متابعة
جمال سالم
محمد الساعاتي
حصل الباحث/ عراقي فتح الله مسلم ياسين، على درجة (الدكتوراه) بمرتبة الشرف الأولى في الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم – جامعة القاهرة، وموضوعها ” الترجيح بأسباب النزول في الأحكام المتعلقة بالنساء”
تكونت لجنة الإشراف والمناقشة:
أولا: إشراف كل من فضيلة الأستاذ الدكتور محمد قاسم محمود المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية ووكيل كلية دار العلوم سابقاً، والأستاذ الدكتور عبد الناصر ثابت حامد، أستاذ الشريعة الإسلامية٠
ثانياً: أعضاء المناقشة كل من : الأستاذ الدكتور محمد صلاح سعد، رئيس قسم أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، والأستاذ الدكتور على عبد القادر عثمان، استاذ الشريعة الإسلامية ووكيل كلية دار العلوم
أوضح الباحث أن سبب اختياره الموضوع :
أولاً: ارتباط أسباب النزول بالملابسات والأحداث التي تخص الأحكام المتعلقة بالنساء؛ بلغت أكثر من ثلاثين موضعاً تقريباً مما ثبت فيه سبب نزول ورجح به أحد العلماء، فلاشك أن معرفة سبب نزول الآية يعين على فهم معناها، والإقناع بالحُكْم والحِكْمَة منها، فقد أُشْكِلت بعض الآيات على بعض العلماء، وكذلك من بعدهم؛ حتى عرفوا سبب نزولها.
ثانياً: اهتمام التشريع الإسلامي بالفوائد والحكمة من أسباب النزول، وتوضيح أنه يخاطِب كلِّ بيت وكل فرْدٍ في الأسرة، ومنها النساء بوجه عام والمرأة المسلمة بوجه خاص، فلا يكاد يخلو جزء من أجزاء القرآن الكريم إلا وذكر المواقف المتنوعة الخاصة بهم.
ثالثاً: إظهار جانب الترجيح في المواقف والآيات التي لها سبب نزول، ودحر كثرة الاختلافات والنزعات بالترجيح بذكر السبب والملابسات، وبيان السبب الذي ارتباط بالواقع المعاصر، وضرورة تحديد دور الترجيح والمنفعة منه لتحقيق الأمن والعدل بين الأسر داخل منظومة الوطن، واعتبار هذا مطلبًا وطنيًا، وإنسانيًا، وحضاريًا، لعدم الوصول إلى أغراض من شأنها الاختلاف وإيذاء الدين والوطن.
رابعاً: تمسك الإنسانية بالمنافع والفوائد، فالعقول البشرية تتعلق بالأسباب فما بالنا بأهم الفوائد المتعلقة بأسباب النزول
خامساً: دفع الشبهات عن أسباب النزول، ولإفراد الموضوع ببحث مستقل يبين عناية الله بهذه الأمور النافعة المهمة، والاستفادة من هذه الفوائد والحكم القرآنية وخصوصا في هذا الوقت الراهن لتزداد هذه القلوب رضا بربها وتعلقاً بكلامه الكريم، والتصدي للجهل، والإرهاب، والفقر؛ وتنمية التكافل الاجتماعي في الخير، ونقل الأخلاق الحميدة بين الأسر والمجتمعات وبخاصة النساء؛ لإيجاد مربية قادرة على التحمل والتضحية من أجل الأخر، مع أنه لا توجدْ رسالة علمية متكاملة وذلك حسب إطلاع الباحث.
أهداف الرسالة
عن أهمية الدراسة وأهدافها قال:لاشك أن علم أسباب النزول من أهم علوم القرآن نشأت حول القران الكريم؛ فمن خلال معرفة أسباب النزول نستطيع أن نقف على معاني القرآن ومناسباته التي نزل فيها، ولأهمية هذا العلم؛ فقد كان محطَّ اهتمام وتأليف منذ القدم، وتظهر أهمية الدراسة فيما يلي:
1- معرفة الحكمة من التشريع، أو معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم حيث قام التشريع الإسلامي على رعاية مصالح الإنسان، لا على الاستبداد والتحكم والطغيان، خصوصًا إذا لاحظ سير ذلك التشريع، وتدرجه في موضوع واحد، كالتيسير على الناس، ورفع الحرج عنهم ورحمة الله تعالى بالناس.
2- فهم كلام الله تعالى على الوجه الصحيح، وإزالة ما قد يقع من الإشكال أو الالتباس في فهم بعض الآيات
3- معرفة اسم من نزلت فيه الآية، وتعيين المبهم فيها، حتى لا يشتبه، ودفع توهم الحصر، فمعرفة أسباب النزول والحوادث والملابسات والقرائن التي احتفت بنزول الآيات، كل ذلك مما يساعد على فهم كلام الله تعالى، وتيسير الحفظ، وترسيخ الآيات في ذاكرة الإنسان
4- رفعٌ للإشكال في فهم بعض الآيات التي ارتبطتْ بأسباب نزول معينة، وإن كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم ومقرر، ومن ناحية النظم القرآني نقف على دقة التركيب في التعبير القرآني، ووجوه الارتباط بين أجزاء النظم، وكيف ترتبط الآيات ببعضها، وتنسجم وتتلاحم فيما بينها، فلا يُمكن لأحدٍ أن يُدرك مُراد الآية، ومعرفة تفسيرها دون الرجوع إلى سبب النزول، ومعرفة قصّتها.
5- نزول الله القرآن مُنجَّماً؛ أي مُفرَّقاً؛ تماشياً مع الأحداث، والوقائع؛ فأيّ واقعةٍ وقعت، وأراد المسلم معرفتها، أو توضيح المقصود منها، لذا كان وسيلة في بيان حقيقتها، مثل: اللعان، والظِّهار، وبذلك يتوصّل القارئ إلى الحِكمة من التشريع، واستشعار مدى رحمة الله -تعالى-؛ إذ لم يترك عبادَه دون ضابطٍ، أو شَرعٍ يضبط أمور حياتهم، كما أنّ معرفة سبب النزول تسهم في التعليم، والتربية، وتزكية النفس؛ وكيفيّة التعامُل مع الناس حسب واقعهم، وتساعده في كيفيّة طَرح القضايا، والنقاش فيها، ومن شأن ذلك إظهار عناية الله بعباده المؤمنين، ويقول الامام الواحدي: “لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها » إن كان لها قصة أو سبب نزول.
6-عدم خضوع أسباب النزول للاجتهاد، أو الرأي؛ لأنّه أمرٌ واقعٌ نزلت بشأنه آيةٌ، أو سورةٌ، وقد ذكر الواحديّ أنّ مصدر أسباب النزول الرواية والسَّماع مِمّن عاصروا التنزيل، ولديهم العِلم بالأسباب، وبَحثوا عنها
7-عدم معرفة الترجيح بين أسباب النزول أو بها: قد يُؤدّي إلى حدوث الإشكال، والنِّزاعات، ممّا يُؤدّي إلى الجهل بالمعنى المُراد من الآية، ويُوقع الخِلاف، فمعرفة قواعد الترجيح بأسباب النزول يزول الاختلاف والنِّزاع في تفسير معاني القرآن، والترجيح بها خاصة في أحكام النساء والتعرف على درجة ومنزلة هذه الأسباب بين العلوم القرآنية، وجمع أفضل الفوائد والحكم المتعلقة به
قضايا هامة
تناولت الرسالة العديد من القضايا المتعلقة بالمرأة مثلها: ارتباط حرية المرأة بمسؤوليتها،ارتباط العدالة بين النساء بالمساواة، وارتباط حقوق المرأة بالواجبات، وتغير أحكام المرأة بتغير الواقع، الترجيح بأسباب النزول في أحكام العقائد والعبادات والانكحة المتعلقة بالمرأة، المساواة بين المرأة والرجل في الثواب والعقاب، حكم فرقة المرأة من زوجها لاختلاف دينها، أحكام المرأة عند الشدائد، حرمة تشاؤم المرأة، أحكام التسفه في النساء ،أحكام الحيض والنفاس، أحكام حج المرأة، الترجيح بأسباب النزول في أحكام انكحه المرأة وعدتها ، حكم الزواج في حق سيدنا محمد رسول الله، وهبة المرأة نفسها، حكم زواج المسلمة بغير المسلم، حكم زواج الربيبة وأخذ مالها ،حكم الصداق والأخذ منه، حكم التعريض بالخطبة للنساء، أحكام العلاقات الزوجية في رمضان، حكم العضل في الزواج ،حكم تعدد الزوجات، وحق المرأة في اختيار الزوج، أحكام الحيض، والعدة، والنفقة، والميراث، واللعان، والظهار، والحدود، والجنايات، والملابس، الترجيح بأسباب النزول في أحكام الحيض، والحضانة، والنفقة، والعدة، أحكام في الطلاق، وخيار المرأة بالبقاء أو الفسخ، الطهر والحيض وأثرهما في عدة المرأة، أحكام عدة المرأة ألأرملة، أحكام ميراث المرأة، حكم الحجر على ميراث المرأة، الترجيح بأسباب النزول في أحكام، اللعان، والظهار، والحدود، والجنايات المتعلقة بالمرأة
نتائج وتوصيات
توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج والتوصيات أهمها:
أولاً: اظهر البحث من خلال النصوص التي نزلت من السماء المتعلقة بالمرأة؛ الرفق بها والاحسان اليها، وعدم ظلمها، وحرمة العبث في أي علاقة او اشتراك معها، وذلك يجعل القلب لينًا رقيقًا منيبًا إلى الله ولما له من الثواب العظيم والأجر الجزيل، كما أن الاهتمام بالنساء يزرع في نفوسهم الحب والتقدير لمن حولهم وشعورهم بالكمال كغيرهم ممن حولهم، وإهمال المرأة يجعلها تنحرف عن الصواب.
ثانياً: أسباب النزول التي تخص المرأة صالحة لجميع الأوقات والأماكن للعمل والتمسك بها في الفتوى كما ثبت أن هذه النصوص ليست جامدة كما أنه يضبط أمور كثيرة ومهمة ومختلفة للأحكام العاصمة في مجال فتاوى المرأة، فالقرآن له دور كبير وعظيم بإجماع الفقهاء في الحفاظ على المرأة وتسهيل العقبات لها وفي بعض المواقف تميزها، فقد أبطل ما كان عليه الناس في الجاهلية من قتلها ومن الحرمان من الميراث، وحرمة التعدي عليها وتيسير الأمور لها، واحترام عفتها، وتقوية ضعفها، وتعليمها الأساليب الحديثة والتدريب المناسب لها، والتعامل معها بالرفق واسقاط الشدة عنها، فالتوسط أجمل الأشياء؛ لذا يجب تنفيذ ما تستقيم به أمورها لهول الملفوظ والملحوظ .
ثالثاً: التأكيد على عِظم منزلة الترجيح في الشريعة الإسلامية، وخاصة ما يتعلق بقضايا المرأة والتي نجتهد فيها بقدر المستطاع لما لها من أهمية بالغة في الواقع المعاصر في الآونة الأخيرة والتي لا يمكن الاستغناء عنها لصلاح الاسرة والمجتمع، وتوضيح الآراء وترجيح المناسب منها حفظ للمرأة من الوقوع في الزلل أو الوقوع في الخطأ؛ فينبغي لأهل الفتوى تحري هذا الأمر والعمل به قدر المستطاع ولا يعني هذا التقليل من شأن الفتاوى الفردية فلها أهمية واضحة بشرط أن لا ينساق المفتي مع هوى العامة أو الخاصة.
رابعاً: رد البحث على الطابع الغالب من التشدد الديني في قضايا المرأة عند بعض المؤسسات الدينية، من أجل المحافظة على هويتها والدفاع عن حجابها وحشمتها والردّ على الشبهات التي تثار ضدها، واتهام التيارات المنافسة الأخرى بمحاولة تغريبها وإخراجها من دينها، ومع أهمية هذا الطرح إلا أنه شكَّل القاعدة في الخطاب الإسلامي للمرأة والتعامل مع قضاياها، من غير سعي للخروج من هذا الفلك الخطابي والتحذيري إلى ميدان الخطط والعمل المبرمج واستشراف المستقبل نحو آفاق جديدة للتغيير والإصلاح المطلوب .
خامساً: البيوت تدار بالود لا بالقوة والقهر، وتسر أمورها بالاحترام والاهتمام والتيسير والتغافل عن الصائر لا بالشدة والأنانية والتناطح والعناد والكبر، فمثلا أباحت الشريعة الإسلامية التعدد بنصوص من الكتاب المجيد والسنة النبوية المشرفة بشرط العدل بين الزوجات، وحددته بأربع نساء فقط، والاقتصار على واحدة في حالة الخوف من عدم العدل، فلم يكن الغرض منه اشباع غريزة الرجل واستمتاعه، لأنه يعالج مشاكل إنسانية ويدرأ مفاسد أخلاقية هدامة، وله أهداف نبيلة، وبواعث فطرية وواقعية .
سادسا: تدريب الأسرة احترام وتقدير كتاب الله وسنة النبي الكريم لتنمو المرأة في بيئة سوية وسليمة؛ لذا كل أفراد المجتمع صالحين، فيحقق الثبات والتماسك والقوة المنشودة؛ لمواجهة التحديات والصعاب والتفكك المشهود، فيقوى المجتمع ولا ينهزم أمام الشدائد بتماسك أفراده وتعاونهم وتآزرهم، لأن الوحي الكريم ينظيم ويراعي أهله ويحفظ حقوقهم فيكون متكاتفًا متراحمًا.
سابعا: توجيه طلبة العلم للبحث في أحكام التعامل والاخلاق وعلى رأسها قضية النساء؛ لأنها مربية الاجيال وصانعة الابطال؛ لحاجة كل إلي الإصلاح فرضا على الفور لا على التراخي، وتدريب الأطفال للعمل والاقتناع بالحوار ومراعاة الوقت النظام، وحب الأوطان والانتماء لها، فهذه وتوعية إلى القراءة الجادة عن الإسلام والمرأة، ومضامين هذا الدين العظيم ومصادره، وتقوية الوازع الديني؛ لتحقيق الرضا عن الوضع الأسري، وزراعة الثقة، الاهتمام بالتربية بما يحقق التنمية المستدامة .
ثامنا: تأسيس أسس علمية مستقاه من الوحي الكريم وإتاحته للباحثين والراغبين في المعرفة العادلة في العالم من خلال أحكام تخص المرأة ومكانتها في الدين الاسلامي ، وتوصيل رسالتهم رسمياً، وعقد مسابقات علمية وعملية لها جوائز قيمة لأحسن الأبحاث التي تقدم في مجال الدراسات الإسلامية خاصة في التعامل مع النساء.
تاسعا: ضرورة تنظيم قانون يُعرف باسم تجريم التشدد معها، ويسن التشريعات اللازمة للمساواة بين افراد المجتمع في كل ما يتعلق بهم على مستوى الزمان والمكان، لبناء الوعي الملزم لدى المرأة المسلمة عموماً والعاملات في ميدان الدعوة والإصلاح خصوصاً، فالواقع يشير أن هذا البناء لم يظهر بصورة كافية تستطيع النخب النسائية من خلالها التفاعل مع قضاياهن بالمنهجّية العلمية المناسبة لطبيعة المكان والزمان، وابراز أهم ملامح ضعف الوعي لدى النخب النسائية في عدم قدرتهن على المنازلة والمناقشة العلمية والعقلية والاقتصادية والسياسية والحضارية لقضاياهن ، فضلاً أنهن لا يملكن أدوات القيادة للحراك الثقافي داخل مجتمعهن النسائي.
عاشرا:العمل على إعداد فقيهات مؤهلات يقمن بدراسة واقع المرأة بكل إشكالاته وإيجاد الحلول الفقهية المناسبة لقضاياهن، والعمل على تطوير المناهج الدراسية في فقه المرأة ليستوعب كل احتياجاتها المعاصرة والمستقبلية، وتقوية العمل النسائي في المؤسسات الدينية وتفعيله من قبلهن دون الحاجة إلى إدارة الرجال المباشرة لكل تفصيلات العمل، مع التركيز على بناء الشخصية القيادية المتكاملة والشاملة روحياً وفكرياً وسلوكياً واجتماعياً ، والتجارب الإقليمية تؤكد أن تولي المرأة شؤونها وإدراكها بنفسها حجم الحاجة والأهمية قد يقودهن ذاتياً إلى دور مميز في المستقبل القريب.
حادي عشر: إدراج مواضيع تتحدث بشيء من التفصيل عن النساء في المناهج الدراسية، وإنشاء مقالة لأشهر الكتاب في أشهر الصحف خاصة بهذا تصدر متوالية، تلقي الضوء على الترجيح بأسباب النزول في الأحكام المتعلقة بالنساء، وعمل نواد تعلمية، وترفيهية، وثقافية، وإرشادية، حتى للأطفال، وتثقيف الطفل وتوعيته بحقوقه وواجباته تجاه نفسه وماله وأسرته ومجتمعه وماله .
ثاني عشر: ضرورة تشجيع الجمعيات الخيرية المنتشرة في مصر، لإيجاد حلول لمشكلات الأسرة لتوفير الدعم الكامل للمستحقين من هذه الجمعيات، من خلال تأهيله وتربوية خاصة، وأن تقوم وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة بتبصير المجتمع بحرمة سمعة المرأة وضرورة المحافظة عليها. وإنشاء صندوق خيري خاص بالضعفاء ، بما يضمن لهم عيشًا كريمًا، مع الحرص على المساواة التامة بينهم، حلول الصعوبات التي تواجه، وحمايتهم من الفقر والمرض والانحراف والتسول. واستحداث هيئات إسلامية رسمية، أو شعبية، أو عبر الشبكة الدولية للرد على المشاكل في كافة النظم والقوانين والعادات المخالفة لروح الإسلام وتعاليمه، وإعداد برامج إعلامية (تلفاز – إذاعة – صحافة ومجلات).
