فريق يمنع في غياب المِحْرِم.. وآخر يجيزه بشرط الصُحبة الآمنة.. وثالث يستثنى حجّ الفريضة!
تحقيق – مروة غانم
الجدل حول سفر المرأة بمِحْرم أو بدون محْرم مازال مستمرا! فبعد أن ألغت السلطات السعودية شرط السنّ لذهاب المرأة لأداء فريضة الحج بمفردها. اعتبر فريق من الفقهاء هذا الأمر يتعلّق بالمسألة القانونية وليست الشرعية، وبالتالي يشكّكون في مشروعية حج المرأة التي تسافر بدون محرم ويطالبونها بالاستغفار من ذلك الذنب الذى اقترفته! بينما يرى فريق آخر جواز ذهاب المرأة للحج دون محرم فى حال أداء الفريضة فقط واشترطوا توافر الصحبة الآمنة ومنعوا سفرها للعمرة أو تكرار الحج دون محرم! مبرِّرين ذلك بأن الحج فريضة والعُمرة سنّة لا تأثم إن تركتها! وفريق ثالث يرى أن حج المرأة بمفردها بدون محرم جائز شرعا ولا شئ فيه طالما أنها ذهبت مع صحبة آمنة من بنى جنسها!
ولبيان الحكم الشرعى، وكشف اللبس والخروج من هذا الجدل الفقهى، كان هذا التحقيق.
يوضح د. فتحى عثمان الفقى- أستاذ الفقه وعضو هيئة كبار العلماء- أن الاجراءات حاليا والتنظيمات بالمملكة السعودية لم تعد تشترط وجود محرم للمرأة سواء للحج أو للعمرة بدون الالتفات لعمر المرأة لكن النبى لم يحدد سنًّا معيّنا لسفر المرأة دون محرم، كما أن الأحاديث الواردة فى هذا الشأن لم يتم نسخها، فقد قال: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم منها” ولم يضع شرطا للسفر سواء السن أو شئ آخر.
أوضح أن الحكمة من وجود المحرم بجانب حمايتها من شياطين الإنس، لكن مهمته مساعدتها فى بعض تنقلاتها وتحركاتها التى لا تستطيع المرأة القيام بها فلو كانت سيدة كبيرة فى السن مثلا وتوعكت من سيقوم على أمرها ويقضى لها حاجتها؟!
أشار الى أن الفقهاء اختلفوا فى حالة عدم وجود المحرم كأن تكون أرملة أو مطلقة أو ليس لها ولد أو أب أو أخ لكن هناك مجموعة من النساء الثقات والمأمونات على دينهن، فهنا أجاز الشافعية وبعض المالكية سفرها طالما توفرت الرفقة الآمنة.
اختلاف الفقهاء
وتشير د. فتحية الحنفى- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- الى اختلاف العلماء فى شرط وجود المحرم مع المرأة فى سفرها, فمن العلماء من اشترط وجود المحرم لوجوب الحج وهم الحنفية والحنابلة وذلك عملا بقول النبى:” لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذى محرم, أما الشافعية فلا يشترطون وجود المحرم وقالوا: يكفى وجود الثقات من بنى جنسها حتى لو أن المحرم أو الزوج موجود وقادر على السفر, لأن الرفقة من بنى جنسها تقطع الطمع فيها وقد استدل هؤلاء بقول النبى:” هل رأيت الحية؟ قلت: لم أرها, وقد أنبئت عنها, قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف الكعبة لا تخاف أحدا إلا الله”.
ولفتت الى أن السادة المالكية أجازوا سفر المرأة بالرفقة من بنى جنسها فى حالة عدم وجود المحرم, أما اذا كان موجودا فلا تسافر إلا معه. وأن العلماء فرّقوا بين حج الفريضة وحج التطوع, فإذا سافرت حج الفريضة يكفى أن يكون معها الرفقة الآمنة من بنى جنسها ولا يشترط وجود المحرم وخروجا من هذا الجدل ومع خروج المرأة للعمل وسفرها للدراسة والبعثات الخارجية نقول أنه يجوز سفر المرأة للحج دون شرط المحرم اذا كان السفر آمنا ومع الرفقة من بنى جنسها فكلهن يعد محرم مع أمن الفتنة.
الصحبة الآمنة
وشدد د. محمد المنسى- أستاذ الفقه بكلية دار العلوم بالقاهرة- على أنه متى توفرت الصحبة الآمنة لأداء مناسك الحج فحج المرأة صحيح’ فالصحبة مع شركات السياحة المعروفة لا غبار عليه لأن هذه الشركات تأخذ أقصى درجات الأمان وتخاف على سمعتها بخلاف الصحبة غير المعروفة.