بقلم الدكتور: أحمد زعتر
الحياة الدنيا مليئة بالصعاب والابتلاءات التي تؤثر علينا سلبا، ومنا من يثبت ويتجاوز تلك الصعاب، ومنا من يضعف ويستسلم وينغرس فيها، ولنا في الأنبياء الأسوة الحسنة في الصبر على الابتلاءات والاستعانة بالله سبحانه وتعالى للتغلب على كل المصاعب التي تواجهنا.
لقد كان سيدنا إبراهيم (عليه السلام) أبًا للمسلمين، وقد رزقه الله على الكبر بابنيه إسماعيل وإسحاق (عليهما السلام)، ولأن الأبناء من فتن الحياة الدنيا، فلقد كان ابتلاؤه في عاطفة الأبوة، وذلك حين أمره الله بذبح ابنه إسماعيل (عليه السلام)، كما يعتبر سيدنا إسماعيل (عليه السلام) مثالاً وأنموذجاً رائعاً في الإسلام في طاعة وبر الوالدين، حيث استجاب لأمر الله ولكلمات والده، ولم يتردد لحظة أو حتى يجادل.
وقد كان ابتلاء سيدنا موسى (عليه السلام) وقومه هو ظلم فرعون لهم، بما يُعد أنموذجاً حيال الاضطهاد للمستضعفين، ونرى في قصته عبرة لمن يعتبر، ومثال حي على الصبر واليقين في الله، خلفه الماء وأمامه جنود فرعون، أي أنه هالك لا محالة هو وقومه، إلا إن ثقته في الله كانت النجاة.
وقد كان سيدنا أيوب (عليه السلام) مثالا للبشرية في الصبر، فقد اجتمع عليه ألم المرض البدني وهواجس الشيطان في خواطره النفسية، فوسوس له الشيطان قائلا: كيف يفعل الله بك هذا فأنت رسول؟ وكيف يتركك دون أن يشفيك؟ ويعتبر سيدنا أيوب الشاهد علينا جميعا يوم القيامة وحجة دامغة على من فشل في تجاوز الابتلاءات المؤلمة.
أما خاتم الرسل سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) فقد تعرض لجميع أنواع الابتلاءات التي يمكن أن يتعرض لها إنسان في الدنيا، ومن هذه الابتلاءات صبره على الاضطهاد والتعذيب والإيذاء والتجويع والسخرية والردود القبيحة عليه والإهانات المتوالية، والأذى الذي لحق به لحق بأقاربه وأصحابه، وابتلي أيضا بمصيبة الموت في أولاده الذكور وأقاربه وأصحابه، كما ولد يتيمًا وتوفيت والدته وهو في السادسة من عمره وغير ذلك من ابتلاءات عديدة، فكيف بعد كل ذلك نستسلم للابتلاءات أو تهزمنا المصائب والمحن؟! نسأل الله الثبات والرحمة والعفو والغفران.