الرزق نوعان، رزق يطلبك، ورزق تطلبه، فأما الأول فما كان من هبة وميراث وغيرها، وأما الثاني فيجب أن تعمل وتسعى وتأخذ بالأسباب ليصلك. فكيف نجمع إذن بين ذلك السعي وبين مقولة أن الرزق مكتوب؟ فالرزق مكتوب بتقدير إلهي لا يعلم حكمته إلا الله (إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) فلو كان هذا الدرهم من حق فلان فمن المؤكد أنه سيصله، ولكن كيف سيصله؟ هل بطريق مشروع كإرث أو هدية؟ أو بمعصية كاغتصاب وسرقة؟ فالمحكّ هنا كيف سيصل ذلك الرزق لصاحبه؟ فبطولة المؤمن أن يسعى ويبذل الجهد ليصله رزقه المكتوب من حلال وبطريقة كريمة (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، وبالإضافة لذلك السعي في طلب الرزق هناك طرق تعلّمناها من القرآن ومن هدي النبي ﷺ من شأنها توسعة الأرزاق وزيادة البركة فيها، كالابتعاد عن الذنوب والمعاصي (إنَّ الرَّجلَ ليُحرمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه)، والحرص على صلة الرَّحم (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه ويُنسَأَ له في أجَلِه فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه)، والاستغفار وكذلك الصدقة تجلب الرزق والتوكّل على الله حق التوكّل (لو أنَّكم تَوَكَّلُونَ علَى اللهِ تعالَى حَقَّ تَوَكُلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كمَا يَرْزُقُ الطيرَ، تغدُو خِماصاً، وتروحُ بِطاناً). والبعد عن المعاصي والكسل والبُخل وحبس مال الزكاة وأكل المال الحرام الذي يمحق البركة. بينما الشكر يعقل النعمة بعقالها، ولا ننس ونحن نشكر الله على رزقه أن نستحضر كل الأرزاق كسكينة الروح، نور العقل، صحة الجسد، صفاء القلب، سلامة الفكر، رزق العلم والإيمان والصحة والذرية الطيبة.