وضع ضوابط ورقابة قضائية لتنظيم عملية استبدال الأعيان الموقوفة
عرض– جمال سالم:
طالبت الباحث خالد محمد سعيد- مدير عام هيئة الأوقاف بالقاهرة- بعمل دراسة تشريعية موسعة من خلال وزارتى العدل والأوقاف لإعادة نظام الوقف الأهلى إلى الحياة من جديد وإلغاء المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، وكذلك عمل دراسة تشريعية تهدف إلى وضع الضوابط الكفيلة بتنظيم عملية استبدال الأعيان الموقوفة ووضع رقابة قضائية على هذه المسألة من خلال قضاء متخصص يتولى الإشراف على عملية الاستبدال.
جاء ذلك في رسالته التي نال عنها درجة الدكتوراه من كلية الحقوق– جامعة عين شمس عن” تطور النظام القانوني للوقف منذ 1952″.
أوضح أهمية عمل دراسة تشريعية تهدف إلى الوصول لحل يحقق التوازن بين مصلحة الوقف وحقوق الغير بالنسبة للأعيان المحكرة على النحو الذى يحقق مصلحة الجميع لأن تنظيم إنهاء الأحكار بموجب قرارات وزارية يعزز عدم الالتزام بها على عكس تنظيم هذا الإنهاء من خلال التشريع لأنه على الرغم من الجهود الكبيرة التى تقوم بها هيئة الأوقاف المصرية فى مجال إدارة الوقف وتنميته واستثماره إلا أنه تحتاج إلى العديد من المزايا التشريعية التى تكفل حسن سير العمل بها منها على سبيل المثال الإعفاءات الضريبية والضبطية القضائية للعاملين بها وإقرار تحصيل مستحقاتها عن طريق الحجز الإدارى وهو ما يستوجب تدخل المشرع وتعديل الدستور لإقرار حماية دستورية فاعلة للوقف.
أشار إلى أن الرسالة تناولت تطور النظام القانونى للوقف منذ عام 1952 وصولا إلى الوقت الراهن نظرا لأهمية نظام الوقف بالنسبة للواقع الاجتماعى المصرى، وتعرضت للأسباب التى دفعت المشرع إلى إصدار التشريعات المنظمة للوقف، ويرجع السبب فى اختيار عام 1952 كبداية لتاريخ الدراسة، لأنه العام الذى صدر فيه المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات أى إلغاء الوقف الأهلى، وكان هذا العام بداية التدخل التشريعى لتنظيم مجال الوقف، حتى عام ،2023 نظرا للتعديلات التشريعية الهامة التى ادخلها المشرع على نظام الوقف خاصة فى مجال إدارة الأعيان الموقوفة والتى تمثلت فى إصدار قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية ولائحته التنفيذية وكذلك قانون صندوق الوقف الخيرى ولائحتة التنفيذية .
أكدت الرسالة أن إشكالية البحث دراسة أثر التدخل السياسى فى تنظيم وإدارة الوقف والنتائج المترتبة على هذا التدخل فى نطاق التشريعات المنظمة للوقف وإدارته على الرغم من المبادئ المستقر عليه فى الفقه الشرعى والتى تتمثل فى: احترام إرادة الواقف (قاعدة شرط الواقف كنص الشارع)- اختصاص القضاء شرعاً بالولاية العامة على الأوقاف- الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للوقف، وتمثل التدخل السياسى فى إصدار التشريعات التى تحكم السيطرة عليه مثل المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات وما تلاه من تشريعات كان هدفها الرئيسى القضاء على طبقة كبار الملاك وتوزيع الأرض على صغار الفلاحين من خلال الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وعلى صعيد إدارة الوقف فقد صدر القانون رقم 44 لسنة 1962بتسليم الأعيان التى تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى والمجالس المحلية، ورسمت هذه التشريعات الملامح الأساسية لسياسة الدولة تجاه الوقف خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضى، وخاصة أن موضوع الوقف من الموضوعات التى تحظى باهتمام كبير على مستوى الدول العربية والإسلامية مما يوجب علينا الاستفادة من التجارب الناجحة فى هذه الدول للإستفادة منها
وطالب بزيادة الاهتمام بالوقف نتيجة الظروف الاقتصادية الطاحنة التى تمر بالعالم اليوم نظراً لقدرته الكبيرة فى حل العديد من المشكلات ومع ضرورة ابتكار صيغ وقفية جديدة تسهم فى مساندة الدولة والمجتمع فى حل المشكلات الاقتصادية وخاصة أنه من الناحية العملية تتنوع وتتعدد المشكلات الناجمة عن دخول الوقف فى علاقات قانونية وتعاقدية مع غيره من الأشخاص الطبيعية والاعتبارية، ومن هذه المشكلات: مشكلة التعدى على الأعيان الموقوفة من أراضى زراعية أو أراضى فضاء أو أراضى صالحة للبناء فضلا عن التعديات على الشقق السكنية والأماكن التجارية المملوكة لجهة الوقف، ومشكلة الأحكار وكيفية حلها، مع العلم أنه من الناحية الاقتصادية للوقف دور كبير فى ظل الظروف الاقتصادية التى فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية على الدول النامية ومنها مصر والتى تحتاج لتضافر الجهود من أجل العبور بالأوضاع الاقتصادية إلى بر الأمان.
نتائج هامة
انتهت الرسالة إلى مجموعة من النتائج أهمها:
أولا:اعتراف القانون المدنى فى المادة 53 بالشخصية الاعتبارية للوقف وقد سبق الفقه الإسلامى القانون فى الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للوقف والذمة المالية المستقلة وبثبوت الحقوق والالتزامات عليه .
ثانيا:ظهور الخلاف حول الوقف الأهلى فى مصر منذ عشرينات القرن الماضى وقد تنوعت الاراء حوله بين مؤيد ومعارض إلى أن صدر المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات.
ثالثا:أن إلغاء الوقف الأهلى لم يكن بسبب العيوب التى شابته ولكن يرجع إلى رغبة رجال ثورة يوليو 1952 فى تطبيق قانون الإصلاح الزراعى على أعيان الوقف الأهلى
رابعا:اختلفت اراء الفقهاء فى مسألة استبدال الأعيان الموقوفة كما استخدم الاستبدال فى التجربة التاريخية المصرية بهدف تقنين الاستيلاء على الأعيان الموقوفة .
خامسا:إن نظام الحكر من المشكلات الكبيرة التى واجهت نظام الوقف فى مصر وهو النظام الذى وضعه الفقه الإسلامى بهدف تيسير مسألة إعمار الأعيان الموقوفة إلا أنه ترتب عليه اثقال الأعيان المحكرة بحق عينى لصالح الغير. وقد نظم المشرع المدنى حق الحكر فى المواد من 999 إلى 1014 بهدف تقليصه، وبسبب فشل القانون المدنى فى القضاء على الأحكار وحل مشكلاتها إصدر المشرع عدة تشريعات خاصة لتنظيم إنهاء حق الحكر على الأعيان الموقوفة والتى لم تنجح بدورها فى حل هذه المشكلة فقام وزير الأوقاف بإصدار عدة قرارات وزارية لتنظيم إنهاء حق الحكر على الأعيان الموقوفة.
سادسا:أنشئت هيئة الأوقاف المصرية بعد تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971نظرا لأهتمام الدولة بنظام الوقف فى هذه المرحلة ورغبتها فى الحفاظ على باقى الأعيان الموقوفة.
تكونت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور طه عوض غازى، أستاذ فلسفة القانون وتاريخه بكلية الحقوق جامعة عين شمس ووكيل الكلية الأسبق وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى”مشرفا وورئيسا للجنة المناقشة”، والأستاذ الدكتور عبد المنعم أحمد سلطان، أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة المنوفية، والأستاذ الدكتور أحمد على عبد الحى ديهوم، أستاذ فلسفة القانون وتاريخه وكيل كلية الحقوق جامعة عين شمس، والأستاذ الدكتور حسين محروس عبد الجواد، أستاذ الشريعة الإسلامية المساعد بكلية الحقوق جامعة عين شمس.