بقلم الدكتور عادل القليعي
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان
نعم دفاعنا، واكررها دفاعا وليس هجوما فنحن أمة لا تهاجم أحدا ، وإنما نتصدى بالدفاع عن أي شبهة تثار حولنا وحول قضايانا ، ندافع متسلحين بالحجة والدليل والبرهان المدعوم بآراء أشاوستنا الأكارم رحم الله من ارتقى منهم وبارك في أعمار من يحيا.
واجهت الأمة العربية والإسلامية حملات شرسة وجهها الغرب لأمتنا إن تشكيكا فى المعتقد أو طعنا فى نبي آخر الزمان صل الله عليه وسلم ، أو حتى تشويها لكل منتوج حضاري فكري قدمته هذه الأمة الإسلامية للعالم أجمع.
فرأينا فريات كثيرة آثارها بعض المستشرقين الذين استخدمهم الغرب عصا يضربون بها أئمتنا وعلماءنا ومفكرينا ومبدعينا مغدقين عليهم الأموال الطائلة وتدريبهم أدق تدريب على كيفية إثارة البلبلة والفتن عند أبناء الشعوب العربية والإسلامية.
وللأسف سلكوا هذا المسلك ليس عن طريق مبشرين وقادة حملات التبشير من الغرب فقط ، وإنما عن طريق استقطاب مبشرين من الداخل ، من العمق العربي تم شراء ذممهم الخربة بالأموال القذرة ، فراحوا ينفذون أجندات مشئومة بحجة الحريات ، وإعمال العقل ، والتجديد وتطوير الفكر العربي المعاصر .
ليس التنوير والتحديث مقصورا على التجديد الديني أو ما يسمى بتجديد الخطاب الديني ، وإنما الغرض الدفين خلف هذه الأجندات تفريغ الدين الإسلامي من مضمونه وإخراجه عن مساراته الطبيعية، ويا ليت المسألة اقتصرت على المعاملات فقط فيما بيننا ، ولكن جاوز الحد المدى فبلغ التطاول على العبادات وعلى التشريع تطاولا على الكتاب والسنة ، إن عن طريق تأويلات خبيثة لآي القرآن أو تبجح على السنة المباركة وتطاولا على شخص المعصوم صل الله عليه وسلم.
نعم ثم حقد دفين على هذه الأمة المباركة التي قال عنها ربها خير أمة أخرجت للناس ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وهذه عظمتها ، حتى وإن كان قد أصابها الضعف والوهن فستعود سيرتها الأولى لأن ذلك أخبر عنه النبي صل الله عليه وسلم.
حقد دفين لم يستطع إخفائه هؤلاء ، فكيف لأمة بلغت هذا المبلغ من التقدم في كآفة المجالات ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية في ما لا يزيد عن قرن من الزمان تصل إلى ما وصلت إليه من التقدم العلمي فى الفنون والزخارف والآداب والعلوم الإنسانية ، سواء كانت نظرية أو عملية.
فنتيجة حتمية أن يوجهوا سهامهم المسمومة الغادرة صوب هذه الأمة للنيل منها ومن دينها وقيمها ومبادئها وعاداتها وتقاليدها حتى تكون لهم الغلبة والسيادة والسيطرة.
فراح الغرب يضرب فى اتجاهين أولهما ، إنشاء كراسي لتعلم لغات الشرق ، وخصوصا اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم ، لا حبا فى اللغة العربية ولا حبا فى القرآن ، وإنما لدراسة القرآن الكريم للرد على المناظرين لهم والمحاججين .
وأيم الله فقد انقلب السحر على الساحر ، فأكثر من درسوا القرآن الكريم وتدبروا آياته ، تركوا دياناتهم واعتنقوا الإسلام ، فازداد غيظهم فما عساهم فاعلون ، يتجهوا إلى أمر آخر ، شرح كتبهم المقدسة لمحاولة إفهام جماهيرهم بحقيقة دياناتهم وأنها الديانات الحقة.
وبمنتهى الموضوعية فلهم الحق في ذلك ، كل يدافع عن معتقده بالطريقة المناسبة التي يرتضيها ، لكن ما ليس لهم حق فيه الطعن على ديانات غيرهم ومحاولة تشويهها بشتى الطرق.
وهذا ما يجعلنا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا التشويه وهذا الطعن الممنهج.
وهذا ليس جديدا على قادة الفكر العربي والإسلامي والفكر الديني سواء فى العصر الحديث أو المعاصر أو حتى فى العصور الوسطى الإسلامية فدفاعات أئمة الفكر الإسلامي المشارقة والمغاربة ليست بخافية على أحد.
أما في عصرنا الحالي فمؤلفات علمائنا تملأ المكتبات وتسجيلاتهم الإذاعية وندواتهم مشهورة ومعلومة للجميع أيضا.
فوجدنا المنافحين والمدافعين عن الدين الإسلامي وعن تراث أمتنا العربية والإسلامية ، فقرأنا لشيخنا الجليل العلامة مصطفى عبد الرازق ، قرأناه مناقشاته لارنست رينان ورده عليه عندما قسم الشعوب تقسيما عنصريا إلى أجناس آرية وأخرى سامية ، قرأنا ذلك فى تحفته المعنونة تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية.
قرأنا مؤلفات عالمنا المجدد الشيخ أمين الخولي، المجددون فى الإسلام ، وتعرفنا على حقيقة التجديد ومفهومه بما لا يخل بثوابت نصوصنا.
قرأنا مؤلفات شيخنا الجليل عبد الحليم محمود ورأيناه يتصدى لأحدي فريات بعض المستشرقين وأن الإسلام يقف حجر عثرة في طريق التقدم العلمي والتقني مثبتا بالأدلة النقلية والعقلية أن الإسلام دعوة إلى التقدم وإلى المواكبة وإلى المعاصرة.
شاهدنا بعض المناظرات الكبرى لأستاذنا الدكتور محمد عمارة ، رأيناه يصول ويجول بأدلته وحججه المنطقية التي تتهافت أمامها حجج المبطلون من متعلمني العصر ، حججه التي أثبت خلالها صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان متحديا أولئك الذين يقولون بتاريخانية النص ، وأن النصوص نزلت لفترة معينة ولا تصلح لعصرنا الحداثي.
نعم وستستمر الجهود وسيستمر الدفاع والنفاح عن أمتنا العربية والإسلامية وعن ديننا وسنتصدى بكل ما أوتينا من قوة لأية فرية أو شبهة سيثيرها المغرضون ضد أمتنا وضد إسلامنا وضد عروبتنا.
وقد كانت لي تجربة متميزة في هذا الشأن فقد أفردت الإذاعة المصرية سلسلة حلقات رددت فيها على فريات بعض المستشرقين داحضا بالدليل والحجة كل شبهة من هذه الشبهات في برنامج متميز فى الإذاعة المصرية ، إذاعات البرنامج الثقافي ، برنامج نظرات فى الاستشراق .
ولن نتأخر أبدا ما حيينا عن نصرة أمتنا العربية والإسلامية ، وسندافع عن عروبتنا وعن قضايانا إلى أن تتبوأ أمتنا العربية والإسلامية مكانتها اللائقة بها بعز عزيز أو بذل ذليل.