بقلم دكتورة لمياء عبد الجليل
مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية
بنات بالقليوبية
إن أسس ومعايير اختيار الزوجة والزوج مسؤولية تجب على الوالدين اتجاه الولد قبل وجوده، فإنه يجب على الوالد ويجب على الوالدة أن يحسنا الاختيار، فيختارُ الأب لأولاده أماً صالحة ترعى حقوقهم وتقوم على شئونهم، وعلى الأم أيضاً أن تختار زوجاً صالحاً يحفظ أولادها، ويقوم على تربيتهم، فاختيار الزوج والزوجة حقٌ من حقوق الولد؛
وقد بين رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم اسس ومعايير لاختيار الزوجة والزوج .
أولا اسس اختيار الزوجة:
تظهر هذه الأسس في قوله صلى الله عليه وسلم.
[تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك] ( رواه البخاري )
فالأصل فى اختيار الزوجة أن تكون ذات دين.
فقد نصحنا بذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم آمراً ناهياً في قوله: [لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة سوداء خرماء، ذات دين أفضل] (رواه ا بن ماجه )
وروى ابن زيد عن جد “أسلم” قال: بينما كنت مع عمر بن الخطاب – وهو يعّس بالمدينة – إذا هو قد أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه (أي اخلطيه) بالماء، فقالت لها ابنتها: يا أُمتاه، أما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم، ألا يُشاب اللبن بالماء، فقالت الأم: قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك في موضع لا يراك فيه عمر ولا منادي عمر، فقالت البنت لأمها: والله ما كنت لأطيعه علانية وأعصيه سراً، وكان أمير المؤمنين – في استناده إلى الجدار – يسمع هذا الحوار فالتفت إليّ يقول: يا أسلم، ضع على هذا الباب علامة، ثم مضى أمير المؤمنين في عسه، فلما أصبح، ناداني: يا أسلم امض إلى البيت الذي وضعت عليه العلامة، فانظر من القائلة، ومن المقول لها؟ انظر هل لهما من رجل؟ يقول أسلم: فمضيت، فأتيت، الموضع فإذا ابنة لا زوج لها، وهي تقيم مع أمها وليس معهما رجل، فرجعت إلى أمير المؤمنين عمر فأخبرته الخبر، فدعا إليه أولاده، فجمعهم حوله ثم قال لهم: هل منكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ لو كان بأبيكم حركة إلى النساء، ما سبقه أحد منكم إلى الزواج بهذه المرأة التي أُعرف نبأها، والتي أحب لأحدكم أن يتزوجها. فقال عاصم يا أبتاه تعلم أن ليس لي زوجة فأنا أحق بزواجها، فبعث أمير المؤمنين من يخطب بنت بائعة اللبن لابن أمير المؤمنين عاصم، فزوجه بها، فولدت له بنتاً تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له خامس الخلفاء الراشدين الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليهم أجمعين.
ثانياً: أسس اختيار الزوج:
إن أسس ومعايير اختيار الزوجة هى الدين والكفاءة.
و الكفاءةُ هي المُماثَلة والمُساواة في أمورٍ مخصوصةٍ تختَلِفُ بعضَ الشَّيءِ عند الفقهاء فقد اتفق الحنفية والشافعية والحنابلة على وجوب الكفاءة في النَّسبُ، والحِرفةُ، والدِّيانةُ، والحريَّةُ، والإسلامُ ، واشترط الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد التكافؤ فى المال ولم يشترط ذلك الإمام الشافعي .
أما الإمام مالك فقد اشترط الدين و السلامة من العيوب فقط.
قال رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا خطبَ إليكم مَن ترضَونَ دينَه وخلقَه، فزوِّجوهُ إلَّا تفعلوا تَكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ)
فإذا تم الاختيار وفق مابينه لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ستبني أسرة صالحة سعيدة ؛ لأن الأسرة التي تبنى على حسن الاختيار والقيم الأخلاقية قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز المشكلات بفضل الله تعالى.





























