شهد موسم الحج هذا العام ارتقاء العديد من شهداء الفريضة إلى الرفيق الأعلى، وقد تعددت الأسباب والارتقاء والنتيجة واحدة.
وقد حَفَلَت رحلة ارتقاء الحجاج بالكثير من القصص الإنسانية المؤثِّرة، ومنها قصّة الحاجة نوال عبدالشافي العوضي– من أبناء طحانوب، قليوبية- الأمُّ العظيمة والمُربّية الفاضلة، التى خرَّجت ورَبَّت أجيالا فى بيتها ومدرستها ليكونوا نماذج طيّبة فى المجتمع، صالِحين ومُصلحين.
والتى لبَّت نداء ربِّها علي جبل الرحمة قُبيل مغرب يوم عرفة حيث طلبت من ابنها د. أمجد العوضي أن يساعدها في الوضوء استعدادا للقاء ربِّها، وبالفعل صعدت روحُها الطاهرة يوم عرفة وستُبعث- إن شاء الله- يوم القيامة في ملابس الإحرام مُلَبِّيَة، كما أخبرنا سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال (يُبعت كلُّ عبدٍ علي ما مات عليه) رواه مسلم.
“الحاجة نوال” أمٌّ أعطت الكثير للمجتمع، حيث ساهمت في بناء عقول أجيال كثيرة وتربيتهم وتقويم سلوكهم وكانت قدوة حسنة لهم، أنجبت وأحسنت تربية أولادها كل فرد في مجتمعه نموذج مشرِّف.
وفى أواخر أيامها كانت دائمة الدعاء أن يحسن الله خاتمتها، وأن يكرمها بزيارة بيته الحرام وروضة المصطفى، وأن تُدفن فى البقيع حيث النبى وصحبه الكرام، طمعا فى نيل رضوان الله ومغفرته، وشفاعة خاتم الأنبياء والمرسلين وسيد ولد آدم.
الرسائل الروحية
وكانت الرسائل الروحية وسيلة تواصل وتخاطب فيما بين الأتقياء حتى وإن فارق بعضهم الحياة وذلك لارتباطهم الروحي أثناء حياتهم، فقد جمعتهم الحياة بحب واحترام وشرف وكفاح وعطاء، ومن فرط إحساسهم والتقاء أرواحهم تنبعث منهم رسائل روحية،
ففي ليلة وقفة عرفات الطاهرة رأى أحد أقارب الحاجة “نوال العوضي” رؤية يجتمع فيها جيران وأقارب وأحباب الحاجة نوال أمام بيتها، سألهم عن السبب؟ فأجابوا: جئنا لنُبارك ونهنّئ للحاجة نوال.
وتوسَّط هذا الجمع زوجها الراحل “مصطفي طلب العوضي” حاملا “تورتة” بديعة المنظر قائلا: جئت لأهنِّئ واحتفل معكم! وكان رضا الله عليها وإكرامه تبارك وتعالى لها أن رزقها حُسْن الخاتمة، لذا كان لسان حالهم جميعا “لم نأت للتعزية وإنما للتهنئة بحُسْنِ الخاتمة ولا نزكّيها علي الله”.