البعص لا زال يحاول جاهداً الانصراف عن تبليغ أمانة الله بحق وصدق، بل ويسعى في تدمير الحقوق والتكليفات التي كلف الله بها عباده، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوز الأمر لإضاعة الحقوق والواجبات – الفردية للغير- بحجة الإجراءات والضوابط، لكن المتابع للحياة والقارئ المتقن للقرآن الكريم يدرك الرسائل الموجهة من الله سبحانه لعباده، فتراه في موضع يحثنا على السعي والكسب الحلال واجتناب الحرام، وفي موضع آخر يرشدنا إلى الفعل الحسن والبعد عن القبيح، وفي موضع مختلف يحثنا على العلم والتعلم والمحافظة على الوقت، ثم يدلنا في موضع آخر على حقيقة ثابتة وهي قوله عز وجل من سورة الانشقاق :” يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ” يقول الامام الطبري رحمه الله في تأويل هذه الآية الكريمة ما نصه: “يأيُّها الإنسان إنك عامل إلى ربك عملا فملاقيه به خيرًا كان عملك ذلك أو شرًا، يقول: فليكن عملك مما يُنجيك من سُخْطه، ويوجب لك رضاه، ولا يكن مما يُسخطه عليك فتهلك”.
إنَّ بعضاً من البشر قد تخلَّوا عن كثير من المبادئ والقيم والمُثل العليا، حتى الذين اصطفاهم الله تعالى وجعلهم أهلاً لتبليغ أمانة العلم، تجدهم أكثر الناس ضياعاً للحقوق والواجبات بل والوقت الشخصي للأفراد أيضاً، علماً أن الوقت هو أعز ما يملكه الإنسان ويسعى فيه لتحقيق ما يمكن تحقيقه قبل أن تردَّ الروح إلى خالقها عز وجل، أيؤتمن هؤلاء على أمانة العلم وتنبيه الأمة على المحافظة على الوقت!
لا خير في خل لم يتأسى بمن قبله من أهل العلم والفضل، ولقد صاحبت علماء أجلاء وباحثين مجيدين أكفاء كان لهم السبق في الحفاظ على الوقت وعدم التفريط فيه بل إن بعضهم كان يزن وقته بوقت الفرائض والصلوات.
هنا تجدني أحدثك عن رسائل مشبعة بالخير والتقرب من الله عز وجل القاسم المشترك فيها هو الوقت، فكيف يمكن لإنسان أن يضيع وقت غيره بحجج فارغة وأفكار واهية، من باب أنها ضمن إجراءات عمل تستوجب الاستكمال حتى يستقيم المسير وتستقر المعاملة في الموقع المخصص لها، عن أي إجراءات تتحدثون! وأنتم من ضيعتم الحقوق والواجبات، ولم تلتزموا قولاً وعملاً بما تم وقيل.
ختاماً: استقيموا تستقيم لكم الحياة … هنا كان التلميح واضحاً جلياً، لكن في قادم الأيام ستثبت الأيام ما نود فعله حتى توضع الأمور في نصابها.. فالاجراءات ما وضعت إلا جوابراً لا زواجراً.