يستضيف مسجد كمبوند فيفث سكوير المراسم بالتجمع الخامس، غدا الجمعة، فضيلة الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة، لإلقاء خطبة الجمعة بعنوان: “المخدرات بوابة الضياع: كيف نحمي أولادنا ومجتمعنا منها؟”
وجاء في الخطبة: شبابنا هم أغلى ثروة نملكها، والدولة المصرية تقدر قيمتهم، وخطبة اليوم تستهدف رفع وعي الجماهير للحفاظ عليهم.
لقد أنعم الله علينا، بنِعَمٍ كثيرةٍ وفيرةٍ، لا تُحصى لا تُحد ولا تعد… فخيراتُه علينا مستمرة لا تنتهي ولا تنقطع ولن تنقطع، ولن تنحسر، بل هي باقية بقدر الله، ما دامت السماوات والأرض.
نِعَمُ الله وعطاياه وألوان مننه ورحمته متواترة متدفقة متنوعة متعددة في: أنواعها، وأشكالها، وصورها، وأنماطها الكثيرة، التي تُدهش العقول وتبهر الألباب… ومن ذلك:
العقل البشري: من أعظم مظاهر الإعجاز الإلهي، وأحد أجل النِّعَم على الإنسان
العقل البشري هو أحد أعظم معجزات الله (عزَّ وجلَّ) في خلق الإنسان، فبه يمتاز الإنسان عن سائر المخلوقات، بقدرات لا مثيل لها في: التفكير، والإبداع، والتحليل، واتخاذ القرار.
من أوجه الإعجاز الإلهي في خلق العقل:
يقول الحق تبارك وتعالى: (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (الذاريات: 21)، في أنفسكم آيات كثيرة: السمع، والبصر، واللسان، والقلب، العقل…إلخ، وكلها عِبرة لكم، ودليل لكم، وآيات لكم تدلُّكم على وحدانية صانعكم (جل وعلا). فتعالوا بنا لننظر إلى بعض أوجه الإعجاز الإلهي في خلق العقل، وطريقة عمله، من منظور علمي، على النحو التالي:
كيف يعمل الدماغ؟:
الدماغ يتكون من مليارات الخلايا العصبية التي تتواصل مع بعضها البعض عبر وصلات عصبية تُسمى المشابك. وعندما يتعلم الشخص شيئًا جديدًا أو يكتسب مهارة جديدة مثلا، فيتم إنشاء أو تعديل هذه الوصلات العصبية، مما يجعل الدماغ أكثر قدرة على معالجة المعلومات بشكل أكثر كفاءة في المستقبل.
فعلى سبيل المثال، إذا تعلمت لغة جديدة، فإن الدماغ يُعيد تشكيل نفسه لتسهيل هذه العمليات.
وسبحان الله إذا تعرض جزء من الدماغ للتلف بسبب إصابة أو مرض، فيمكن للدماغ استخدام هذه المرونة لإعادة توجيه بعض الوظائف إلى مناطق أخرى غير تالفة من الدماغ.
- البنية المعقدة للعقل
شبكة الأعصاب الفائقة:
– يحتوي الدماغ على حوالي 86 مليار خلية عصبية -والمليار يساوي ألف مليون-، ترتبط عبر تريليونات الوصلات العصبية -التريليون يساوي مليون مليون-، مما يشكل شبكة معقدة تدير الوظائف الحيوية والمعرفية والعاطفية.
– تصل سرعة نقل الإشارات الكهربائية إلى 120 مترًا في الثانية، مما يُمكّن العقل من معالجة المعلومات واتخاذ القرارات في أجزاء من الثانية.
مرونة الدماغ:
مرونة الدماغ تشير إلى قدرة الدماغ على التكيف وإعادة تنظيم نفسه عندما يتعرض لتجارب أو تعلم شيء جديد. وإذا قرأ شخص كثيرًا عن موضوع معين أو تدرب على مهارة، فإن الوصلات العصبية المرتبطة بهذا الموضوع أو المهارة تصبح أقوى، مما يعزز قدرته على التذكر والتفكير في هذا المجال.
والدماغ ليس ثابتًا، بل يمكنه تعديل بنيته، وطريقة عمله، بناءً على المحفزات البيئية والعوامل الجينية والتجارب التي يمر بها الشخص ([1]).
على الرغم من أن الدماغ يكون في أفضل حالاته من حيث التكيف في مراحل مبكرة من العمر، إلا أنه يظل قادرًا على إعادة تشكيل نفسه طوال حياة الإنسان. ولذلك، التعلم ليس مقتصرًا على سن معين، بل يمكن أن يحدث في أي مرحلة من الحياة.
وهكذا يتمتع العقل بقدرة مذهلة على التكيف مع التغيرات، من خلال إعادة تشكيل وصلاته العصبية استجابة للخبرات والمعلومات الجديدة. هذه الخاصية تجعل التعلم عملية مستمرة طوال حياة الإنسان.
- الوظائف العقلية الخارقة
الإبداع والتخيل:
– العقل لا يقتصر على فهم الواقع، بل يبدع في خلق أفكار جديدة، وهو ما جعل الإنسان قادرًا على التطور عبر العصور.
الذاكرة المتقنة:
– يمتلك الدماغ قدرة فائقة على تخزين مليارات المعلومات في الذاكرة القصيرة والطويلة المدى، واسترجاعها عند الحاجة.
التحكم في الجسم:
– العقل ينظم عمل كل أعضاء الجسم من خلال الجهاز العصبي، مثل تنظيم ضربات القلب، التنفس، والهضم، ما يحفظ توازن الجسم بشكل مثالي.
- التوازن بين العقل والعاطفة
– العقل والعاطفة يعملان بتناغم مذهل يتيح اتخاذ قرارات عقلانية مع مراعاة المشاعر الإنسانية. هذا التكامل يعكس دقة التصميم الإلهي الذي يجمع بين المنطق والحدس.
- الإشارات القرآنية لإعجاز العقل
العقل والتمييز بين الحق والباطل:
العقل وسيلة الإنسان للتمييز بين الصواب والخطأ، مما يعكس مسؤولية الإنسان كخليفة في الأرض. والعقل أداة أساسية للتفكر والتدبر. يقول تعالى: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (آل عمران: 191)، مما يحث على استخدامه لفهم مظاهر الإعجاز في الكون.
- حدود العلم أمام العقل
على الرغم من التقدم الهائل في علوم الأعصاب، يبقى العقل لغزًا محيرًا للعلماء، فلم يتمكنوا بعد من تفسير آلية ترجمة الأفكار والمشاعر إلى إشارات عصبية.
- الإعجاز في التكامل مع شتى أنحاء الجسد
– العقل لا يعمل بمعزل عن الجسد، بل يتكامل معه ليحقق وظائفه المتعددة، مما يشير إلى نظام متقن يعكس الحكمة الإلهية في خلق هذا الجهاز العجيب المعجز الذي ميز به الإنسان عن غيره من المخلوقات.
ويبقى العقل البشري دليل حي على عظمة الله وقدرته، وتميزه للإنسان ككائن مميز ومكرم في هذا الكون ([2]).
لما كان العقل بهذا الإعجاز وبهذه الإمكانات التي تفوق الوصف، فقد كرم الإنسان به، وجعله مناط التكليف، وطلب من الإنسان أن يُعمله في إعمار الكون وإسعاد الحياة، وأن يشكر هذه النعمة باستخدامه في طاعة الله، وألا يهمله، وألا يعتدي عليه بشرب الخمور أو المسكرات أو المخدرات أو غيرها، أو استخدامه في معصية الله.
أما إذا سلب الله العقل من الإنسان فلا حساب عليه، يقول النَّبِيُّ (ﷺ): (رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصبىِّ حتى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ)
الخمر والمسكرات والمخدرات في منظور الإسلام
معنى الخمر:
الخمر في اللغة: هو كلُّ شراب خَامَرَ العَقَلَ فستره وغطى عليه. وقيل: كلُّ مُسكر خَامَرَ العَقَلَ وغطاه
يقال: “خمرت الإناء إذا غطيته”، ليمنع ما فيه من الظهور.
وسمي خمار المرأة بذلك لأنه يُستخدم لتغطية الرأس، إذ يرتبط المعنى بالستر والتغطية.
وهكذا فالخمر له دلالات لغوية متعددة، مرتبطة بفكرة التغطية والستر، سواء كانت في الإناء أو العقل أو في سلوك الشخص، مما يبرز طبيعة التأثير السلبي للخمر على العقل والسلوك.
تعريف المسكرات:
المسكرات هي المواد التي تُسْكِرُ العقل، أي تغطيه وتُفقده الوعي، أو تُغيّر حالة الإدراك.
في اللغة، تُعرَّف بأنها كل شراب أو مادة تُفقد الإنسان القدرة على التفكير السليم، أو يُغيّر الإدراك، وتؤدي إلى السكر والغباء. وتشير إلى كل شراب يسبب السكر. وتشمل: جميع أنواع المشروبات الكحولية، والمواد المخدرة التي تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الفكر والإدراك والسلوك.
تعريف المخدرات:
في لسان العرب لابن منظور: المخدرات هي ما يُخدِّر أو يُذهب الإحساس أو يُسبب النعاس، وهي تشمل الأفيون وما يشابهه من المواد.
وفي المعجم الوسيط: هي: “مواد تُستخدم لتخفيف الألم أو لتأثيرات مهدئة، أو لتغيير الحالة النفسية، وغالبًا ما تُسبب الإدمان.”
وقيل: هي مواد كيميائية تُستخدم بشكل غير قانوني أو طبي، تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وتغير الحالة العقلية أو الجسدية للشخص، وتسبب تغييرات في الوعي والسلوك، وتؤدي إلى تأثيرات مختلفة مثل الاسترخاء، الهلوسة، أو تغيّر الوعي.
أنواع المخدرات: تُصنَّف المخدرات إلى أنواع مختلفة، بما في ذلك:
المخدرات الطبيعية: مثل الحشيش (القنب) والأفيون، وهي مستخلصة من نباتات.
المخدرات الاصطناعية: يتم تصنيعها كيميائيًّا.
المخدرات المنشطة: تؤدي إلى زيادة النشاط والطاقة.
المخدرات المهدئة: تستخدم لعلاج القلق والأرق.
وتشمل المخدرات النباتية والكيماوية، والسائلة، والمسحوقة، والصلبة، هذه كلها من المخدرات، ومن الخمر بمعناه الواسع، لأنها تحجز العقل عن أداء مهمته، وصدق الله تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة: 195)، كما أنها أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (البقرة: 188).
الفروق:
الخمر: هو نوع من المشروبات الكحولية، يتم تحضيره من تخمير الفواكه (مثل العنب)، ويؤثر على الجهاز العصبي، مما يسبب تغيرات في التفكير والسلوك.
المسكرات: تشمل جميع المواد التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، سواء كانت مشروبات كحولية مثل الخمر أو مواد أخرى، مثل بعض الأدوية المهدئة أو المنومة. تسبب تغييرات في الإدراك والسلوك.
المخدرات: هي مواد تؤثر بشكل كبير على العقل والجسد، سواء كانت طبيعية (مثل الأفيون والقنب) أو اصطناعية. تسبب تغييرات في الوعي، وغالبًا ما تؤدي إلى الإدمان والمشكلات الصحية والنفسية.
باختصار: الخمر هو نوع من المسكرات، لكن المخدرات تشمل مجموعة أوسع من المواد التي تؤثر على العقل والجسم.
التدرج التشريعي
من تجليات الرحمة الإلهية للإنسان
مراحل تحريم الخمر في الإسلام:
تظهر تجليات الرحمة الإلهية بالإنسان من خلال التدرج التشريعات، ومنها: تحريم الخمر الذي حرمه الله على المسلمين في عدة مراحل، مما يعكس رعاية الله ورحمته لعباده في تغيير عاداتهم بشكل تدريجي؛ ليتمكنوا من التكيف والاستجابة لهذا التحريم، ذلك لأن الخمر كانت متأصلة في حياة العرب، وشيئا أساسيًّا لهم، ومن ثم لا يمكن أن يتركوها فجأة.
ومن هنا كانت الرحمة الإلهية في التدرج في تحريمها شيئا فشيئا، بدء من أية النحل، ثم آية النساء، ثم آية البقرة، ثم آية (التحريم النهائي) في سورة المائدة.
وقد بحثت كثيرًا عن المدى الزمني بين الآية الأولى والأخيرة من آيات مراحل تحريم الخمر الأربع، والتي توجت بتحريم الخمر نهائيًّا وبشكل قاطع في المرحلة الرابعة.
ومن خلال دراسة مكية الآيات ومدنيتها، فإن آية المرحلة الأولى في التدرج في التحريم نزلت في مكة (في أواخر العهد المكي)، في حين أن الآيات المتعلقة بالمراحل الثانية والثالثة والرابعة نزلت بالمدينة (في السنوات الأولى من الهجرة)، وأن المدى بين آية المرحلة الأولى، وآية المرحلة الرابعة والنهائية للتحريم، حوالي ستة أعوام([5]) تقريبا.
ومن هنا نتعلم التدرج في حياتنا، انطلاقا من هذا المنهج الرباني الذي قرره العليم الحكيم، الذي حَرَّمَ الخمر على مراحل، وحَرَّمَ الربا على مراحل، وأمر بالصلاة على مراحل، وعلَّمنا التدرج الذي يُصلح للنفس البشرية ويُصلحها.
وما سبق -وغيره- يوضح كيف أن الله رحيم بخلقه، يراعي طبيعتهم، ويُكرمهم بالتوجيه الصحيح نحو الخير والصلاح.
ويمكن تلخيص مراحل تحريم الخمر في الإسلام في أربع مراحل:
المرحلة الأولى: الإشارة إلى ضررها دون تحريمها – (سورة النحل آية: 67- مكية)
في هذه المرحلة، أشار الله (سبحانه وتعالى) إلى وجود شراب مُسكِر دون أن يُحَرِّمَه بشكل مباشر. يقول تعالى: (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (النحل: 67).
في هذه الآية، يُبرز الله (عز وجل) أن هناك نوعين من المشروبات:
أحدهما مُسكر.
والآخر يُعد رزقًا حسنًا.
وهذا التمييز يدعو المؤمنين إلى التفكير والتأمل في الاختلاف بين ما يُسكر ويؤدي إلى الأضرار، وما يُعَدّ مصدرًا للرزق الحسن.
وهذه المرحلة كانت تستهدف:
التوجيه الفكري: لدفع المسلمين للتفكير في الاختلاف بين المشروبات وتأثيراتها على الفرد والمجتمع.
التحذير غير المباشر: بالإشارة إلى أن هناك مشروبات قد تؤدي إلى ضرر، مما يمهد الطريق لفهم المخاطر المرتبطة بشرب الخمر.
تنمية الوعي: تشجيع المؤمنين على اختيار ما ينفعهم وما يُفضل في حياتهم.
بهذه الطريقة، تمهّد المرحلة الأولى لانتقال المسلمين إلى مراحل لاحقة من التحذير من الخمر، مما يعكس الحكمة الإلهية في التعامل مع المسائل التي تتعلق بالعادات والسلوكيات.
المرحلة الثانية: التحذير من تناولها وقت الصلاة – (سورة النساء آية: 43 – مدنية)
في هذه المرحلة، جاء التحذير من الله (تعالى) إلى المؤمنين بشأن تناول الخمر وقت الصلاة. يقول الله تعــــالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ…) (النساء: 43).
وهنا يبدأ:
التحذير المباشر من السكر: وضرورة أن يكون المسلم واعيًا ومتنبهًا أثناء أداء الصلاة، لأن الصلاة هي رأس سنام الإسلام، ومن أهم وأعظم أركان الإسلام. وأساس العبادة والعمود الفقري لدين المسلم، والصلاة ليست مجرد ركن ديني يؤديه المسلم بشكل ميكانيكي، بل هي اتصال مباشر مع الله، ويجب أن يكون هذا الاتصال مليئًا بالوعي والتفكير، حيث تمنح الصلاة فرصة للتقرب إلى الله وفهم معاني العبادة والطاعة، والسكر يخل بها.
التقليل من الشرب: كان هذا التحذير بمثابة دعوة للمسلمين للتقليل من شرب الخمر، حتى يتمكنوا من أداء الصلاة بشكل صحيح وواعي.
التوجيه نحو الإخلاص: التأكيد على أن الصلاة تحتاج إلى التركيز والصفاء الذهني، مما يوجب على المؤمنين الامتناع عن تناول الخمر في أوقات الصلاة.
وهذه المرحلة كانت تستهدف:
تعزيز الوعي الديني: دفع المسلمين للاهتمام بصلاة الجماعة والتفكير في أهمية الوعي أثناء العبادة.
تقليل استهلاك الخمر: الحد من شرب الخمر في أوقات الصلاة من خلال هذا التحذير.
التركيز على العبودية: التذكير بأن العبادة تحتاج إلى حضور قلبي وعقلي، وهو ما يتطلب الابتعاد عن كل ما يُفقد هذا التركيز.
وهذه المرحلة الثانية أسهمت في توجيه المسلمين نحو سلوكيات أكثر إيجابية واعتدالًا في تناول الخمر، مما يُهيئهم للخطوات التالية نحو تحريمه بشكل كامل.
المرحلة الثالثة: بيان أضرارها وذمها- (سورة البقرة آية: 219 – مدنية)
في هذه المرحلة، جاء بيان واضح من الله (سبحانه وتعالى) عن أضرار الخمر وذمها. يقول تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ) (البقرة: 219).
وفي هذه المرحلة يدرج الله (عز وجل) بقضية الخمور شيئا فشيئا، على النحو التالي:
الإشارة إلى المخاطر التي تضمنها الخمور: أوضح القرآن أن الخمر والميسر (القمار) يشتملان على إثم كبير، مما يُبرز المخاطر المرتبطة بتناولها، ويأتي التعبير بلفظ (قل)، ووصف الإثم بأنه كبير، بخلاف المنافع المحدودة للخمر، لكن الأضرار والأثام الناتج عنها أكبر بكثير، مما يُشجع المسلمين على إعادة النظر في شربها.
تحفيز النفوس على النفور منها، ومن ثم الترك التدريجي لها: فهذا البيان جعل قلوبَ المسلمين تنفرُ من الخمر تدريجيًّا، إذ أصبحوا يرون أن أضرارها تزيد بكثير عما تُقدّمه من نفع.
وهذه المرحلة كانت تستهدف:
تعزيز الوعي بالأضرار: توعية المسلمين بالمخاطر الصحية والاجتماعية والنفسية المرتبطة بشرب الخمر.
التحذير من الفتن: التحذير من الخمر كأداة تؤدي إلى الفتنة والضرر في المجتمع.
تمهيد الطريق للتحريم الكامل: تمهيد الساحة أمام القرار النهائي بالتحريم الكامل من خلال تقديم الأدلة القوية.
وفي هذه المرحلة الثالثة أيقن المسلمون أهمية الابتعاد عن الخمر لبناء مجتمع أكثر وعيًا وصحة، وهو ما مهد للمرحلة الرابعة والحاسمة.
المرحلة الرابعة: التحريم القطعي – (سورة المائدة آية: 90 – مدنية)
في هذه المرحلة، جاء التحريم القطعي والصريح للخمر من الله. يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: 90).
وفي هذه المرحلة وبعد التدرج السابق، جاء الحسم الإلهي للقضية برمتها، من خلال:
التحريم الصريح للخمر: الذي جاء بشكل واضح وحازم وحاسم لا لبس فيه، وفيه أُمرت الأمة الإسلامية بالاجتناب التام للخمر وكل ما يرتبط بها.
وصفها الله بالرجس: وُصِفت الخمر بأنها (رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)، مما يُظهر مدى قُبح هذا الفعل وأثره السلبي على الفرد والأسرة والمجتمع.
أن الله تعالى ربط الفلاح في الدنيا والآخرة بالابتعاد عن الخمر؛ مما يحث المسلمين على الانصياع لأمر الله ويسهم في تعزيز القيم الصحية والاجتماعية.
وهذه المرحلة كانت تستهدف:
تحقيق الطهارة النفسية: التأكيد على أهمية الطهارة النفسية والروحية من خلال اجتناب ما يُسبب الفساد.
توجيه سلوكيات المسلمين نحو حياة أكثر توازنًا وصحة، بعيدًا عن المخاطر التي تأتي مع شرب الخمر.
تعزيز الروح الجماعية ببناء مجتمع أكثر تماسكًا وقوة، حيث يتكاتف أفراده نحو تحقيق الصلاح والفلاح.
بهذه الطريقة، تُختتم مراحل تحريم الخمر في الإسلام، مما يُظهر حكمة الله (عز وجل) البالغة في معالجة هذا الموضوع ببطء وتدرج “وَحْده وَحْده”، وصولاً إلى التحريم الكامل، وذلك من أجل تحقيق الصالح العام للمجتمع المسلم.
تحريم الخمر والمسكرات في السنة النبوية:
حذَّر النبي مِن كل ما يُفقد العقل أو يؤثر على سلامته، فقال (ﷺ): (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ خَمْرٍ حَرامٌ) ([6]).
فالخمر اسمٌ لكلِّ ما يُوجَدُ فيه الإسكارُ، سواءٌ كان شَرابًا أو طَعامًا أو استنشاقًا ونحْوَ ذلك، وأنَّ كلَّ ما يُسكِرُ ويُذهِبُ العقلَ فقدْ حَرَّمه اللهُ (عزَّ وجلَّ) ونَهى عنه، قَليلِه وكَثيرِه.
وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: “لعَن رسولُ اللهِ (ﷺ) في الخَمْرِة عشَرةً: عاصِرَها، ومُعتصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه، وســـاقِيَها، وبائِعَها، وآكِلَ ثَمَنِها، والمُشتَـرِيَ لها، والمُشتراةَ له” ([7]).
وهكذا حرَّم الشَّرعُ الحنيف كلَّ أنواعِ الخمْرِ، وكلَّ ما يُذهَبَ العقلَ ويُغيَّبَه، كما حرَّم الأسبابَ والوَسائلَ المؤدِّيةَ إلى نشرِها، وهي بذاتِها محرَّمةٌ.
واللَّعنُ هنا بمعنى التَّحريمِ، والتَّحريمُ هنا يَشمَلُ عشَرةَ أمورٍ متعلِّقةٍ بها.
عاصِرِها: وهو مَن يقومُ بعصْرِها وصِناعتِها مِن أيِّ مادَّةٍ كانت.
مُعتصِرِها: هو مَن يَطلُبُ عَصْرَها مِن العاصِر، سواءٌ كان صاحِبَها أو أجيرًا عندَه يَحمِلُها فقط.
شارِبِها: وهو مُتعاطِيها.
حاملها: أي: النَّاقِلِ لها.
المحمولة إليه: أي: المنقولَةِ إليه.
ساقيها: وهو الَّذي يُقدِّمُها ويَصُبُّها للغيـرِ لِيَشرَبَها.
بائعها: وهو الَّذي يَبيعُ الخمْرَ.
آكل ثمنها: وهو مَن يأكُلُ مِن ثمَنِها مِن بيعِها، يأخذُ أُجرةً على عمَلِه وهو يَعلَمُ أنَّ مصدرَ المالِ مِن بَيْعِها، وهذا كلُّه مِن بابِ سَدِّ الذَّرائعِ والسُّبلِ أمامَ نشْرِ الخمْرِ؛ فلم يَترُكِ النَّبيُّ (ﷺ) بابًا يتعلَّقُ بها إلَّا وأغلَقه وحرَّمه؛ لأنَّ الخمْرَ أمُّ الخبائثِ وتدفَعُ إلى عمَلِ كلِّ المحرَّماتِ والموبقاتِ؛ فاشتدَّ التَّحريمُ في أمْرِها لذلك ([8]).
والمُشتَـرِيَ لها: هو من يقوم بشراء الخمر.
والمُشتراةَ له: هي الخمر التي يتم شراؤها لأجله.
الحكم الشرعي للمخدرات:
الخمر والمسكرات حرامٌ بنص القرآن والسنة وإجماع المسلمين؛ قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: 90)، وقوله: (فَاجْتَنِبُوهُ) آكد في التحريم؛ لأن هذا اللفظ يدل على تحريم الاقتراب من الخمور ومجالسها، فما بالُنا بشربها! ومن السنة قول النبي (ﷺ): (كُلُّ مُسْكِرٍ خمرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ)، وقوله (ﷺ): (ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حرامٌ) ([9]).
وانعقد إجماع الصحابة على تحريم الخمر، وعلى أن العلة في التحريم الإسكار.
وقد ثبت أن للخمر آثارًا وأضرارًا أدبية ومادية، فقد كرَّم الله (تعالى) الإنسان وفضَّله، وأنعم عليه بنعمة العقل الذي جعله مناطًا للتكليف؛ وجعل حفظ العقل من مقاصد الشريعة الإسلامية التي أطلق عليها الفقهاء الضرورات الخمس؛ وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال.
ناهيك عما تفعله الخمور والمسكر والمخدرات من إفساد إنسانية الشارب، وإهدار آدميته وكرامته، كما تفسد علاقته بأهله وأقاربه ومجتمعه، وتحطُّ من شأنه، وتقضي على حيويته، وتصيب جسمه وعلقه ووعيه بالعلل؛ ناهيك عن تأثيرها الضارٍّ على المعدة والكبد…إلخ، وتُذْهِب بأموالِ الشاربِ وممتلكاته.
ومتى اختل العقل وفسد بشرب المسكرات؛ انقطعت صلة شاربها بربه (جل وعلا) وابتعد عن عبادته؛ ومن ثم يقسو القلب، وتُدنس النفس، فلا يتذكر عظمة الله وقدرته.
لهذا كانت الخمر صنوًا للشرك بالله ورجسًا من عمل الشيطان؛ كما وصفها القرآن الكريم في تلك الآية؛ لذلك حرَّم الإسلام الموبقات والمفسدات وكل ما يُذْهِبُ العقل أو يفسده من مطعوم أو مشروب، وفي مقدمة الموبقات المفسدات المهلكات أم الخبائث الخمر والمسكرات والمخدرات ([10]).
لا تكتب قصة نهايتك بنفسك
تنبيه وتحذير… احذروا تجريب المخدرات.. احذوا البدايات:
لا يخطر ببال كثير من الشباب المراهقين، أو حتى الكبار المدمنين لأول وهلة عند أول مغامرة مع المخدرات -ولو كان هذا على سبيل الاستكشاف أو حب الاستطلاع- أنهم غرسوا أول مسمار في نعش حياتهم الهانئة وسعادتهم الدنيوية، وأنهم فتحوا على أنفسهم باب الوقوع في تعاطي المخدرات، والوقوع في براثن إدمانها وأنهم قد أخذوا أول خطوة في طريق الضياع.
ونحن هنا لا نتكلم عن نوع معين من المخدرات، وإنما نتكلم عن هذا الغول القاتل بكل أنواعه، سواء:
الطبيعية: كالحشيش والأفيون والكوكا والقات.
أو التصنيعية: كالهيرويين والمورفين والكوكايين.
أو التخليقية الكيميائية: والتي تؤخذ على هيئة حبوب أو حقن أو مساحيق أو أشربة مثل: الكبتاجون والأرتين وأشباهها.
وإذا وقع أحد في إدمان ما سبق فإن نتيجته متقاربة إن لم تكن متطابقة، وهي الضياع.
وإذا خَطَا الشابُ أو المدمنُ أولَ خطوةٍ في هذا الطريق فقد كتب قصة نهايته بنفسه إن لم يتداركه الله برحمته([11]).
حرب المخدرات:
المخدرات والمسكرات والخمور من أعظم الآفات في هذه الحياة، وهي ليست مجرد مواد تُدمن، بل هي أسلحة يستخدمها الأعداء للنيل من بلادنا، وقيما، واقتصادنا، وشبابنا عماد الأمة وأساس نهضتها.
فهي “آفة خطيرة تهدد شعوب الأرض، وأكبر خطر عند المدمن وصوله إلى حالة نفسية وعضوية ورغبة قهرية مُلحة تُرغمه على محاولة الحصول على المادة المخدرة بأي ثمن، وإن كانت فتاة فمن الممكن أن تبيع عِرضها، وإن كان شاب فمن الممكن أن يسرق، وقد يرتكب جريمة، فالحالة القهرية التي يصاب بها المدمن تفوق حد الخيال، والقصص عن ضحايا هذه الآفة الخطيرة يشيب لهولها الولدان” ([12]).
وهي حرب:
تفتك بالأمم.
وتدمر المجتمعات.
وتضرب الاقتصاد في مقتل.
وتنهك الأفراد والأسر.
وتكلف الحكومات مبالغ تفوق الوصف في مواجهتها، ومجابهة القائمين عليها. فالإنفاق العالمي على مكافحة المخدرات بكل أنواعه وأساليبه يصل إلى مبالغ فلكية، لو أنفقت على التنمية لكان أهل الأرض في حال غير هذا الحال.
احذروا أيها المواطنون أشد الحذر فإن المخدرات حرب تحمل خطرًا عظيمًا، على الأفراد والمجتمعات، فهي:
حرب خفية تسلب العقول.
وتفسد الأبدان.
وتستنزف الأموال.
وتدمر الأخلاق.
تَقضي على عقول الشباب.
وتُذهب بعقول الكبار.
وتسلب الإنسان وعيه وإرادته، حتى يصبح عبدًا لشهوته وذليلاً لنزواته.
المخدرات تجرُّ إلى الجرائم جرًّا، فالمدمن قد يسرق أو يقتل ليحصل على المال لشراء هذه السموم.
والأخطر: “أن بعض المدمنين يبيعون شرفهم وضمائرهم وأنفسهم من أجل أن يحصلوا على كمية من المخدرات، فقد يتجسسون ويصبحون عملاء للعدو؛ لأن الجسم حينما يتعاطى هذه المادة يحتاج إليها بشكل مستمر، ومن أجل الحصول عليها أو على ثمنها يرتكب الشخصُ الجرائمَ: يسرق، يزني، ويمكن أن يبيع إخلاصه لوطنه، أو نفسه للشيطان، وقد يبيع نفسه للعدو، فالقضية خطيرة جدًّا، أعداء الأمة يعرفون ذلك؛ لذلك يستغلون المدمنين لحسابهم، إنهم يُلجِئون المدمنين إلى أن يعملوا لحسابهم، لذلك انتشار المخدرات وسط الشباب أحد المزالق لخيانة الأمة، والوطن، وخيانة هذا الدين العظيم”([13]).
تجار المخدرات.. مفسدون في الأرض:
تجارُ المخدراتِ (الكبارُ، والمتوسطونَ، والصغارُ) هم:
محاربون للهِ ورسولهِ.
ومفسدونَ في الأرضِ، ومخرّبونَ فيها.
ومقاتلون للبلادِ والعبادِ.
ومخربون للعقول.
وخائنون للأمانة.
قبّحَ اللهُ صنيعَهم، وقَطَعَ دَابرَهم، ودابرَ كلِّ مَن يُعينهم أو يَسكتُ عنهم، عالمًا بأمرهم وقادرًا على الأخذِ على أيديهم. إنها عصاباتٌ شرسةٌ، نشطةٌ في كلِّ مكانٍ.
ضحاياها في عمر الزهور.. النشء والشباب… فلذات الأكباد.. ضاعَ مستقبلهم، وضاعت حياتهم.
وبدلًا من أن يتجهوا إلى البناءِ والرخاءِ، تحولوا إلى أدواتٍ للهدمِ والتدمير، يضرّونَ ولا ينفعونَ، ويجلبونَ الخزيَ والعارَ لأهلهم ولأقاربهم.
اسألوا آباءَهم الحائرين عن دفعِ الضُّررِ عنهم.
اسألوا الأمهاتِ المحطّمات.
اسألوا أخواتهم العوانس الذين حرموا من حقهم في الزواج وبناء أسرة بسببِ أفعالِ إخوتِهم المدمنين.
اسألوا الزوجاتِ الضائعات بسببِ إدمانِ أزواجهن.
اسألوا أقسامَ الشرطةِ وما فيها من المدمنين.
اسألوا السجون، اسألوا الضائعين خلفَ القضبان.
ماذا فعلت بهم المخدرات؟ وكيف حوّلتهم إلى أحياءٍ أمواتٍ؟، لا نفع فيهم ولا خير، بما حدثَ لهم وفيهم وبهم.
أدت بهم إلى:
- الفشل الدراسي وضياع المستقبل.
- اختلال في العقل وتأثير على التوازن النفسي والعقلي.
- اكتئاب وهم وغم وقلق وأزمات نفسية متراكمة.
- اضطراب دائم في الحالة المزاجية.
- صور محزنة ومؤلمة تستدعي التعاطف.
- نهايات سيئة وعواقب وخيمة دنيوية وأخروية.
- فضيحة في الدنيا وعذاب في الآخرة.
فتنة المخدرات وأضرارها:
أضرار الخمور والمسكرات والمخدرات كثيرة وخطيرة، وقسَّم الباحثون أضرارَها وتداعياتها الخطيرة، إلى:
إبعاد الشخص عن الله:
إن هذه المعصية المنصوص على تحريمها في القرآن والسنة، تورث سخط الله وعقابه الدنيوي والأخروي، وتُبعد الشخص عن الله (تعالى)، وعن الصالحين من عباده، وتقرب من شياطين الإنس والجن، وتبعده عن ذكر الله وعن الصلاة.
الأضرار الخُلُقية:
تورث الشخص سوء الخُلق، وتجعله مزاجيًّا، ضيق الصدر، شديد الانفعال، وتنزع عنه الحياء، وتعلمه أنواعًا من الأخلاق السيئة، كـ: الكذب، وإخلاف الوعود، ونقض العهود، وسقوط النفس بالسؤال والسرقة.
الأضرار الاجتماعية:
ومن بينها: تمزيق الأسر حيث ينفق كل ما في جيبه، وينكفئ على نفسه، ويخسر وظيفته وتجارته، ويمد يده إلى كل ما هو جميل في البيت، ويتعامل بكل عدوانية مع زوجته وأطفاله وأهله.
ناهيك عن انتشار عدد من الأمراض المترتبة على ذلك، مثل البطالة، والتسول، ثم الانجرار إلى السرقة، وبيع الذمم؛ فلا يبالي بعد ذلك بلوم ولا عيب فضلاً عن الدين.
الأضرار الصحية:
والأضرار الصحية أكثر من أن تحصى، منها: بعض أنواع السرطان كسرطان المريء وغيره، والتهابات المعدة والقرحة، وأمراض الكبد والقلب. وأهم شيء إفساد العقل، ومنها الهلوسة واضطرابات التفكير وفقدان الذاكرة.
“كما أن تعاطي المخدرات يقلل من التركيز الدائم وحضور الذاكرة، ويؤدي إلى خلل في الإدراك الحسي العام وإدراك الزمن، مما يُعرف بعدم المبالاة بـ: الوقت أو الذوق العام، أو المظهر الشخصي، وينعكس ذلك على الشخص وعلاقاته بكل من حوله. ناهيك عن الانطوائية والتوتر النفسي والقلق المستمر، والشعور بعدم الاستقرار وتقلب المزاج، مما يؤدي إلى عصبية زائدة وحساسية شديدة، ويؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية ورغبة الشخص في العزلة والابتعاد عن الناس
الأضرار الاقتصادية:
متعاطو المخدرات تُهْدَم في نفوسهم كلُّ القوى، فلا يصلحون لوظيفة، ولا ينفعون لعمل ولا تجارة، وكل واحد منهم يعد معول هدم للاقتصاد.. فالمخدرات -كما تدمر الجسم والعقل- تفتك أيضًا بالمال، مال الفرد ومال الأمة، فهي تخرب البيوت العامرة، وتيتم الأطفال، وتجعلهم يعيشون عيشة الفقر والشقاء والحرمان.
وتتحول أموال الضحايا إلى خزائن الذئاب من تجار السوء والعصابات العالمية
لقد أصبحت وسائل التكنولوجيا الحديثة مثل الهواتف والشاشات والإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا.
ومع ذلك، فإن هذا الاستخدام قد يتحول إلى “مخدر” يسلبنا أوقاتنا وعقولنا إذا لم نحسن التعامل معه.
وهذه الوسائل حيادية حقًا، فهي أدوات يمكن أن تقرّبنا من الله إذا استُخدمت في طلب العلم، ونشر الخير، والتواصل مع الأهل والأصدقاء برحمة. لكنها قد تصبح أداة لإضاعة الوقت والابتعاد عن الله إذا أُسيء استخدامها. وعلينا أن نستشعر رقابة الله في استخدامنا لهذه الوسائل، ونسأل أنفسنا دائمًا: هل ما نفعله الآن يرضي الله؟ هل نستخدمها فيما يفيدنا دنيا وآخرة؟ فالوقت هو أمانة، وسيُسأل الإنسان يوم القيامة عن عمره فيما أفناه. لذلك، فلابد أن نجعل من هذه الأدوات وسائل تعيننا على طاعة الله، لا أن تكون سببًا في الغفلة عنه. وعلينا أن نتذكر دائما النبي (ﷺ): (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ) ([1])
- اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَاةً تَجْمَعُ بِهَا رُوحَ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ، بالْمُصَلِّي عَلَيْهِ.
- اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ بن عبد الله، مَا ضَاقت إلا وفَرَّجها اللهُ.
- اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، صَلَاةً تُنَوِّرُ بِهَا قُلُوبَنَا وَعُقُولَنَا وَدُرُوبَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ.
نسأل الله السلامة لنا ولأولادنا، وأن يوفقنا للحفاظ على ديننا وهُويتنا ولغتنا، وأن يجعلنا ممن يخدمون لغة القرآن الكريم.