محمد الحيدر: العلاقات الأمريكية الخليجية ركيزة أساسية للتوازن السياسي والأمني في الشرق الأوسط
د. عبدالله العوضي: الضغط المستمر على إسرائيل لتقليل الخسائر المدنية في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية
كتب أحمد شعبان
أكدت القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت بالرياض أمس الأربعاء، بمشاركة عدد من قادة ومسؤولي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضرورة وقف إطلاق النار في غزة.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال كلمة الافتتاح إن القمة الخليجية الأمريكية تعكس حرصا على تطوير التعاون والعمل الجماعي من أجل استقرار المنطقة.
وأضاف ولي العهد السعودي: نسعى لوقف التصعيد في المنطقة وإنهاء الحرب في غزة وإيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية، مشيداً بالقرار الذي اتخذه الرئيس ترامب أمس برفع العقوبات عن سوريا.
وخلال كلمته، أشاد أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بقرار ترامب برفع العقوبات عن سوريا، آملاً في الوقت ذاته أن تكون هذه القمة بداية لإنهاء هموم المنطقة، مؤكداً أيضاً ضرورة قيام الدولة الفلسطينية بناء على المبادرة العربية للسلام.
وبدوره، قال نائب رئيس مجلس الوزراء العماني، أسعد بن طارق: إننا قلقون إزاء الأزمة الإنسانية في غزة، مشيداً بالدور البناء للرئيس ترامب في اليمن وعودة الملاحة البحرية.
وأشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال كلمته في القمة بالعلاقات الاستراتيجية القوية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي، مؤكداً إنه يجب الإفراج عن كل الرهائن في غزة والعمل من أجل إحلال السلام بدعم من قادة هذه القمة.
ركيزة أساسية
وحول العلاقات القوية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، قال الكاتب والصحفي السعودي، محمد الحيدر، إن العلاقات الأميركية الخليجية تُعد ركيزة أساسية في منظومة التوازن السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك للاستقرار الإقليمي والدولي، مؤكداً أن زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى دول الخليج تحمل في طياتها دلالات استراتيجية مهمة، خاصة مع انطلاقة فترته الرئاسية الثانية.
وأوضح الحيدر، أن العلاقات التاريخية السياسية والدبلوماسية بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي؛ قامت على أساس المصالح المشتركة، بدءًا من ضمان تدفق النفط وصولًا إلى مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، لذا تعكس زيارة ترامب استمرار هذا النهج، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز شراكاتها في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة.
وأشار الحيدر إلى أنه في عهد الرئيس ترامب وولايته الأولى، شهدنا تقاربًا ملحوظًا بين واشنطن وبعض العواصم الخليجية، تجسدت في تنسيق المواقف تجاه قضايا إقليمية حساسة، وهذا التقارب ساهم في تشكيل تحالفات استراتيجية لمواجهة التهديدات المشتركة.
وأكد الحيدر أنه نتيجة هذه العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، تسعى أميركا إلى الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية والعربية، وتظل أولوية استراتيجية لواشنطن، ولذلك تمثل زيارة ترامب فرصة لتنشيط هذه الجهود الدبلوماسية، خاصة في ظل التحديات المستمرة التي تواجه المنطقة.
واعتبر الحيدر أن الروابط الاقتصادية والاستثمارية تعد حجر الزاوية في العلاقات الأميركية الخليجية، لأن دول الخليج ليست فقط مصادر رئيسية للطاقة، بل هي أيضًا أسواق استهلاكية مهمة ووجهات استثمارية جاذبة للشركات الأميركية، وفي المقابل، تستفيد دول الخليج من الاستثمارات الأميركية والتكنولوجيا المتقدمة لتنويع اقتصاداتها وتطوير قطاعات جديدة.
ويرى الكاتب الصحفي السعودي، أن التعاون الأمني والاستراتيجي يعكس بُعدًا حيويًا في العلاقات الأميركية الخليجية، فقد كانت الولايات المتحدة الضامن الأمني الرئيسي لدول الخليج، وتجلى ذلك في اتفاقيات الدفاع المشترك والوجود العسكري الأميركي بالمنطقة، في ظل التحديات الأمنية المتزايدة، مثل الإرهاب والتطرف والتدخلات الإقليمية.
وأشار الحيدر إلى أن العلاقات بين الجانبين تتسم بتنوع مجالات التعاون، التي تشمل التعليم، والصحة، والثقافة، والبحث العلمي، وهذه المجالات وإن كانت أقل بروزًا من الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، إلا أنها تساهم في بناء جسور من التواصل والتفاهم بين شعوب المنطقة والولايات المتحدة.
واختتم الحيدر حديثه، مؤكداً أن المستقبل يحمل فرصًا وتحديات لهذه العلاقات بين الجانبين، إلا أن التوجه نحو تنويع مصادر الطاقة في العالم قد يؤثر على الدور الاقتصادي التقليدي لدول الخليج، ومع ذلك، فإن التزام دول الخليج بتحديث اقتصاداتها والاستثمار في التكنولوجيا يمكن أن يخلق فرصًا جديدة للتعاون مع الولايات المتحدة في مجالات مبتكرة.
علاقات متوازنة
ومن جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي، الدكتور عبدالله العوضي، إن الجميع يدرك أهمية موقع الولايات المتحدة الأميركية من النظام العالمي كقوة عالمية عظمى، وكذلك أهمية مجلس التعاون لدول الخليج العربية لأميركا من الناحية الجيوسياسية، مشيراً إلى أن دول الخليج بدأت منذ عقود في بناء علاقات متوازنة مع أميركا، ومتوازية مع بقية القوى العالمية المؤثرة في العالم من حولنا.
وأوضح العوضي، أن دول الخليج مرتبطة استراتيجياً مع الولايات المتحدة، ولا تتعامل مع أميركا وفقاً لأجندات الأحزاب السياسية التي تتنافس على الحكم، وإنما تتعامل مع الدولة الأميركية العميقة، مؤكداً أن ثوابت العلاقات السياسية الخارجية في دول الخليج؛ مُتغيرات تتأثر بدورة الزمن والتاريخ وفقا للمصالح الإقليمية المشتركة.
وأكد «العوضي» أن العلاقات الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأميركية راسخة وثابتة ولم تتغير مع أي رئيس أميركي مع كل دورة انتخابية، والمختلف هنا هو فقط في طريقة إدارة ترامب للحكم خلال فترة رئاسته الثانية، حيث يعتمد على عنصر المفاجأة والصدمة ووضوح قراراته وصراحته الشديدة في تعامله مع الملفات الساخنة وخاصة ما يهم الخليج.
وأشار «العوضي» إلى أن دول الخليج من خلال علاقتها بأميركا، تسعى إلى الحصول على ضمانات أمنية إقليمية أعمق، فضلا عن الضغط المستمر على إسرائيل لتقليل الخسائر المدنية في قطاع غزة وضمان الحصول على المساعدات الإنسانية.
واختتم «العوضي» حديثه مشدداً على أن هناك ملفاً مهماً بالنسبة لدول الخليج تريد من أميركا أن يكون لها قوة الدفع تجاه تحقيقه خلال زيارة ترامب لدول الخليج، ألا وهو الملف الأطول زمنيا في التاريخ العربي الحديث “الدولة الفلسطينية” الذي أخذ وقتا كافيا لتحويله إلى واقع يضع حدا للصراع العربي الإسرائيلي، ولكي تتنفس المنطقة أمنا واستقرارا وازدهارا.