في ظل الثورة الالكترونية والتدفُّق السريع للمعلومات وسيطرة ذلك العالم الافتراضي ،اختلفت طبيعة الإنسان فأصبح يريد الحصول على المعلومة في أي مجال بسرعة وبإيجاز، ولكن ذلك الطوفان من المعلومات، منه النافع والمفيد ومنه الأفكار التي لا تتوافق مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا والتي من شأنها بث الأفكار الشاذة كالإلحاد والاختراق القِيمي، وكذلك فهو بيئة خصبة لأعداء الدين لنشر شُبهاتهم وأباطيلهم واستهداف العقول والأفكار لتحقيق أطماع وتنفيذ أجندات.
من خلال الفضاء الإلكتروني تستطيع تحقيق العديد من المُكتسبات في البحث العلمي والتعليم عن بُعد والتواصل الاجتماعي وغيرها كثير، وأيضا له سلبياته كالبريد المزعج وانتهاك الخصوصية وانتهاك الملكيات الفكرية، ومن ثَمَّ فالفضاء الإلكتروني كسائر الوسائل لا يمكن الحكم عليها في ذاتها بل من خلال ما تحقق من فائدة أو ما تسبَّب من ضرر، ولمَّا كانت الأمور بمقاصدها والمقاصد تتحقق بالوسائل فاستخدام التكنولوجيا محمود ما دام يحقق مصلحة للفرد والمجتمع، فالإسلام لا يُعادي التقدّم بل يُعانق الحضارة النافعة، ولكن واجب الوقت أن نتصدى لتلك السلبيات وتلك الأفكار المُغرضة حتى نقلِّل ضرر هذا الفضاء ولن يكون ذلك إلا بالحضور بقوّة في هذا العالم لنشر صحيح الدين وتصحيح الأفكار المغلوطة والقيام بدور توعوي من شأنه حماية الأجيال القادمة بترسيخ القيم وحماية الهُوية من الطمس والتذويب ،بالمحافظة على مرتكزاتها من لغة ودين وتاريخ وعادات وتقاليد ولن يكون ذلك التحصين إلا بتضافر جهود جميع المؤسسات الاجتماعية والدينية والشبابية والإعلام وكذلك الفنون فتتوحّد الأهداف وتتنوّع الخطط والأدوات “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا”.