خُلُقُ الحياء ليس مجرّد شعور نفسي أو مظهر خارجي أو احمرار الوجْه، بل هو خُلُقٌ يمنع الإنسان من فعل ما يُغضب الله، ويحثّه على فعل الخير وتعزيز شعور المراقبة من الله، وشعور الإنسان بالخجل من أن يذنب حتي في السّرّ “الحياءُ خيرٌ كلّه”، قال سيّدنا النبي في حديث أبي مسعود عُقبة بن عمرو الأنصاري: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”.
القرآن الكريم دستور الأمّة فهو منهج حياة وقد حثّ سيّدنا النبي علي الأخلاق فقال “إن خياركم أحاسنكم أخلاقا”.
ذُكر الحياء في القرآن ثلاث مرات، الحياء مع الله، قال تعالى: {إنَّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها} (البقرة: 26).
هنا يُبيِّن أن الحياء الإلهي ليس كحياء البشر، بل هو يليق بعَظَمة الله، ويُفهم منه أن الحياء في موضعه لا يمنع من قول الحق أو بيان العلم.
في حديث أبي سعيد “كان رسول الله أشدّ حياء من العذراء في خِدْرِها، وإذا رأي شيئا يكرهه عرفناه في وجهه”، كان يستحيي أن يباشر أصحابه أو يقابلهم بما لا يحسن، وكان طيّب المحادثة، كريم الأخلاق، وكان يستحيي أن يصدر منه شيء يخالف الأخلاق وقال “الحياء لا يأتي إلا بالخير” متفق عليه، “الحياء كله خير”.
الحياء مع الرسول قال تعالي: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)” سورة الأحزاب.
وحياء المرأة قال عنه تعالي: ” فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25)” سورة القصص، تظهر الآية موقف الفتاة التي جاءت موسي عليه السلام وهي تمشي علي استحياء يبرز الحياء كصفة طبيعية في الإنسان.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم: “الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعبة من الإيمان”، وقال “الحياءُ من الإيمان” البخاري ومسلم.
والحياء من الله قال عنه سيدنا النبي في حديث الترمذي “استحيوا من الله حق الحياء…”، فمن استحيا من الله فليحفظ الرأس وما وعي، وليحفظ البطن وما حوى.