تمر أيام شهر رمضان المبارك سريعة وحزينة قي نقس الوقت، فهي سريعة من حيث مرور ساعاته المباركة التي فيها»الرحمة والمغفرة والعتق من النار»، وحزينة لمن يتابع حرب الإبادة الصهيونية – بتآمر وصمت عالمي- على أشقائنا في غزة الصامدة التي تقدم نموذجا فريدا في مقاومة المحتل الغاصب الذي أخبرنا الله تعالى بأنهم أشد الناس عداوة للذين أمنوا فقال سبحانه:» لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا» ونلاحظ هنا أن اليهود تقدموا على المشركين في العدواة، وفي نفس الآية الكريمة كشف الله لنا موقف المسيحيين – خاصة القاطنين في الشرق – من المسلمين فقال سبحانه:» وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ «.
واجبنا أن نكثر من الدعاء بإلحاح ورجاء لله سبحانه بنصرة المظلومين فهو سبحانه الوحيد القادر على كشف هذه الغمة التي لحقت بالأمة، وصدق سبحانه إذ يقول:» هَٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ. أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ».
سلاح الدعاء الوحيد القادر على تحويل أقدار الله، إذ عجز المسلمون عن مواجهة جبروت الأعداء رغم أخذهم بالممكن من الأسباب، فكم من وقائع التاريخ الإسلامي بل قبل الإسلام غيرت دعوات الرسل والأنبياء والصالحين من الوقائع لأنه سبحانه القائل:» أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ» وقول النبي ﷺ:»لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء».
أنا على يقين أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية لحكمة إلهية وتغير جذري في تاريخ البشرية كلها، فهو تمحيص لمواقف العباد من قضية عقائدية كبرى وخاصة أن المسجد الأقصى عرضة للهدم في أي وقت، وصدق الله العظيم إذ يقول:» إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ. لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ».
من المستحيل أن يتساوي عند الله المهموم بما يجري لإخوانه المسلمين المستضعفين في العالم كله بمن هو غارق في اللهو والملذات، بل إن هناك من قام بتحميل القتيل المسلوبة أرضه مسئولية ما يجري وكأن الرضا بالذل والهوان هو سنة الحياة في عصر» أمة غثاء السيل» الذين فسر النبي موقفهم في نهاية الحديث»..حب الدنيا وكراهية الموت»، وليسأل كل منا نفسه ويجيب بصدق: ماذا فعلت لنصرة إخوانك المستضعفين من الحروب والفقر والمرض في الداخل والخارج؟
كلمات باقية:
يقول الله تعالى:»إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ».