يعتبر مارس من كل عام هو شهر المرأة، حيث يحتفل العالم العربي بعيد الأم في ٢١ مارس، تقديرا لما قدّمته من عطاء وحب وحنان.
وأكدت الأديان السماوية أن المرأة هى مصدر الحياة بالنسبة للإنسان فى هذا الوجود، وأوضح الحديث النبوى الشريف مكانتها، فيما رواه أبي هريرة، أنه جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ، فَقالَ: “مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ”.
يرى د. محمد عبدالمنعم- أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- أن القرآن الكريم وجّه دعوةً مُلحّةً لبرّ الوالدين وإكرامهما، ما يؤكد دور الأم في الحياة والمجتمع، مُشدّداً على أن ذلك يأتي ضمن الطاعة لله تعالى، حيث ورد في كتابه الكريم: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا” (الإسراء).
أضاف: تُظهر هذه الآية الكريمة أهمية برّ الوالدين وتكريمهما في الإسلام، ولا ينبغي نسيان دور الأم في تنمية القيم والأخلاق لدى أبنائها، حيث تُعلمهم السلوكيات الحميدة والمبادئ الأخلاقية التي تشكل أساس تكوين شخصيتهم.
أوضح أن الإسلام لا يوجد عيد مخصص للأم بالشكل الذي يحتفل به في بعض الثقافات الأخرى، ومع ذلك تُعتبر رعاية الأم واحترامها وبرّها من القيم العظيمة في الدين الإسلامي، يوصي الإسلام بالإحسان إلى الوالدين وبرّهما، ويعتبر تكريم الأم واجبًا دينيًا وأخلاقيا. والقرآن وضع قواعد وتوجيهات تبرز أهمية دور الأم وتحث على احترامها ورعايتها، مستدلا بما ورد في سورة لقمان، {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}، فتجسّد واحدة من أهم أدوار الأم في الإسلام، وهي الرعاية والتضحية اللا محدودة من أجل راحة ورعاية الأبناء.
وفي سورة البقرة “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ”، وهذا يظهر الرحمة والعناية الإلهية التي وهبها الله للأمّهات لرعاية وتغذية أطفالهن.
الأم في المسيحية
وقال القس رفعت فكري- رئيس مجمع القاهرة المشيخي، الأمين المساعد لمجلس كنائس الشرق الأوسط-: الإنجيل يبرز فضيلة الأم في عدة مواضع، كما يرتفع مولد المسيح بمكانة الأمومة إلى أعلى الدرجات، وفي لحظات الوداع على الصليب، وثَّق يسوع اهتمامه بأمه بتكليف يوحنا برعايتها، مما يعكس المكانة السامية التي تحظى بها المرأة في التقاليد المسيحية وفقاً لتعاليم الكتاب المقدس.
أضاف: العذراء مريم تُعتبر أحد أجمل الأمثلة على المرأة التقية والأم الناجحة، فكان حضورها بارزًا في الكتاب المقدس والقرآن أيضا، بسبب تضحياتها وتفانيها في خدمة ابنها، إذ حظيت بالنعمة والتقدير من الله والناس، وأصبحت قدوة للنساء المؤمنات بسبب تحمّلها مشقّة السفر من فلسطين إلى مصر، وكانت تعاني التعب والإرهاق، مما يبرز قوة إيمانها وتفانيها في خدمة الله.
أكد أنه لم يقتصر احترام الوالدين على المسيح وحده، بل كرّر يسوع وصية الله لموسى، حيث أمر بتكريم الوالدين قائلاً: “فإن الله أوصى قائلاً أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتًا”، وأكد الرسول بولس على هذه الوصية في كتابه، مشيرًا إلى أن تكريم الوالدين هو الوصية الأولى التي يأمر بها الله بوعده.