بقلم الشيخ سعد الفقي
كاتب وباحث
ونحن نحتفل بميلاد رسول الإنسانية سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم حري بنا أن نستلهم دروس الحب في مسيرته. فقد أحب وطنه وأحب جيرانه وأحب أولاده وأحب زوجاته دون تفرقه وأحب أصحابه. حبه صلى الله عليه وسلم امتد الي من ناصبوه العداء ووضعوا في طريقه العراقيل والمتاريس. حبه صلي الله عليه وسلم لوطنه وقد تجسد في موقفين الأول عندما نزل عليه الوحي وذهب الي زوجه خديجة بنت خويلد يومها ذهبت الي ورقه بن نوفل وهو ابن عمها وفي السير (فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى.
وكان امرء تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد فقد بصره فقالت له خديجة: يا بن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله (ص): أو مخرجي هم؟ قال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي) والثاني عندما عاد الي مكة ومعه عشره ألاف من جند الله وكان بمقدوره أن ينتقم من هؤلاء الذين طردوه وأخرجوه ونكلوا به. ولكنه كان رحمه للعالمين محبا لهم ومازالت قولته اذهبوا فأنتم الطلقاء لا تثريب عليهم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين دستورا في الرحمة والعفو والصفح والتعايش السلمي. حبه لجيرانه ويكفيه من دروس التربية والعطف علي الجار عندما سأل زوجته هل أعطيتم لجارنا اليهودي من شاه ذبحها.
ثم يرسخ للعلاقة التي يجب ان تكون بين الجيران فيقول في حديثه الصحيح ومازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه. وحبه لأولاده وأحفاده معلوم فقد كان يقبل الحسن والحسين وهما من كانا يلعبان علي ظهره وهو يؤم الناس في الصلاة فيقول له أحد الصحابة ان لي عشره من الأبناء ما قبلت منهم أحدا فيقول له ( من لا يرحم لا يرحم).
وحبه لزوجاته وعطفه عليهم وتقديرهم وملاطفتهم دون تفرقه فيقول عن خديجة عندما سئل عن حبه لها ولم لا أحبها وقد أوتني عندما انصرف عني الناس ووقفت الي جواري بمالها عندما منعني الناس وهي اعطتني عندما حرمني الناس. وحبه لأصحابه فقد تجسد من خلال مشواره الطويل والممتد فقد كان يوقر كبيرهم ويحترم صغيرهم ووضع قاعده ليت الناس يقفون علي فحواها (لا تبلغوني عن أصحابي شيئا أكرهه فإني أحب ان أخرج اليكم وانا سليم الصدر) الحب في حياته صلي الله عليه وسلم كان زادا له في رحلته قبل الدعوة وبعدها وما أعظم ان يحمل الانسان في قلبه حبا كحب محمد صلوات ربي وسلامه عليه ولو أن مجتمعات المسلمين رسخت لهذا الحب بمعناها الأشمل لعم السلام وانتشرت المودة.
هذا الحب هو ما ترجمته إعرابيه عندما دخلت على السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها في حادثة الإفك وبكت معها دون أن تنطق بكلمة. تقول عائشة لا انساها لها. الحب علي قدر الاستطاعة والاحتضان لماذا لا يعودا كسلوك نبيل. وإلى متى هذا الانسلاخ عن القيم النبيلة التي رسخ لها رسول الإنسانية.
في صدر الإسلام الأول كان الرجل يأكل التمرة فيتذوقها صاحبه. كانوا يشاركون بعضهم بعضا الآلام والآمال والأفراح. الحب قد يتحقق بكلمة طيبة قد تكون سببا في سعادة الأخرين ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ الحب هو مراعاة المشاعر والتلطف في الأفعال وتذكره بالعشرة الطيبة وألا يتألم أحدا من كلماتك (وقولوا للناس حسناً).