بقلم الدكتور أيمن محمد عبدالكريم
إعلامي وأكاديمي متخصص في السيرة النبوية
شهدنا في الأيام الماضية، نجاح خطة تصعيد حجاج بيت الله الحرام إلى عرفات الله وأيضاً نفرة الحجيج إلى مزدلفة والتحرك إلى منى ثم طواف الإفاضة وما صاحب ذلك من خدمات صحية وأمنية ونقل وإعاشة وترتيبات لوجستية أُخرى مصاحبة لذلك، كله يصعب حصرها، بل وأعلى مستوى تكاد تصل إلى حد الرفاهية لعدد يقترب من ثلاثة ملايين حاج سواء الحجاج القادمين من داخل المملكة العربية السعودية، أو القادمين من جميع أنحاء العالم.
الكل يقف على صعيد واحد وفي مساحة مكانية محدودة للغاية، وفي وقت واحد تحكمهم منظومة عمل حكومي متكامل ومنظم، يقودها الأمير الشاب محمد بن سلمان الذي يحمل في قلبه وعقله حنكة وحكمة وهبها الله تعالى له ليقود بلاده نحو تطور لم يسبق له مثيل، وفقا لرؤية وضعها هو بنفسه لما يمكن أن تكون عليه المملكة في عام ٢٠٣٠.
هذا الأمر الذي يجعلك تعرف أن ثروات المملكة العربية السعودية، ليست فقط ثروات نفطية وصناعية وزراعية وما حباها الله تعالى بوجود الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، بل إن الثروات الحقيقية للمملكة تكمن في الرجال الذين يقومون على إدارة مقدرات البلاد وحكمها.
رأينا بالأمس إدارة الحشود وتنظيمها ولم نسمع عن حادث مروري واحد ولا حالة وبائية واحدة على الإطلاق، بل موسم حج خالي من الأمراض والأوبئة بفضل الله تعالى، ثم جهود العاملين بالقطاع الصحي.
رأينا الحركة الترددية للحافلات المجهزة بأفضل وسائل الراحة والأمان، رأينا قطار الحرمين السريع الذي يشكل منظومة عمل يحكمها الذكاء الاصطناعي في إدارة جداول انطلاق رحلاته في يسر ودون تكدسات أو ازدحام، رأينا العمل الأمني على أعلى مستويات الضبط أفراد مدربين تدريباً متقدماً لضبط الأمن، ومراعاه الجوانب الإنسانية والصحية واختلاف الثقافات للحجيج وكاميرا مراقبة تغطي كل شبر من أراضي المشاعر في مكة المكرمة وعرفات ومزدلفة ومنى والمدينة المنورة والأقمار الصناعية ترصد كل حركة على الأرض بالميدان لحفظ الأمن و توفير أعلى درجات الأمان والسلامة والطمأنينة للحجاج في كل خطواتهم وحتى عودتهم إلى ديارهم سالمين بمشيئة الله تعالى.
إنني لو حاولت دراسة كل جانب من جوانب هذه المنظومة المتكاملة التي تحمي وتسيطر وتدير كل تلك الحشود البشرية في مساحة مكانية محدودة للغاية وفي وقت واحد، فنحن نحتاج إلى مجلدات من البحث والتحليل إن منظومة العمل الحكومي المتكامل وفن إدارة الحشود يحتاج أن يُدْرَس في أكبر الأكاديميات العلمية ليصبح نموذجاً للدولة الحديثة، ولقد رأينا بالأمس الأمير محمد بن سلمان وحوله رجاله يقود هذا العمل الجبار باقتدار وقوة رحمة إنها عناية الله التي تهيئ لهذه البلاد من يديرها وهو على ذلك قدير.