في رحاب الشهر الكريم تتجدّد الفرصة لعلاقة أفضل مع القرآن، فأجواء الشهر الفضيل مُشجِّعة على مزيد من التلاوة والتدبّر والعمل “وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ”، فكيف ننتهز تلك الفرصة وكيف نغتنمها؟ كأجمل بداية نستعين بالله عزَّ وجلَّ وندعوه أن يفتح علينا بصائرنا وقلوبنا ويرزقنا فهم آيات القرآن وإصلاح أنفسَنا بها، ثم نجتهد في تدبّر ما نقرأ من وِرْد يومي بتفسير مبسَّط -وليتنا لا نجعله “وِرْداً” بل “وِدّاً”- ومن أهم الأشياء معرفة محور السورة قبل تلاوتها مما يزيد من معايشة المعنى. ولا تنس أن تجعل بجانبك ورقة وقلما لتتبع أمراً ما: فيمكنك أن تتتبع أفعال الأمر في القرآن لتعلم ما على المؤمن من تكليفات فُرضت عليه لتضمن له السلامة في الدنيا والآخرة أو تتبع أفعال الله التي تبيّن لك من هو ربّك أو تتبُع أسماء الله الحسنى والقراءة عنها. لا تمرِّر آية استُشكل عليك فهمها بل ابحث عن تفسيرها واعرض نفسك على كتاب الله حين يصف المؤمن وحين يصف الفاسق ايضاً. ثم راجع أقوالك وأفعالك في ضوء ما قرأت واجتهد أن يكون يومك أفضل من أمْسِك. القرآن كتاب معجز لا تنْفَذ كنوزه أبدا، فانهل من عطاياه واجتهد في فهم آياته والعمل بها قال صلى الله عليه وسلم: (من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم) وليتنا نخرج من رمضان على نيّة الاستمرار في معاهدة القرآن فلا تقلِّل وِرْدَك الذي التزمته في رمضان وسترى مع مرور الوقت كيف سيغيّرك القرآن، سيغيّر عاداتك وسلوكك وقلبك وصلتك بربّك، سيغيّر مع الوقت رؤيتك للأشياء فتستطيع ترتيب أولوياتك ترتيبا صحيحاً فتميّز بين ما يستحق وقتك وجهدك وما لا يستحق “نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”.