سلطان البهرة: الجهود المصرية “مُقدَّرة” لإقرار سلام الشعوب
مصطفى ياسين
تشهد مساجد آل البيت فى الآونة الأخيرة، حركة دؤوبة من التجديد والتطوير، ما يمثِّل اهتماما كبيرا من الدولة المصرية بإحياء واستعادة دور تلك المساجد- دعويا وتنمويا واجتماعيا- فى مسعى حثيث لاستعادة الوجه الحضارى للقاهرة التاريخية.
حيث افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي- صباح الأحد- مسجد السيدة زينب- رضي الله عنها- بعد انتهاء أعمال ترميمه وتجديده، يرافقه السلطان مفضل سيف الدين- سلطان طائفة البهرة بالهند- والأمراء من أشقاء وأنجال السلطان، منهم الأمير القائد جوهر عزالدين، والأمير جعفر الصادق عماد الدين، وكذلك السيد مفضل محمد ممثِّل السلطان بالقاهرة.
أكد الرئيس السيسي، أن الدولة المصرية لديها خطة كبيرة من أجل تطوير كل مساجد آل البيت والصحابة والصالحين، قائلا: “عندنا خطة كبيرة جدا لتطوير المساجد الخاصة بآل البيت وأيضا الصحابة الذين جاءوا إلى مصر ومساجد الصالحين”.
ووجَّه الرئيس السيسي، محافظة القاهرة اللواء خالد عبدالعال، ببحث تعويض أصحاب المنازل المحيطة بالمساجد التي تعمل الدولة على تطويرها مثل مساجد الأضرحة وآل البيت والصالحين والصحابة، قائلا: “الكلام هذا لنا كلنا.. لو ممكن محافظة القاهرة تعوّض الناس عن بعض المساكن التى ظروفها كانت موجودة جانب المساجد”.
وأكد الرئيس السيسى حرص الدولة على الاستمرار فى مسار التنمية، فى كل أنحاء البلاد، بما فى ذلك المناطق التاريخية بالقاهرة التى تبذل الدولة جهودا كبيرة لتطويرها واستعادة وجهها الحضارى.
كان الرئيس السيسي، قد استقبل السلطان مفضل سيف الدين، سلطان طائفة البهرة بالهند، يرافقه شقيقه الأمير القائد جوهر عز الدين، وأنجاله الأمير جعفر الصادق عماد الدين، والأمير طه نجم الدين، والأمير حسين برهان الدين، بمقر الرئاسة، بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامّة، والسيد “مفضل محمد” ممثل السلطان بالقاهرة.
العلاقات التاريخية
وصرح المستشار أحمد فهمي- المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية- أن الرئيس رحَّب بزيارة السلطان مفضل سيف الدين إلى مصر، مشيداً بالعلاقات التاريخية التي تربط مصر بالطائفة، وبالدور الذي يقوم به السلطان والطائفة في ترميم مساجد وأضرحة آل البيت والمساجد الأثرية بالقاهرة، بالإضافة إلى المشروعات التنموية والخيرية التي تقوم بها الطائفة في مصر، ومؤكّداً حرص الدولة على الاستمرار في مسار التنمية في كافة أنحاء البلاد، بما في ذلك في المناطق التاريخية بالقاهرة، التي تبذل الدولة جهوداً كبيرة لتطويرها واستعادة وجهها الحضاري.
التقدُّم المصرى
من جانبه أكد سلطان البهرة، تقديره البالغ للسيد الرئيس، وللجهود التنموية التي تقوم بها مصر على جميع الأصعدة، وما يشاهده من استمرار التقدم والتطوير في مصر، فضلاً عن حرص الدولة والسيد الرئيس، بشكل دائم، على تعزيز مبادئ وقيم المواطنة والتسامح، بما يعزز التعايش والسلم الاجتماعي.
كما نوَّه سلطان البهرة إلى الدور المصري المُقدَّر في دفع جهود إرساء السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مُشيداً بسعي مصر الدؤوب للعمل على إنهاء الحروب والنزاعات، لتحقيق مستقبل أفضل لجميع الشعوب.
وقال: “نحن في مقام السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء ابنة رسول الله.. وأشكر جمهورية مصر العربية والرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة والشعب أن أجازت لي تجديد وتطوير مقام السيدة زينب”.
الإمام الأكبر ووزير الأوقاف.. من “رحاب السيدة”:
مساجد آل البيت.. تستعيد مجدها الدعوى والحضارى
من جهته قام فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر، اليوم الاثنين- بزيارة مسجد السيدة زينب بالقاهرة، وقد أعرب عن تقديره لجهود الدولة وحرصها على رعاية وترميم المساجد والآثار الإسلامية.
وكان في استقباله د. مختار جمعة- وزير الأوقاف- ولفيف من قيادات الأوقاف، واستعرض الوزير لشيخ الأزهر أعمال التجديدات في المسجد والتي امتدّت لتشمل المقصورة الجديدة للضريح، والترميمات الأثرية داخل المسجد وفي ساحاته الخارجية، والزخارف المعمارية، والتطوير الشامل لخدمات المسجد ومرافقه، وباحاته ومآذنه، مطلعا فضيلته على التخطيط العام لعملية التجديد ومراحل تنفيذها.
القاهرة الفاطمية
وثمَّن د. مختار جمعة، اهتمام الرئيس السيسى وتوجيهاته بتطوير مساجد آل البيت بما يليق بمكانتها وحرص الرئيس على افتتاح هذه المساجد بنفسه، مشيرا إلي أن الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسي، نفَّذت أكبر خطة لتطوير وعمارة مساجد آل البيت، وقام الرئيس السيسى بافتتاح مسجد سيدنا الحسين- رضى الله عن-ه بالقاهرة 27 أبريل 2022 بعد أعمال التجديد والتأهيل التى تمت داخل المسجد، كما شهد الرئيس افتتاح مسجد السيدة نفيسة- رضى الله عنها- بالقاهرة يوم 8 أغسطس 2023، كما تم تطوير وافتتاح مساجد السيدة فاطمة النبوية والسيدة رقية- رضى الله عنهما- وتستمر خطط الدولة المصرية فى تطوير مساجد آل البيت على مستوى الجمهورية لتؤدّى دورها التنويري.
أوضح د. جمعة، أن تطوير مسجد السيدة زينب تم بنفس الإجراءات التي تم من خلالها تطوير مساجد الحسين والسيدة نفسية والسيدة فاطمة النبوية والسيدة رقية (رضي الله عنهم)، ضمن مشروع تطوير القاهرة الفاطمية والتي تشمل مساجد آل البيت بالقاهرة، بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ووجَّه الشكر للرئيس على اهتمامه بعمارة المساجد بصفة عامة ومساجد آل البيت بصفة خاصة، وتشييدها وتطويرها بما يليق بحقِّها وبجمهوريتنا الجديدة، حيث أعلن عن خطة كبيرة جدًا لتطوير مساجد آل البيت ومساجد الصحابة الكرام (رضوان الله عليهم جميعًا) والصالحين وسائر المساجد الكبرى والأثرية، بدءا بمسجد الرفاعي والسلطان حسن ومسجد المواردي ومساجد أخرى كثيرة وصولا إلى القلعة ومسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها).
وأشار د. جمعة، إلى أن إجمالى المساجد التى تم إنشاؤها أو إحلالها وتجديدها أو تطويرها وصيانتها وفرشها فى عهد الرئيس السيسى، بلغ 11887 مسجدا بتكلفة تقدر بنحو 18 مليار جنيه، وأن الاهتمام بعمارة المساجد يتضمن تكثيف الأنشطة الدعوية والمقارئ القرآنية، كما يتضمن الاهتمام بها من حيث الإنشاء والعمارة والتطوير.
“الأعلى الصوفية”: شكرا للرئيس.. اهتمامه بالتطوير
من ناحية أخرى، وجَّه د. عبدالهادي القصبي- رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، زعيم الأغلبية بمجلس النواب- وأعضاء المجلس الأعلى للطرق الصوفية ومُريدوها الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، على اهتمامه بتطوير أضرحة ومقامات الصالحين، مشيدًا بتدخلات الرئيس غير المسبوقة في جميع القطاعات التي تشهد نهضة كبيرة حاليًا، معربا عن سعادته بقرار الرئيس بتطوير أضرحة الصالحين.
كما وجَّه د. القصبى الشكر إلي الرئيس السيسي، لتوجيهاته بسرعة إتمام أعمال الصيانة والتطوير بمسجد السيدة زينب- رضى الله عنها- وجميع مساجد أل البيت، مؤكدا اهتمام القيادة السياسية بتطوير أضرحة ومساجد آل البيت.
وأكد د. القصبي حرص القيادة السياسية الدائم على تطوير واجهة مصر الحضارية الإسلامية، مشيرًا إلى أنها سيكون لها شأن مختلف عقب الانتهاء من أعمال الترميم والتطوير.
وأشار إلى أن ترميم وتطوير مسجد السيدة زينب تم في وقت قياسي مثل غيره من مساجد آل البيت فأصبح تُحفة معمارية.
نقيب الأشراف: تطوير غير مسبوق.. يدعم السياحة الدينية والثقافية
من جانبه وجَّه السيد محمود الشريف- نقيب الأشراف- وجميع منتسبي النقابة من أبناء الأشراف داخل مصر وخارجها، الشكر والتقدير للرئيس السيسي، على اهتمامه بمساجد آل البيت، وأكد نقيب الأشراف، أن هناك تطويرا غير مسبوق في مساجد “سيدنا الإمام الحسين والسيدة نفيسة والسيدة زينب والسيدة رقية والسيدة فاطمة النبوية- رضي الله عنهم- ويتم تطوير المناطق المحيطة بها بصورة حضارية، وكذلك شارع الأشراف وما يتضمنه من مقامات لآل بيت الحبيب المصطفى، وما تم من تطوير حضاري للمناطق المحيطة بهذه المساجد التاريخية وما يمثّله من زيادة السياحة الدينية والثقافية من داخل وخارج مصر، وما يعكسه من زيادة الدخل القومي.
وأكد الشريف، أن مساجد آل البيت تشهد طفرة غير مسبوقة في التطوير بما يحافظ على الهوية المعمارية للحضارة الإسلامية، مؤكداً أن اهتمام الرئيس السيسى بتطوير الأضرحة والمساجد يؤكد الحرص على تطوير واجهة مصر الحضارية.
أضاف: تطوير أضرحة ومساجد آل البيت يتم بإبراز الزخرفة وإعادتها إلى رونقها الطبيعى، لتكون المساجد وجهة سياحية للزائرين من داخل وخارج مصر، إضافة إلى تطوير المناطق المحيطة بالأضرحة والمواقع الأثرية بالقاهرة الفاطمية والتاريخية، والتطوير يشمل الطرق والميادين والمرافق المحيطة، وهذا سيجعلها أكثر جذباً للزائرين، وأسهل فى الوصول إليها، مما يعيد إلى هذه المساجد والأضرحة مريديها من جديد، من داخل مصر وخارجها.
المسجد الزينبى.. “درة” مساجد آل البيت
يقع مسجد السيدة زينب فى أحد أعرق الأحياء الشعبية بالقاهرة، وهو الحى الذى يحمل اسم هذه السيدة الطاهرة، ويحتل المسجد الذي يعد من أشهر مساجد القاهرة التاريخية مكانة كبيرة في نفوس المصريين، لإنتسابه إلى السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه .
كان المسجد قد شهد أعمال تطوير في نوفمبر من العام قبل الماضي، ضمن خطة شاملة لتطوير حي السيدة زينب بشكل كامل أعلنت عنها محافظة القاهرة، وذلك بهدف استعادة الحي العتيق لمظهره الحضاري والتاريخي الذي عرف به على مدار سنوات طويلة مضت. تم في المرحلة الأولى إنارة المسجد والأسوار بشكل متكامل ، وقد تواصلت أعمال التطوير في المسجد بتجديد المبنى الرئيسى ملحقاته وزيادة مسطح المسجد إلى 900 م2 ليتسع 1500 مصلى، فضلاً عن مركز للوثائق الإسلامية النادرة، وكذلك أعمال الترميم الدقيق للعناصر المعمارية، بالإضافة لتطوير المنطقة المحيطة بالكامل، حيث بدأ التطوير من شارع بورسعيد الذى تم رفع مقلب كبير للقمامة منه ليصبح مكانه أنشطة مشابهة لما فى شارع خان الخليلى من بيع للخردوات والأنتيك ومستلزمات المصلِّين، وكذلك تم تخصيص سيارات للشباب لبيع المأكولات والمشروبات.
كما تم توحيد طلاء العقارات المجاورة لمسجد السيدة زينب وتخصيص سيارات تعمل بالكهرباء لاستقبال الزوّار واحدة من خطوات التطوير أيضاً. ويعد مسجد (السيدة زينب) الملقّبة بـ”أم هاشم وأم العواجز” وغيرها من ألقاب، من أكبر مساجد آل البيت وأشهرها في مصر .
كانت المنطقة التي أقيم فيها الضريح تسمى “قنطرة السباع” نسبة إلى القنطرة التي كانت على الخليج المصري وقتئذ، فأقامت بهذه الدار أقل من عام عابدة زاهدة تفقه الناس، وتفيض عليهم من أنوار النبوة، وشرائف المعرفة والبركات والأمداد، حيث توفيت مساء الأحد (15 من رجب 62هـ)، ودفنت بمخدعها وحجرتها من دار “مَسْلَمَةَ” التي أصبحت قُبَّتُها في مسجدها المعروف الآن، الذي أنشئ – كما تقول بعض المصادر- في العهد الأموي، وزاره كبار المؤرِّخِين وأصحاب الرحلات.
أهم المزارات
المشهور أن المسجد مبني فوق قبر السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وأخت الحسن والحسين، حيث يروي بعض المؤرخين أنها رحلت إلى مصر بعد معركة كربلاء ببضعة أشهر واستقرت بها 9 أشهر ثم ماتت ودفنت حيث المشهد الآن، فهو مقام السيدة زينب ويعتبره الكثيرون من أهم المزارات الإسلامية بمصر.
ورغم أن المراجع التاريخية لم تذكر متى بالضبط أنشئ المسجد أعلى قبر السيدة زينب، إلا أن ما اتفق عليه هو أن والي مصر العثماني على باشا قام سنة 951 هـ/1547م بتجديد المسجد ثم أعاد تجديده مرة أخرى الأمير عبدالرحمن كتخدا عام 1171 هـ/1768م، وفي عام 1940م قامت وزارة الأوقاف بهدم المسجد القديم تماما وأقامت المسجد الموجود حاليا وبالتالي فالمسجد لم يُسجَّل كأثر إسلامي، وكان المسجد وقتها يتكوّن من سبعة أروقة موازية لجدار القِبلة يتوسّطها صحن مربع مغطى بقبّة، وفي الجهة المقابلة لجدار القِبلة يوجد ضريح السيدة زينب- رضي الله عنها- محاط بسياج من النحاس الأصفر ويعلوه قبّة شامخة. وفي عام 1969 قامت وزارة الأوقاف بمضاعفة مساحة المسجد.
مكانة المسجد
ويحتل مسجد السيدة زينب مكانة كبيرة في قلوب المصريين ويعتبر الكثيرون خصوصا من سكان الأقاليم البعيدة عن القاهرة أن زيارته شرف وبركة يدعون الله أن ينالونها، ويعتبر المسجد مركزا من مراكز الطرق الصوفية ومريديها، وفي كل عام في شهر رجب يقام مولد السيدة زينب حيث يتوافد آلاف من البشر على ميدان السيدة زينب وتقام احتفالات ويتغير شكل المنطقة تماما لبضعة أيام.