ أحدكم ما تيسّر له، ثم يسكت ثم يكمل الآخر من حيث انتهى الأول وهكذا.
خامسًا: تتفاعل مع آيات القرآن وتستجيب لكل ما تقرأه من كلام الله فإذا مررت بآية رحمة تسأل الله من فضله، وإذا مررت بآية عذاب تستعيذ بالله من الشر وتسأله العافية، وإذا مررت بآية تنزيه تقل سبحان الله أو جلَّت عظمة ربنا، وأن تصلّي على النبي عند الأمر بالصلاة عليه، وتعظم الله عند ذكر صفاته، وتسجد إذا مررت بآية سجدة. وهذه كلها من المستحبّات في القراءة.
فإذا فعلت ذلك كان على كل عمل منها، سواء العمل القلبي أو البدني أو القولي، حسنات يتضاعف بها أجرك على قراءتك، وهكذا يتفاضل الناس في القراءة وتتضاعف أجورهم في الشهر الكريم. نسأل الله أن يرزقنا خير القول والعمل وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم ويضاعِف على القراءة أجورنا.