منذ أيام احتفلنا بيوم المرأة العالمي وكيف أصبحت المرأة عاملا قويا وبناء في المجتمع الحديث، ولكن تختلف المرأة المصرية عن بقية نساء العالم، فمنذ فجر الحضارة الفرعونية كانت ذا مكانة عالية وشغلت مناصب قيادية قادت فيها مصر نحو التقدم والرقي، ونجد ذلك منقوشا على جدران المعابد ومن أشهر هؤلاء الملكات، الملكة نفرتاري وكليوبترا وتاوسرت ومريت نيت أول من حكم عرش مصر وخنت كاوس زوجه منقرع، وجميعهم لهم أدوار غيرت مجرى التاريخ القديم.
وانتقلت جينات القيادة والعوامل الوراثة في بنات حواء لنجدها أيضا في العصر الحديث من أوائل النساء في مجالات مختلفة تقود نساء العرب لاقتحام مجالات جديدة، فنجد المرأة المصرية شغلت مناصب عدة كوزيره وطبيبه ومهندسه وعالمه وأيضا قاضية.
وإن قمنا بمقارنة نساء هذا العصر مع ما سبقه، نجد تغيرا جزريا في تفكير المرأة المصرية فبعد أن كان أقصى طموحها هو البيت والزوج والاهتمام بالشؤون الداخلية للآسرة، نجد نساء هذا العصر تقدس الحياة العملية أكثر عن تكوين البيت والأسرة، وإن كان هذا ليس بالشيء الجيد ولكن لماذا تبحث المرأة الآن عن الأمان الوظيفي قبل الأمان الأسري؟! ولماذا تفضل شابات هذا الوقت عدم الزواج مبكرا!!
ولمعرفة الأسباب غصنه في طيات المجتمع الحالي وكيف يدعو التعليم الحديث المرأة إلي الخروج للعمل وإثبات الذات عن طريق الاستقلالية المادية، وعدم الاعتماد علي أحد غير نفسها، وينبع هذا من إحساس المرأة بعدم الأمان والبحث الدائم لإشباع هذا الشعور، عن طريق اعتمادها الكلي علي نفسها، وغذي هذا الشعور حالات الطلاق المتفشية في مجتمعنا الحالي.
فبعد أن كان الأمان العاطفي والدفيء الأسري وتكوين البيت هو قبله المرأة المصرية، أصبحت تجد أمانها في تأمين متطلباتها المادية، وإن كان خروج المرأة للعمل أمرا جيدا إلا أنه أثر وبشكل ملحوظ جدا في تربيه النشء الجديد، فالأم هي المدرسة الأولى للأطفال وهي أساس التربية، فهي من تزرع أفكارها في عقول رجال ونساء المستقبل، وإن كانت الأم لا تشعر بالأمان والارتياح فكيف لها أن تربي جيلا سويا نفسيا!!
وقد خلق الله -عز وجل- النساء وأوكل لها مهمة تربية الأبناء ووضع فيها العواطف والحنان والحب وغريزة الأمومة حتى تستطيع أن تقوم النشء الجديد وتغذية عاطفيا، ليكون الجيل الجديد علي استعداد لمواجهة المستقبل وبناء المجتمع الصحيح، ولكن نجد الكثير من الجيل الحالي يعاني من الكثير من المشاكل النفسية وهي وليدة عدم التنشئة الدينية السوية وكذلك تربيتهم في بيئة أسرية غير مستقرة، لذلك نجد الفتيات يفضلان الاستقلال المدى أولا عن الاستقلال الأسري وذلك بسبب عدم الإحساس بالأمان وفقدان الثقة في كل من حولهم.
وأيضا تفشي ظاهرة العنف ضد المرآة والتي انتشرت بكثرة هذه الأيام فنجد حوادث مثل حادثة “آيه عادل” التي سقطت من نافذة منزلها بالأردن بعد العنف الذي تعرضت له من قبل زوجها وإثبات الطب الشرعي آثار تعذيب علي جسدها، وأيضا حادثة “نيرة شريف” التي تم طعنها على يد القاتل “محمد عادل” وتم تنفيذ حكم الإعدام عليه، وحادثة سوهاج المأساوية حيث قام الزوج بتعذيب زوجته وإجبارها على شرب مادة “البوتاس” الكاوية للجلد وغيرها من أحداث مأساوية تقشعر لها الأبدان.
فكل هذه الأشكال من العنف ضد المرأة، تسببت في خوف الفتيات من الزواج وتكوين أسره فلبعض يجد أن سلاح المرأة الحديث هو عملها واعتمادها على نفسها واستقلالها المادي حتى لا يكون هنالك من يتحكم فيها وفي اختياراتها.
وإن كنا نريد صلاح الأجيال القادمة فعلينا أن نقوم ونقوى ونعزز المرأة المصرية ونوفر لها قوانين مغلظة تحمي حقها وتشعرها بالأمان والارتياح لتقود العالم إلى مستقبل مشرق كما كانت تفعل في العصور الفرعونية القديمة، فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة ووصيه النبي عليه الصلاة والسلام وهي سلاح المجتمع الناجح.