بقلم د/ أحمد حسن عبد الهادي
زميل الجمعية العلمية للتشريع الضريبي
أصدر المشرع المصري القانون رقم 6 لسنة 2025 بشأن الحوافز والتيسيرات الضريبية للمشروعات التى لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي عشرين مليون جنيه ويعد هذا القانون تأكيد من المشرع على تطور العلاقة بين الإدارة الضريبية بين الممول/المكلف
فقد مرت العلاقة بين الإدارة الضريبية و الممول/المكلف بأطوار عده ؛ ما بين الإذعان المطلق والذى يتمثل فى انفراد الدولة وحدها فى تقرير فرض الضريبة وتقرير الأسس والآليات التى تشكل عمل المنظومة الضريبية. وصولا الى تطور النظرة الى الممول/المكلف تشجيعا له على الإذعان الإختياري للقانون الضريبي سعيا من الادارة الضريبية للحصول على رضائه فى إطار من الجودة بمعناها فى المشروعات الخاصة مما يجعله مرتبطا بالإدارة الضريبية ولا يفكر فى الإفلات منها، ويزيد من التزامه الضريبي.
وتبدو ملامح هذا التطور فى العلاقة بين الادارة الضريبية والممول/المكلف فى الاستماع الى العقبات التى تعترض اندماج الممولين/ المكلفين فى النشاط الاقتصادى وكذا الصعوبات التى تعترى الالتزام بأحكام القانون الضريبي ومنها:-
التنافسية الإقتصادية : تعالت صيحات الممولين/ المكلفين ببسط أحكام القانون الضريبي حتى يتمكنوا من المنافسة فى السوق الاقتصادى لأن خروج بعضا من السوق عن أحكام القانون الضريبي يلقى بالعبء على كاهل الممولين / المكلفين ويقلل من فرصهم التنافسية ويعطى فرصة للاقتصاد الغير رسمي تفوق الفرص الممنوحة للإقتصاد الرسمي.
وبذلك يكون السيطرة على الاقتصاد غير الرسمي مطلب مشترك للإدارة الضريبية والممولين / المكلفين وأثمر هذا المطلب عن قانون يقر بعضا من الحوافز والتيسيرات لبعض المشروعات تشجيعا لها على الانخراط في المنظومة الضريبية والخضوع لأحكامها ولبسط أحكام القانون الضريبي على السوق الاقتصادى بكل صوره.
النظرة الى المشروعات الصغيرة والمتوسطة : كم نادى الممولين/ المكلفين بمزيد من الإهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ، والتى هى فى مهد طريقها نحو الاستثمار الاقتصادى فكان المشرع ملبيا هذ النداء بأن قصر المخاطبين بأحكام هذا القانون على المشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي عشرين مليون جنيه ولعل هذا الرقم قد راعى التضخم الذى ساد خلال الفترات السابقة ومنح تلك المشروعات حوافز وتيسيرات ضريبية لم تمنح لغيرها من المشروعات تحفيزا لها على الاستمرار والنهوض .
تخفيف بعض الالتزامات الضريبية: فتقديم الاقرار الضريبيى الخاص بالضريبة على القيمة المضافة شهريا يخلق التزاما على المكلف يجد فيه المكلف مزيدا من الصعوبة نحو الإلتزام به. فجمع المشرع بين التيسير والتحفيز فى هذا الشأن ليجعل المشرع الاقرار الضريبي الخاص بالضريبة على القيمة المضافة يتم تقديمه عن كل ثلاثة أشهر على النموذج المعد لهذا الغرض خلال الشهر التالي لانتهاء هذه الفترة مقترنا بسداد الضريبة مما يعد تيسيرا. أما احتفاظ المكلف بالضريبة السابق تحصيلها فترة الثلاثة أشهر قبل الاقرار عنها يعد حافزا من المشرع للمكلف.
التناسب بين الجريمة والعقوبة فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون الضريبي وقانون الاجراءات الضريبة الموحد التى ليس محلها مستحقات ضريبية : فأصدر المشرع القانون رقم 7 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد الصادر بالقانون رقم 206 لسنة 2020 باضافة المادة ( 75 مكرر) بجواز التصالح من الوزير أو من يفوضه مقابل دفع تعويض لا يقل عن نصف الحد الادنى للغرامة المنصوص عليها فيه. ولا يجاوز ضعف هذ الحد وذلك قبل رفع الدعوى الجنائية، دفع تعويض يعادل الحد الادنى للغرامة ولا يجاوز ثلاثة أمثال هذ الحد وذلك قبل صدور حكم فى الموضوع، دفع تعويض يعادل أربعة أمثال الحد الادنى للغرامة المنصوص عليها فيه ولا يجاوز الحد الأقصى لها وذلك حال صدور حكم بات.
والأمل معقود بمزيد من التطور فى تلك العلاقة، فغاية تحسن العلاقة ما بين المكلف والإدارة الضريبية الإذعان للقانون الضريبي طواعية واختياراً، لا قهراً وإجباراً بأن تكون الإدارة الضريبية متلقياً سلبياً للضريبة، أكثر من أن تكون جابياً إيجابياً لها، أو أن تكون مراقباً لا محصلاً.