بقلم الدكتور/ أشرف فهمي موسى
مدير عام التدريب بالأوقاف
هنيئًا لصحابة النبي الله (صلى الله عليه وسلم) لمعايشتهم لشخصيته الراقية ، وإيثارهم إياه على أنفسهم وأهلهم وأموالهم ، ونحن أحببناه (صلى الله عليه وسلم) دون أن نراه ، ولننظر إلى جمال الحب وصفاء النفس وحسن الوفاء بين الصديقين ، يقول سيدنا أبو بكر: كنا في الهجرة وأنا عطشان جدا ، فجئت بمذقة لبن فناولتها للنبي (صلى الله عليه وسلم)، وقلت له :اشرب يا رسول الله ، يقول أبو بكر: فشرب النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى ارتويت !! لا إنه الإخلاص للصديق والإيثار في أعلى درجاته ، فأين نحن من هذا الحب!؟
وفي يوم فتح مكة قصة إسلام أبي قحافة (أبو سيدنا أبو بكر ) ما يؤكد لنا كمال الأدب وجمال الطلعة لنبينا (صلى الله عليه وسلم) عندما شاءت إرادة الله أن يدخل أبو قحافة في الإسلام ليعلن إسلامه ويبايع النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وكان كبيرًا في السن وفقد عمي ، أخذه أبو بكر وذهب به إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) هلا تركت الشيخ في بيته ، فذهبنا نحن إليه فقال أبو بكر: لأنت أحق أن يؤتى إليك يا رسول الله ، وأسلم أبو قحافة ، فبكى سيدنا أبو بكر الصديق ، فقالوا له : هذا يوم فرحة ، فأبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك ؟ قال أبو بكر (رضي الله عنه): لأني كنت أحب أن الذي بايع النبي (صلى الله عليه وسلم) الآن أبو طالب ، لأن ذلك كان سيسعد النبي (صلى الله عليه وسلم) أكثر ، ففرح سيدنا أبو بكر لفرح النبي (صلى الله عليه وسلم) أكبر من فرحته لأبيه .
وفي قصة سواد بن عزيّة (رضي الله عنه) يوم غزوة أحد وهو واقف في وسط الجيش ما يبرز عظمة العدل والضمير اليقظ والقلب الرحيم ، حيث قال النبي (صلى الله عليه وسلم) للجيش وهو يسوي الصفوف: “استووا استقيموا ” فينظر النبي (صلى الله عليه وسلم) فيرى سوادا لم ينضبط فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ‘ استو يا سواد’ فقال سواد: نعم يا رسول الله ووقف ولكنه لم ينضبط، فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) بسواكه ونغز سوادا في بطنه قال:استو يا سواد ، فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله ، وقد بعثك الله بالحق فأقدني! فكشف النبي (صلى الله عليه وسلم) عن بطنه الشريفة وقال:’ اقتص يا سواد’ ، فانكب سواد على بطن النبي(صلى الله عليه وسلم) يقبلها ، يقول: هذا ما أردت وقال: يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن تمس جلدي جلدك .
ولم يقف التأثير والشغف برسول الله (صلى الله عليه وسلم )عند الإنسان فقط بل شمل الحيوان والجماد فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يخطب في مسجده بجوار جذع الشجرة قبل أن يقام المنبر حتى يراه الصحابة، فيقف النبي (صلى الله عليه وسلم) يمسك الجذع ، فلما بنوا له المنبر ترك الجذع وذهب إلى المنبر فسمع للجذع أنينا لفراق النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) ينزل عن المنبر ويعود للجذع ويمسح عليه ويقول له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة ؟ فسكن الجذع.