السيد الأستاذ الدكتور، الولي التقي النقي، العارف بالله، سيدي أسامة بن السيد بن محمود الأزهري، بارك الله فيكم ورضي عنكم ووفقكم لما يحبه ويرضاه.
لما كانت الدعوة إلى الله سيدي هي الشاغل الأول للصالحين المصلحين, ولما كنتم ممن نحسبهم كذلك والله حسيبهم, ولما رأينا فيكم سيدي من حسن العبارة, وجمال اللفظ وسعة الصدر, وعذوبة المنطق, وسلاسة البيان, والأخذ بعلوم العصر, مع التمكن في قضايا التراث, ولما أشرتم فضيلتكم إلى ضرورة الأخذ بفقه الواقع, والتحسين من جودة الخطاب الديني, وموافقة الخطاب الديني والدعوى لقضايا العصر ومشاكل المجتمع فإني أرى سيدي خدمة للدعوة ورؤية من الفقير إلى ربّه ولعلّ تلك الرؤية تجد عندكم أو بعضها ما يتفق مع مشكلات وهموم الدعوة وفيما طرحتموه فضيلتكم مرارا وتكرارا.
فيما يتعلق بالخطبة الموحّدة تعلمون سيادتكم أن مصر حفظها الله ورعاها ووفّق ولاة أمورها إلى خير ما يحب ويرضى؛ على امتداد أرضها, وتباين جغرافيتها وبنيتها البشرية, تختلف مشكلاتها المجتمعية من صقع لآخر, ومن قُطر لغيره, فمشاكل الريف غير مشكلات الحضر, ومشكلات الأحياء الراقية تختلف عن الأحياء الشعبية, ولما كان الخطاب الديني في الأساس يسهم في رفعة الأخلاق وسموّها, وكمالها, ولا يتأتى هذا إلا من خلال وضع يد الداعية على مشكلات مجتمعه, وآفاته الاجتماعية والثقافية والفكرية, فإني أرى تنظيم هذا الأمر من خلال إدارة الدعوة والثقافة في كل مديرية وإدارة, وأن يكلَّف كل إمام في قريته وفي منطقته برفع تقرير شهري أو ربع سنوي عن مشاكل منطقته الفكرية والثقافية والاجتماعية، يرفع هذا الخطاب أو تلك المذكرة إلى مفتش الدعوة في كل إدارة ومنها إلى المديريات ثم إلى ديوان الوزارة أو حتي عن طريق الدعوة الإلكترونية, ومن ثم يتم وضع خطة دعوية من خلال كل مديرية تركّز فيها على أهم المشكلات المجتمعية في محيط المديرية, كمشاكل الانتحار مثلا, أو الميراث, أو عقوق الوالدين, أو الرحم والجيران, أو مواجهة التيارات الفكرية المتشددة بالدعوة الطيبة والموعظة الحسنة, واختيار كل إمام في المكان الذي يمكن أن يحقق فيه النجاح المرجو!
الأمر الثاني هو الإفادة من المؤسسات المعنية وإشراكها في المسؤولية من خلال عمل بروتوكولات بين الأوقاف والمؤسسات التربوية والفكرية, كالأزهر الشريف والإفادة القصوى من أساتذته، وأعلم أن الكثير منهم على أتم الاستعداد بالتطوّع حسبة لله, وكذا مراكز الشباب والرياضة, والمدارس والمعاهد العلمية والتربوية, ووزارة الثقافة من خلال المكتبات العامة, ومن خلال قصور الثقافة, مع ضرورة فتح قنوات حوار مباشر مع الشباب, والتقرب منهم, وعدم تركهم فريسة سهلة لجماعات الشر والتطرف. وذلك بتكثيف صفحات الميديا التي تخاطب الشباب وتوضح لهم صحيح الدين ووسطيته بلغة عصرية تناسب فهمهم وعقولهم.