هل الصبر مَلَكَة نفسية أم مدد ربّاني؟ عندما تشتد مواقف الحياة على الإنسان ويُصادف في أيام عمره السؤال الأصعب، فيَفْقِد صَفِيَّه أو يُبتلى فيمن يعزّ عليه فيجد نفسه ممزَّقا بين وجع الفراق والقلق على مصير صفيِّه وحبيبه فيسارع ليسأل عن دَيْنِه إن وجد ويتحرّى المستحقّين لعمل صدقة جارية له ويسارع ليعتمر له ويوصي بالدعاء كل من يراه ويبحث في أشيائه عن علم يُنتفع به لينشره وكأنّه يحاول دعمه في حياته الجديدة بكل ما يستطيع، حتى إنك تراه قد نسي نفسه وانشغل بعالَم جديد، ثم يفيق على غصَّته ووجعه! وحينها تأتي وصيّة الرحمن عزَّ وجلَّ: “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ”. والصبر هنا لن يجده المكلوم مَلَكَة من مَلَكَاته ولكنه مَدَد ربّاني يستطيع المؤمن استجلابه بالصلاة والدعاء والاسترجاع “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”، والاستعاذة من الشيطان واستشعار أن الله عنده فهو عزَّ وجلَّ دائما عند المنكسرة قلوبهم وقد يعينه قناعاته السابقة ومعرفته لطبيعة الدنيا فهي من الأغيار لا تستقيم لأحد وكذلك استشعاره الأجر ووعود الله للصابرين في الآخرة: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”، وكذلك في الدنيا: “وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمَّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون”.