بقلم الدكتور أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
لقد مَنَّ الله سبحانه وتعالى عليه بنبوغ النبوغ؛ نبوع في العلم، ونبوغ في الحلم، ونبوغ في الرحمة، ونبوغ في الرفق، ونبوغ في حب الوطن، ونبوغ الإدارة، ونبوغ في جمع القلوب، ونبوغ حتى في احترام الأموات واحترام خلق الله وشتى مفردات الطبيعة والكون.
الدكتور عبد الحليم محمود، غرس الله محبته في قلوب القلوب، وجعل الله تعالى له من اسمه نصيبا مفروضًا، فعاش حليما ومات حامدا.
ولد في قرية السلام، ونشر الله به الأمن والسكينة والسلام.
عاش الرجل لله وبالله ومع الله، فكتب الله له القبول وأبقى ذكره في العالمين.
ولقد شاء الله الكريم أن يبقي لنا كنوزا من تراث شيخنا الراحل وميراثه العلمي والروحي (مكتوبا ومسموعا ومرئيا)؛ ليبقي أثره وكأنه بيننا، نشاهده، ونتعلم منه، ونستمد منه نفحات الأنفاس الطاهرة العامرة بأنوار الولاية.
لقد جمع الله له القلوب، فكان حبيبا ومحبوبا، يمتلك قلبا كبيرا رحيما، يكاد يتسع للجميع، وكان من جلاله مهابا ومسموع الكلمة.
وكان منفوحا بأنوار الذكر والقرب من الله ومن سيدنا رسول الله.
ويوم أن أحزب شعب مصر وقيادتها همَّ عدوها الصهيوني الأثيم بعد نكسة 1967م، والشعب يتوق إلى أن يتخلص من مرراة الهزيمة ويتذوق حلاوة النصر، فقد جاءت البشارة من خلال الإمام الأكبر والعالم الجليل الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الشريف الأسبق، الذي جاء إليه سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام وأخذه هو ومعه علماء المسلمين والقوات المسلحة وعبر النبي قناة السويس في إشارة منه بنجاح عبور الجيش المصري.
استيقظ الدكتور عبدالحليم وذهب على الفور إلى السيد الرئيس محمد أنور السادات (رحمه الله) وأخبره بما رآه في المنام، (ورؤيا النبي حق) ليرسخ في عقل السادات وفي قلبه ووجدانه أمل النصر والعبور، ويربط على قلبه، في قراره التاريخي الخالد.
وأخذ الدكتور عبد الحليم محمود يقود كتائب الدعوة الإسلامية في كل مكان ليرفعوا الروح المعنوية بين ضباط الجيش المصري وجنوده؛ حتى مَنَّ الله على جيش مصر بالعبور وتحقيق النصر المبين.
ويشاء الله تعالى أن تكون بشارة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على يديه، تكريما وكرامة لهذا الولي المبارك الذي ولد رحمات الله عليه في العاشر من مايو 1910م بعزبة أبو أحمد -التي تطل على ضفاف ترعة الإسماعيلية- بقرية السلام التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية، ونشأ في أسرة كريمة شريفة ميسورة، مشهورة بالتقوى والصلاح.
ومات بعد أن ملأ الدنيا علما وحلما ومحبة وذكرا.