نقابة القراء: صاحب مدرسة.. سجله حافل بالعطاء
كتب- محمد الساعاتى:
ودَّعت مصر فضيلة القارئ العلم الشيخ السيد سعيد (١٩٤٣-٢٠٢٥م) الملقّب بـ(سلطان القراء) عن عمر يناهز ٨٢ عاما، بعد رحلة عطاء ثرية قضاها فى خدمة كتاب الله حيث طاف العالم شرقا وغربا تاليا للقرآن الكريم بالمراكز الإسلامية بدول العالم.
ونعى الشيخ محمد حشاد، شيخ عموم المقارئ المصرية ونقيب القراء، الشيخ السيد سعيد بقوله: فَقَد العالم الإسلامى ودولة التلاوة المصرية أحد أعلامها البارزين الشيخ السيد سعيد الذى كثيرا ما شرّف مصر الأزهر والأوقاف كأحد سفراء القرآن بأنحاء العالم، زاملته فى إحياء ليالى شهر رمضان بدولة الإمارات لمدة ثلاث سنوات متتالية، وكان معنا الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، ومما يجب قوله فى شهادتنا فى الشيخ السيد سعيد أنه من القراء المجيدين، وصاحب مدرسة مستقلة أمتع بها العالم، وسيظل التاريخ يذكرها بكل خير، وله الكثير من المقلّدين الذين زادت شهرتهم بسبب محاكاتهم لهذه المدرسة العملاقة، مما يجعل التاريخ يذكره بسجله الحافل وتاريخه المشرف”.
قال محمود صلاح- من أصدقاء الفقيد-: شهدت بلدته “ميت مرجا سلسيل” مركز الجمالية بالدقهلية تظاهرة حب من محبى وعشاق سماع صوته، عند الصلاة على الجثمان، حيث امتلأ المسجد الكبير والشوارع المحيطة بأعداد كبيرة، أقل ما توصف به أنها (مليونية).
اللقاء الأخير
كانت “عقيدتى” قد قامت بزيارة الشيخ السيد سعيد للاطمئنان على صحته أثناء فترة علاجه بمعهد ناصر بالقاهرة وأجرت معه حوارا قال فيه:” أحمد الله تعالى أن ختم لى حياتى وأنا أرى هذا الحب الجارف من المحبين الذين عرفونى من خلال تلاواتى القرآنية، وما كان لى أن أُعرف داخل مصر وخارجها إلا بالقرآن الكريم.. وكثيرا ما كنت أحلم بعودة الكتاتيب، مما يجعلنى أناشد الدولة وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة عودة تفعيل دور الكتاتيب كسابق عهدها، حتى نضمن بقاء ريادة مصرنا الحبيبة وتبوّءها الصدارة فى مجال تلاوة القرآن كما هو الحال على مر العصور.
وحول وصيته للقراء الجدد قال الشيخ السيد سعيد:” أرجوهم أن يتقوا الله فى القرآن الذى هو كلام الله، وأن يراجعوا آيات سورة فاطر حتى يعلموا جيدا مكانة حامل القرآن: “ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ . جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ. وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ”.
هنا نجد أن الله ذكر ثلاثة أصناف فى صنف واحد، وأحيى الأزهر والأوقاف على اهتمامهما بعودة الكتاتيب التى أراها من أهم مصادر السعادة فى حياة المسلمين، حيث لا أمل لنا فى عودة القيم والمبادئ إلا بعودة الكتاتيب (كتّاب زمان).
وعن سرّ حب الناس له، قال: أحمد الله أن كتب لي القبول فى الأرض بسبب تلاوته الصحيحة للقرآن، مرددا قول الله تعالى: “… وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا”. يجب على كل قارئ للقرآن أن يتقى ربه فى قراءته للقرآن بالأحكام والإحكام حتى يضع له القبول فى الأرض، أكون فى قمة السعادة عندما أستمع لمن يقلدنى، وأحكم عليه وأنصحه وأطالبه بتعليم أحكام التجويد وأنصحه بعدم التنفيس فى القراءة، وكثير من الشباب كانوا يقصدوننى من أجل الحصول على النصيحة، فكنت أفرح بهم لحرصهم على السير فى الطريق الصحيح.
عن أول مرة قرأ فيها قال الشيخ: كانت أول مرة عندما سمعنى والدى وأنا أدندن بالقرآن، من هنا عنى بى عناية فائقة وأصبح هو أول من اكتشفنى وقدمنى لسيدنا الشيخ أحمد العوضى، ثم افتتحت مسابقة قرآنية بتلاوة قصيرة ومنحونى جنيها واحدا وقلم باركر، وبعدها بأيام دعيت للقراءة فى ذكرى المولد النبوى الشريف وحصلت على ربع جنيه مصرى.