تابعت وقائع احتفال الكنيسة المصرية بدخول العائلة المقدسة إلى مصر.. تلك الرحلة المباركة التى استمرت ثلاث سنوات احتضنت فيها مصر السيدة مريم العذراء ورضيعها المسيح عليه السلام ويوسف النجار الذين لجأوا إليها بأمر من الرب فراراً بالرضيع المبارك من بطش الحاكم الرومانى.. وقد قدمت مصر للعائلة المقدسة الأمن والأمان.
وإذا كان هذا الحدث التاريخى ذا الاثر الكبير فى حياة دعوة السيد المسيح عيسى بن مريم.. أمراً انفردت به مصر ونالت من أجله الذكر الحسن فى الانجيل ونال شعبها بركة الله «مبارك شعب مصر» فانه كان امتداداً لدور مصر عبر التاريخ فى احتضان النبوات وتوفير الأمن والأمان للأنبياء، فأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام لجأ إليها فتزوج منها السيدة هاجر أم النبى إسماعيل عليه السلام جد العرب، وإليه ينتسب خاتم الأنبياء محمد «صلى الله عليه وسلم» ومن بعده استقبلت مصر حفيده يوسف عليه السلام وعلى أرض مصر تلقى سيدنا موسى الوحى من ربه.
لذلك فقد احسنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى اعدت احتفالية أم الدنيا فى عيد دخول السيد المسيح أرض مصر والذى شهده قداسة البابا تواضروس الثانى يوم السبت الماضى والتى اقيمت بمسرح «الانبا رويس» بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية تم خلاله عرض فيلم وثائقى بعنوان «أم الدنيا» تناول أهم الاماكن التى زارها السيد المسيح خلال مدة ثلاث سنوات فى بداية حياته على الأرض مع العائلة المقدسة عندما هربوا إلى مصر من بطش الملك »هيرودوس« إلى جانب ملخص لحياة المسيح عليه السلام ودخول المسيحية لمصر عن طريق القديس «مار مرقس» الرسول وتأسيس كنيسة الإسكندرية والمدرسة اللاهوتية ولمحات من تاريخ المسيحية فى مصر وفترة الاضطهاد الرومانى والتى شهد عصر الاستشهاد المسيحى ثم انطلاق فكرة الرهبنة المسيحية والتى بدأت من مصر وانطلقت إلى العالم.
قداسة البابا تواضروس فى كلمته أكد على التدين المصرى وأن مصر علمت العالم «فن الاعمدة» الذى تجلى فى المسلة الفرعونية وتطورت مع دخول المسيحية لشكل المنارة فى الكنيسة ثم المئذنة فى المسجد فكانت مصر عبر تاريخها تشبه معبداً كبيراً وان مجتمعنا يشبه بناءً له أعمدة منها الثقافة والفن ومؤسسات الدولة من جيش وشرطة وقضاء والمؤسسات الدينية الأزهر والكنيسة وغيرها من الأعمدة التى يجب أن نحرص على قوة كل منها حيث لا غنى عنها لثبات المجتمع.
إن رحلة العائلة المقدسة لمصر تحمل الكثير من المعانى والقيم التى يجب أن يتحلى بها المجتمع أهمها أن مصر بلد السلام والأمن والأمان والاطمئنان وأن رحلة المسيح فيها ملأت ربوعها بالبركة وكل الأديان السماوية أكدت ان مصر هى واحة الأمان والعظة الكبيرة فى هذه الرحلة المباركة والاقتداء بهؤلاء العظماء.
فمصر هى أرض التعايش والضيافة والتاريخ والحضارة وهى الأرض المباركة عبر العصور بدم الابرار والشهداء وهى التى عاش فوقها القديس يوسف والعذراء مريم والطفل يسوع والكثير من الأنبياء.
وتحمل فى طياتها دلالات ومعان حضارية وتاريخية وثقافية بل تحمل أيضاً مفاهيم إنسانية راقية وتراثاً عظيماً هو ملك لكل الإنسانية.. فرحلة العائلة المقدسة هى من المكونات الاساسية للحضارة القبطية بل زادت أهمية مصر بين العالم لانها الأرض الطيبة التى قدمت الحماية واحتضنت العائلة المقدسة.. لذلك فقد احسنت الحكومة المصرية صنعاً حينما عملت على تذليل جميع العقبات أمام المشروع القومى لاحياء مسار العائلة المقدسة حيث يمثل المسار إضافة هامة للمزارات السياحية والدينية على أرض مصر المحروسة.