بقلم الداعية
د.نيفين مختار
بداية كل عام هجرى تطل علينا ذكرى الهجرة النبوية المشرفة التى كلما تذكرتها توقفت عندها كثيرا أتأمل كل تفاصيلها فأقف منبهرة بكل حدث فيها بداية من ترك النبى صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يهاجر لعلى بن أبى طالب فى مكة حتى يرد الودائع والامانات إلى الكفار رغم أذيتهم المستمرة للنبى إلا أنه حرص كل الحرص على إرجاع الحقوق لأصحابها، والأن دعونا نسير خطوة بخطوة مع مواقف وعبر من هذه الهجرة وننظر سويا ماذا تعلمنا وبماذا نقتدى؟ ففى زماننا هذا إذا وضع أحدهم أمانة عند غيره لحين عودته من سفره ثم حدث بينهم موقف شديد الحدة فإننا نجد الشخص المؤتمن على هذه الأمانة يماطل فى ردها لصاحبها انتقاما منه وذلا له لأنه تطاول عليه فى الحديث أو تعامل معه بإسلوب غير لائق وهو يقول فى قرارة نفسه بأنه سيرجع الأمانة لصاحبها ولكن بعد أن يشفى غليله منه، أو قل بعد أن يؤدبه، أخواتى فى الله النبى الكريم لم يفعل ذلك فى الكفار الذين آذوه أشد الايذاء، لكنه كان أمينا فى رد الحقوق، فهل نتعلم من ذلك ألا نماطل غيرنا فى أخذ حقوقهم التى لدينا بيسر وسهولة، ثم تطل علينا الهجرة النبوية بموقف فى غاية الروعة فعندما خاف أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهم بغار ثور وقال يارسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرأنا، فقال له النبى قول الواثق بربه المتوكل عليه( ماظنك باثنين الله ثالثهما ) وهذا ما يجعلنا جميعا نتأمل تلك اللحظة ونتمعن فيها فإذا بها تأخذنا إلى معنى رائع وهو الثقة بالله وفيما عند الله من الخير، عباد الله لاتيأسوا أبدآ وكونوا على ثقة بأن الله عنده كل الخير لنا فهو سبحانه لم يخلقنا للعذاب( ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وءامنتم ) ولكن لكى نعبده حق العباده( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ومن العبادة الحق اليقين والثقة فى الله وذلك فى كل لحظة فى حياتنا، فلابد أن نكون واثقين فى رحمة الله بنا وليبدل كل منا نظرته للأشياء ولايسخط إذا لم تتحقق رغبته فى موقف ما فقد يكون هذا الأمر ليس فيه الخير الذى أراد الله أن يعطيه للعبد، لكنا دائما ننظر إلى الأمور نظرة سطحية فنراها شر لنا وهى فى الحقيقة الخير كله، لأنه سبحانه يعلم مالانعلمه ويعلم مايصلحنا فقال( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) إذن نحن نحتاج فقط أن نتعلم من النبى الثقة المطلقة فيما عند الله وفيما يدخره الله لعباده.
وعندما تحرك النبى وأخذ طريقه إلى المدينة المنورة أخذ بالأسباب وأعد الدليل ومعه الصاحب والرفيق وأعد العدة لهذه الرحلة الطويلة وتوكل على الله ثم انطلق، هكذا حياتنا التى نحياها يجب أن نأخذ بالأسباب إذا أراد أحدنا أن يعمل فليبحث مرارا وتكرارا عن العمل ولاييأس أبدا ويتحمل التعب فى سبيل الوصول إلى بغيته، إن الحياة كلها تعب وشقاء ( ولقد خلقنا الإنسان فى كبد) ولن تأتى لنا الأشياء على أطباق من ذهب ونحن جالسين ولكن لابد من البحث والعناء والأخذ بالأسباب ثم بعد ذلك نتوكل على الله ولانتواكل وهناك الكثير من الناس يعانون أشد المعاناة فى حياتهم لأنهم دائما ينتظرون أن تأتيهم أمانيهم وأحلامهم وهم جالسون،يا أخواتى السماء لاتمطر ذهبا بل يجب البحث والعناء ثم التوكل على الله، وفى هذه الأيام نرى أن من يريد وظيفة يتحدث إلى شخصية مرموقة ليأتى له بالوظيفة وهو قابع فى مكانه دون السعى الشديد وراء رغبته بحجة أنه ليس هناك فرص عمل، لا والله لا أقتنع بهذا الكلام مطلقا وإلا كيف نجح من أتى إلى بلادنا من البلدان الأخرى التى أصابها ما أصابها واستطاعوا أن يقوموا بالعديد من المشروعات الصغيرة التى تدر عليهم الربح الوفير، قولوا لى كيف نجحوا فى وقت قليل فى الوصول إلى بغيتهم، إنه الأخذ بالأسباب أيها السادة ثم التوكل على الله،ليتنا نتعلم ؟