كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان وضمن له حقوقاً يعيش بها آمناً مطمئناً على نفسه وماله وعرضه ودينه وشرفه وعقله، ويتمتع بما خوله الله له من نعم فى وطن عزيز حر، لا يتحكم فيه غاشم ولا يزعزع أمنه عدو ظالم، وخول له أيضا حق الدفاع عن هذه الحقوق وصيانة هذه المقدسات على المستوى الفردى والجماعي، بل شجعه على ذلك وضمن له شرفا ومنزلة عالية إن قدم روحه فداء لها، فأعطاه منزلة الشهادة التى هى جواز المرور من حياة فيها المعاناة إلى حياة الجوار مع الله سبحانه وتعالى فى مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وأعظم ما تكون الشهادة شرفاً إذا كانت لإعلاء كلمة الله والدفاع عن الوطن وذلك هو الجهاد فى سبيل الله الذى تنزلت فيه الآيات حيث قال تعالي: «ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون » )سورة آل عمران الآيتان ١٦٩ ١٧٠ ( وسبيل الله هو الحق والعدل والأمن والاستقرار وجميع القيم التى جاء بها الدين لإسعاد الفرد والمجتمع فى حياته، والاستشهاد فى سبيل هذه القيم شرف لا يعدله شرف، فقد جعله الله بيعاً بينه وبين عبده، وسجله فى أوثق السجلات وأخلدها فقال جل شأنه «إن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم .»
ولقد سجل شهداؤنا الأبرار أروع صور البطولات فى الدفاع عن وطنهم وهم يخوضون الحرب ضد الإرهاب الآثم، قدموا أرواحهم فداء لوطنهم ودينهم وتراب أرضهم فحق لهم منزلة الشهداء الذين ينعمون بجوار الله تعالي.. وهؤلاء الذين سقطوا فى ميادين الحرب دفاعاً عن وطنهم، لم يموتوا فآثارهم حية تخلدهم وفى جوار الله ينعمون بحياة أرقى وأبقى من هذه الحياة التى نحياها.
حيا الله شهداءنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداء لنا نصرة لدين الله الحق وللوطن وللتراب الذى نحيا عليه.
وختاماً:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد .»
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. “رواه الترمذى وأبو داوود”.