التنمية المستدامة مرهونة بالاستخدام الآمن للموارد الطبيعية
حوار: أحمد الدراوى
أكد د. عبدالمسيح سمعان- وكيل معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس- أن الله تعالى وهبنا العقل لنميّز به فى استخدامنا للموارد أو الوسائل التكنولوجية الحديثة، بحيث لا نؤدى إلى الإضرار بصحة الإنسان أو البيئة، مطالبا رجال الأعمال والصناعة الالتزام بالاشتراطات البيئية عند إقامة مشاريعهم الصناعية، حفاظا على السلامة العامة والأمان البيئى.
أشار إلى أن الاشتراطات التى تطلبها وزراة البيئة أصبحت ضرورية فى ظل التغيرات المناخية السريعة، والأضرار التى تهدد صحة وسلامة الحياة على كوكب الأرض من جراء الاستخدام الخاطئ والجائر للموارد الطبيعية.
وفيما يلى نص الحوار الذى أُجرى معه.
*نود إلقاء الضوء على المعهد وأنشطته في خدمة البحث العلمى والمجتمع؟
** معهد الدراسات والبحوث البيئية، تابع لجامعة عين شمس، متخصص في الدراسات العليا فقط، يقبل جميع الخريجين من المعاهد والكليات للحاصلين على درجة البكالوريوس والليسانس من مختلف الجامعات المصرية والعربية والأجنبية، ويتكون من سبعة أقسام أساسية، وهى: العلوم الإنسانية، ويقبل جميع الطلاب الحاصلين علي ليسانس كليات الآداب بجميع أقسامها، مثل علم النفس وفلسفة واجتماع… الخ، وكذلك خريجي معاهد الخدمة الاجتماعية.
ثم قسم العلوم التربوية والإعلام، والذى يقبل خريجي كليات الإعلام والتربية كذلك أقسام السياحة والفنادق بكلية الآداب او كليات السياحة والفنادق.
القسم الثالث: العلوم الاقتصادية والقانونية والإدارية، وهو يقبل خريجى التجارة والحقوق.
وهناك أربعة أقسام وتخصصات أخري، وهى: العلوم البيولوجية الأساسية، والعلوم الطبية، وكذلك العلوم الهندسية، وايضا العلوم الزراعية على اختلاف التخصصات.
ومن هنا يظهر الهدف بوضوح من إنشاء هذا المعهد وهو فكرة التخصصات المتداخلة، والسبب هو أن حل مشاكل البيئة لابد له من تداخل التخصصات أو التخصصات البينية والتى تمكّن من الوصول الى حل قادر على تصحيح مشاكل التنمية مثلاً عند حل مشكلة العشوائيات، فإن قسم الهندسة سيهتم بحل مشاكل التصميم والإنشاء، بينما قسم العلوم الاجتماعية والإنسانيات سيعمل على حل المشاكل النفسية والاجتماعية لدي سكان تلك العشوائيات، وهكذا فإن حل كافة مشاكل البيئة تحتاج الى التخصصات المتداخلة أو الثقافات البينية.
الأول ترتيبا
*ما هو ترتيب المعهد من حيث نوعه بين المعاهد؟
** هو الأول من نوعه في مصر، وقد صدر قرار رئيس الجمهورية سنة 1983 بإنشاء معهد الدراسات والبحوث البيئية ليكون بوتقة لدراسة المشاكل البيئية في مصر، والذى تواكب وجوده مع إنشاء وزارة الدولة للشئون البيئية، وكانت سابقا تسمى جهاز شئون البيئة، ليكون الجهاز هو الجهة التنفيذية الموجودة بالدولة، في حين يكون المعهد هو بمثابة بيت الخبرة الذي يقدم حلا للمشاكل البيئية الموجودة بمصر.
التحويل إلى كلية
*منذ فترة تتردد أخبار حول تحويل المعهد الي كلية، فما صحة هذه الأخبار وما فائدتها؟
** هناك خطوات تم اتخاذها لتحويل المعهد الي كلية تقبل طلاب الثانوية العامة مباشرة، وتم تنفيذ بعض البرامج في هذا الإطار وأُجيزت من لجان القطاع، لكن تبقى بعض الخطوات حتى تظهر إلى النور.
التنسيق الغائب
*طرحت وزارة البيئة عددا من المبادرات، فهل يتم ذلك بالتنسيق مع المعهد؟
** وزارة البيئة هي وزارة تنسيقية فى المقام الأول، حيث أن دورها هو التنسيق بين الوزارات والهيئات المختلفة، لتحقيق مفهوم البيئة النظيفة، فهي لا تتخذ إجراءات بشكل مباشر مثلاً في الكهرباء أو التجميل أو معالجة الصرف الصحى، بل هو واجب عليها وعملها ولكن لا يحدث تعاون مباشر او احتكاك بشكل دورى، وتُسأل في ذلك وزارة البيئة وهي التي تتحدث عن نفسها، وتستطيع ان تقدم الدعم وإقامة ندوات وتصميم برامج بينما دور المعهد هو تصميم البرامج والأبحاث والرسائل والشق العلمي البحثي، وهذه الرسائل هي البوتقة الأساسية التى تقدم الحلول، وهناك العديد من الأبحاث الجيدة والقابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ولكنها مازالت حبيسة الأدراج، لذا نتمنى من وزارة البيئة أن تنظر بعين جادة إلى تلك الأبحاث، وحتما ستستفاد منها، فلا يوجد بيت خبرة متخصص في مصر لتقديم هذا النوع من البحث والمعرفة بخلاف معهد الدراسات والبحوث البيئية.
*مصر تتجه للتكنولوجيا الحديثة في عملية التنمية، الأمر الذى يكون مصحوباً عادة ببعض المخاطر البيئية، فما هو أثر التكنولوجيا علي البيئة من وجهة نظركم؟!
** بداية ليس العيب فى التكنولوجيا ولكن دائما طريقة الاستخدام هي السبب الرئيسي في ظهور تلك المخاطر، فالخالق سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعمة العقل، فعلى البشر أن يستخدموا التكنولوجيا بشكل معتدل ومراعاة الضوابط والمعايير، الهاتف الذى يستخدم في تسجيل هذا الحوار الصحفي هو نتاج التكنولوجيا ودائما ما تحتاج التنمية الى التكنولوجيا، ولا يعنى ذلك أن أجتهد في استخدام وسائل التكنولوجيا دون أن أراعي البعد البيئي، حيث يتجه أصحاب المصانع الى عمل دراسات الجدوى دون النظر الى البعد البيئي، وما ينتج عن هذه التكنولوجيا من انبعاثات وعوادم تضر بالإنسان، فما قيمة هذه التكنولوجيا لو لم تؤد الى رفاهية البشرية وليس العكس، لابد للتكنولوجيا ان تكون نظيفة بحيث يستطيع الانسان أن يطوّعها لخدمته دون أن تؤدي الى مزيد من المخلّفات والتلوث البيئي، بالطبع لا نستطيع ان نلغي التنمية ولكن من الممكن استخدام الطاقات النظيفة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، طاقة المياه، وكل هذه الطاقات غير مؤثرة بشكل سلبي على البيئة، الهدف إذا هو استخدام تكنولوجيا بلا مخلفات.
التكنولوجيا النظيفة
*كيف يمكن تطويع التكنولوجيا لتنتج بيئة نظيفة على المحورين، الشخص العادى والمسئولين؟
** كما سبق وتحدثنا دور الشخص العادى ضعيف، لأنه بطبيعة الحال متلقى أكثر من أنه فاعل خاصة فى مجال التكنولوجيا، لكن أغلب النصائح موجهة للمستثمرين وأصحاب المصانع والمسئولين عن التلوث التكنولوجي الأكبر، وهو دائما ما يصمم دراسة الجدوى مركِّزا على المكسب والخسارة، ولكنه لا ينظر الى الأثر البيئى الناتج عن نشاطه الصناعى والتكنولوجى، لذا فالدولة ممثلة فى وزارة البيئة أصبحت تلزم المستثمر أن يقدم دراسة مستوفية للأثر البيئي الناتج عن نشاطه.
*هل هذا إجبارى أم اختياري؟
** بالطبع فى الفترة الحالية أصبح جزءا إجباريا ومستلزما ضروريا من مستلزمات الحصول على ترخيص لأى نشاط صناعى فى مصر، على أى شخص ينوى إنشاء أى نشاط صناعى الحصول على شهادة بالأثر البيئي الناتج عن نشاطه.
*ننتقل الى التنمية المستدامة، ما هى الطرق التى يجب على الدولة أن تلتفت إليها لتحقيق التنمية المستدامة فى مصر؟
** هناك خطة قدمتها وزارة التخطيط للتنمية المستدامة حتى 2030 وهى موجودة على صفحة الوزارة يمكن لأى شخص الرجوع إليها، وهى خطة متكاملة ومتزنة ومتزامنة فى نظرة واسعة للعشر سنوات المقبلة، وهى عدِّلت خلال الفترة السابقة لتتواكب مع الظروف الحالية للدولة وحتى تكون أقرب للتنفيذ من جميع الأبعاد، خاصة البعدين الاقتصادى والاجتماعى، وهى تنظر للإنسان ككل من ناحية الصحة والتعليم والعمل.. الخ.
التنمية المستدامة
*ننتقل الى المحور الثانى حول التنمية المستدامة، ما هى خطط المعهد ودوره فى هذا المجال؟
** كما سبق وقلت: إن دور المعهد فقط هو الدور البحثى فى المقام الأول، وكثير من الرسائل التى تعد وتقدم من خلال هذا المعهد تدور حول هذا الموضوع وفروعه وخطط التسجيل وطرق حل المشاكل، وعلى مستوى آخر توجد العديد من الفاعليات والندوات فى جميع الفروع والتخصصات فى مجال البيئة، ومن المؤكد أن التنمية المستدامة أحد فاعلياتها ونشاطاتها، وهناك مؤتمر خاص بالجامعة عن الابتكار والصناعة والإبداع فى أول أبريل المقبل- إن شاء الله- وفيه كل كليات جامعة عين شمس ومعهد البيئة ممثل فيه بقطاعاته السبع، ومعهد البيئة بشكل متخصص سيقوم بعمل مؤتمر آخر عن المشروعات الصغيرة وتأثيراتها ومشاكلها وفيه مشاركون من دول متعددة.
شراكة علمية
*هل هناك محاولات من قبل المعهد لعمل شراكة علمية مع إحدى الجامعات الدولية المتخصصة فى مجال البيئة، بهدف انتشار المعهد دولياً وإكسابه بعداً جديداً إقليميا ودولياً؟
** فى ظل الوضع الحالى اللائحة لا تسمح بذلك، حيث وضعت من أكثر من خمسة عشر عاماً ولم يكن البعد الدولى يحظى بمكانة واضحة فى هذه اللائحة، ونحن حاليا بصدد عمل لائحة جديدة للمعهد، وقبل أن نعتمدها نسعى بشكل جاد للنظر فى لوائح المعاهد المقابلة لنا فى الجامعات العالمية، وما هى الموضوعات التى تناقشها، مع تمصير اللوائح ومراعاة البعد المحلى عند وضع الموضوعات التى ستتعرض لها اللائحة، بهدف الوصول الى القدرة على المشاركة العلمية مع الجامعات الدولية وعمل توأمة أو شهادة مقابلة مع جامعات أخرى.